مصريون يرون في لغة المجلس العسكري «تشددا».. ويحذرون من تصاعد الخلافات مع ثوار التحرير

قالوا إن خطاباته الأخيرة «سلاح سياسي» لإقصاء المختلفين معه

رجل ينظف الطريق أمام مسجد النور في ميدان العباسية أمس بعد مصادمات بين متظاهرين وموالين للمجلس العسكري الحاكم قرب وزارة الدفاع ليلة أول من أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي وجه فيه 18 حزبا وحركة سياسية في مصر الدعوة للمجلس العسكري للعودة إلى الحكمة والإصغاء للآراء المختلفة والابتعاد عن أي محاولات لتخوين أو تشويه القوى السياسية دون دليل واضح، أكد مراقبون أن خطاب المجلس العسكري أصبح أكثر شدة عن ذي قبل، معتبرين ذلك سلاحا سياسيا لإقصاء المختلفين معه في الرأي وإعادة لتبني نفس خطاب الرئيس السابق حسني مبارك قبل ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكمه. وأرجع سياسيون سبب تغير لهجة الخطاب إلى خطأ تكتيكي وقع فيه متظاهرو ميدان التحرير استهدف المجلس مباشرة.

وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى إدارة شؤون البلاد بعد مبارك، صعّد من حدة بياناته عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، واتهم في الرسالة رقم 69 أول من أمس، حركة «شباب 6 أبريل» بالسعي للوقيعة بين الجيش والشعب، ودعا كافة فئات الشعب إلى الحذر وعدم الانقياد وراء المخططات المشبوهة، مؤكدا تصديه بكل قوة لهذه المحاولات، كما حذر في بيان آخر من محاولات القفز على السلطة أو تجاوز الشرعية.

ومن جانبه، قال الكاتب السياسي صلاح عيسى إن نبرة خطاب المجلس العسكري الأخيرة قد تغيرت، قائلا «أصبح هناك تعديل في لهجة خطابه وتشدد»، لافتا إلى وجود إشارات لذلك في البيانات السابقة، وخصوصا التحذير الذي ورد في بيان المجلس العسكري الذي ألقاه اللواء محسن الفنجري عضو المجلس العسكري، في 12 يوليو (تموز) الحالي، كما كانت هناك إشارات من هذا النوع في اللقاءات التي جمعت بين ممثلي الشباب وأعضاء في المجلس العسكري. وأرجع عيسى السبب في تغير نبرة حوار المجلس العسكري، لخطأ تكتيكي وقع فيه الثوار في ميدان التحرير، حيث استهدف قسم منهم المجلس العسكري مباشرة، وأخذ في رفع شعارات ولافتات تطالب برحيله، إضافة للتهجم على أعضائه ورئيسه.

وكشف عيسى عما قال إنها معلومات «قد لمح إليها، ولا أعرف مدى صدقها، ولا أظن أنها صحيحة، وهي أنه كان هناك ترتيب ما للمتظاهرين باقتحام مجلس الوزراء في مليونية يوم 8 يوليو الحالي، وإعلان عزل المجلس العسكري وتشكيل مجلس مدني يتولى إدارة شؤون البلاد». ولم يستبعد عيسى أن تكون هذه الواقعة هي ما دفعت اللواء الفنجري للقول بأن هناك محاولة للاستيلاء على السلطة، ووجه تحذيرا شديد اللهجة لمن يدبرون لذلك.

وعن وصف فئة بعينها بتلقي معونات من الخارج، قال عيسى إن التركيز على حركة شباب 6 أبريل مرتبط بأن هناك نظرة بأنها من تتزعم استمرار الاعتصام في التحرير الذي أعقب مليونية 8 يوليو، ونسب إليها أنها دعت إلى إغلاق مجمع المصالح الحكومية بالتحرير وإغلاق قناة السويس ومترو أنفاق القاهرة.. والتي وصفها عيسى بأنها تهديدات غير جادة ومجرد وسائل ضغط معنوية لتنفيذ المطالب.

وأكد عيسى أن الخط العام الموجود داخل المجلس العسكري هو الحفاظ على العلاقة مع الثوار وعدم قطعها، لافتا إلى أن المجلس مدرك تماما أن الوضع في مصر لا يسمح بالتصعيد، مضيفا أن الثوار وحتى حركة 6 أبريل التي ردت ردا هادئا على اتهامات المجلس العسكري، مدركون أن التحالف مع المجلس العسكري لا مفر منه ولا بديل له. وتمنى عيسى أن تتدخل بعض الأطراف وتسعى لتقريب وجهات النظر.

واعتبر الدكتور بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، أن التغير في خطاب المجلس العسكري سلاح سياسي لإقصاء المختلفين معه في الرأي والسياسات، وإعادة لتبني نفس خطاب مبارك قبل ثورة 25 يناير.

وأضاف حسن أن نظام الرئيس السابق كان يستخدم سلاحا تشهيريا لإقصاء المخالفين في الرأي أو في السياسات، باتهامهم بالعمالة للخارج، واصفا اتهام بعض الحركات بالعمالة بـ«التدهور الشديد جدا» في لغة الخطاب.

وعن السيناريوهات المستقبلية للتعامل مع اتهامات العمالة بالخارج، أوضح حسن أن خطوات المجلس العسكري القادمة سوف تتوقف على حكمة القائمين على الأمر داخله. وتابع حسن: «آمل بعد الاشتباكات الدامية التي جرت (أول من أمس)، أن يعود المجلس إلى الحكمة والإصغاء للآراء المختلفة».

وكشف حسن عن أن المجلس العسكري الآن لا يختلف فقط مع «6 أبريل» أو حركة كفاية (المعارضة)؛ لكنه يختلف مع أغلبية الأحزاب السياسية التي رفضت مسودة قانون انتخابات مجلس الشعب وقدمت بديلا له ولم يقبل به المجلس، لافتا إلى أن التطورات الأخيرة والمتمثلة في اعتبار الحوار مع القوى السياسية مجرد إدارة شكلية وتوزيع الاتهامات بالعمالة والاشتباكات الدامية التي وقعت بميدان العباسية، مؤشرات على أن مصر تدخل في أزمة حرجة. واستطرد قائلا «كلنا على أمل بأن يستخلص المجلس العسكري الدروس المناسبة من هذه التطورات».