الصومال تطلب من الأمم المتحدة إنشاء أروقة آمنة لإيصال المساعدات لضحايا المجاعة

كينيا تطالب بنقل بعض اللاجئين الصوماليين إلى بلدان أخرى

طفلة صومالية تنتظر الكشف الطبي لدى وصولها إلى معسكر داداب للاجئين على الحدود الكينية - الصومالية أمس (رويترز)
TT

أفادت مصادر حكومية صومالية رفضت الكشف عن هويتها، بأن الحكومة تعتزم توجيه نداء إلى الأمم المتحدة لإنشاء مناطق آمنة في جنوب الصومال، بهدف إيصال المساعدات إلى ضحايا الجفاف والمتضررين من المجاعة. وترى الحكومة أن الأمم المتحدة اتخذت خطوة كهذه عام 1992 عندما حدثت المجاعة الشهيرة بجنوب البلاد، مما استدعى دعوة مجلس الأمن إلى اتخاذ خطوة لإنشاء أروقة آمنة لإيصال المساعدات، وهو ما تحول فيما بعد إلى عملية إحياء الأمل التي قادتها الولايات المتحدة، وعليه فإن الحكومة الصومالية تسعى إلى إقناع العالم بتكرار هذه الخطوة لإنقاذ ملايين الصوماليين من الموت جوعا.

وأضافت المصادر أن المنطقتين التي أعلنتهما الأمم المتحدة بأنها منكوبتان بالمجاعة مرشحتان لهذه الخطوة، حيث إن منطقة «شبيلي السفلى»، بجنوب شرقي الصومال، متاخمة للعاصمة مقديشو، ويمكن تأمينها بواسطة قوات الاتحاد الأفريقي، كما أن منطقة «باكول» بجنوب غربي البلاد تقع في المنطقة الحدودية مع إثيوبيا، وعليه فإن التدخل فيها معقول ولا يتطلب تكاليف عسكرية كبيرة. وليس معروفا بعد ما إذا كان المجتمع الدولي مهيأ لاتخاذ خطوة كهذه التي تتطلب عملية عسكرية لإزاحة الشباب عن المنطقتين، في الوقت الذي ينفق العالم الملايين من الدولارات لدعم قوات الاتحاد الأفريقي الموجودة فقط في العاصمة مقديشو.

وكان رئيس الوزراء الصومالي، عبد الولي غاس، قد قال في تصريحات سابقة إن الحكومة الصومالية، بمساعدة قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، أنشأت منطقة آمنة في الجزء الجنوبي من العاصمة مقديشو؛ لتمكين المتضررين من تلقي المساعدات التي تقدمها الوكالات الإنسانية، على أن يتم توسيع هذه المنطقة إذا توفر الدعم المالي والعسكري، متهما حركة الشباب المجاهدين المعارضة بأنها تمنع الناس من مغادرة المناطق الخاضعة لسيطرتها بحثا عن الطعام.

من جهة أخرى، أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن وكالات الإغاثة لا تستطيع الوصول إلى أكثر من مليوني صومالي يواجهون الموت جوعا جراء المجاعة التي تضرب هذا البلد، ووصفت بأنها الأسوأ منذ عشرين سنة. وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج، جوزيت شيران، إن هناك 2.2 مليون شخص لم يتم الوصول إليهم بعد. وأضافت أنها «أخطر بيئة نعمل فيها في العالم، لكن الناس يموتون، الأمر ليس متعلقا بالسياسة، بل بإنقاذ الأرواح الآن». وأعلنت الأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، المجاعة في منطقتين جنوبي الصومال هما باكول (جنوب غرب) وشبيلي السفلى (جنوب شرق)، وحذرت من أنها يمكن أن تتفشى بسرعة إذا لم يتحرك المانحون. وتتهم حركة الشباب المنظمة الدولية بالمبالغة في تصوير الأزمة الإنسانية، ونددت بإعلان المجاعة في منطقتين بالصومال، ووصفته بأنه سياسي، مشيرة إلى أن جماعات الإغاثة التي طردتها من جنوب الصومال في 2010 لا يمكنها العودة متراجعة بذلك عن تعهد سابق في هذا الصدد. ويقوم وفد من الأمم المتحدة هذه الأيام بجولات مكوكية إلى مناطق مختلفة من الصومال لتقييم الوضع، في ظل تفاقم حدة المجاعة الناجمة عن ظروف الجفاف التي شهدتها المناطق الجنوبية في الصومال، وحملت الكثيرين على النزوح إلى دول الجوار ومناطق أخرى داخل الصومال، من بينها العاصمة مقديشو.

وتقول الأمم المتحدة إن موجة الجفاف التي تضرب المنطقة الواقعة بين الصومال وكينيا وإثيوبيا هي الأسوأ في العشرين عاما الأخيرة، وتؤثر على نحو 11 مليون شخص، مشيرة إلى أنه في جنوب الصومال يواجه 3.7 مليون شخص خطر الموت جوعا، في حين قدر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الاحتياجات العاجلة لمواجهتها بـ1.8 مليار دولار.

على صعيد آخر، دعت الحكومة الكينية المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي إلى نقل جزء من اللاجئين الصوماليين في أراضيها إلى مكان آخر؛ لتخفيف الازدحام الشديد عن المخيمات المخصصة للاجئين في الأراضي الكينية. وقال مساعد وزير الأمن الداخلي الكيني «أوروا أجوده». إن مخيم داداب في كينيا يستوعب الآن 514 ألف لاجئ صومالي، إضافة إلى 11 ألف نازح جديد يصلون إليها يوميا بسبب المجاعة الحالية. واقترح المسؤول الكيني أن يتم نقل بعض اللاجئين إما إلى داخل الحدود الصومالية وإنشاء مخيمات لهم هناك وتوفير المساعدات لهم؛ لتخفيف الزحمة عن مخيمات اللاجئين داخل كينيا، أو نقلهم إلى بلد ثالث مثل أوغندا وتنزانيا، أو أي بلد آخر يقبل استضافتهم.

وكانت كينيا قد وافقت مؤخرا على إنشاء مخيم جديد بالقرب من مخيم داداب، ونقل إليه حتى الآن نحو 40 ألف لاجئ؛ لتخفيف الزحمة عن المخيم الكبير. وتخشي دوائر سياسية كينية من أن يخل وجود هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين الصوماليين – بمرور الزمن - في أراضيها، بالتركيبة الديموغرافية لكينيا، حيث إن الكينيين من أصل صومالي يشكلون ثقلا سكانيا في كينيا حاليا. وهناك أنباء عن أن كينيا تدعم الجهود الرامية إلى إنشاء ولاية «جوبا لاند» في جنوب الصومال؛ ليشكل ذلك حاجزا بينها وبين مقاتلي حركة الشباب المجاهدين في المرحلة الأولى، ثم السعي لنقل اللاجئين الصوماليين في المخيمات إليها للتخلص من مشكلاتهم. ولا تزال الحدود بين الصومال وكينيا مغلقة بشكل رسمي، لكنها سمحت للنازحين بالعبور إلى المخيمات الواقعة داخل الأراضي الكينية عبر مناطق محدودة.