«إف بي آي» تبحث عن جواسيس باكستانيين في أميركا

حرب خفية مع المشاكل العلنية بين البلدين حول مواجهة المتطرفين الإسلاميين

TT

بالإضافة إلى زيادة المشاكل العلنية بين الولايات المتحدة وحكومة باكستان، حليفتها في الحرب ضد الإرهاب، وفي مواجهة المتطرفين الإسلاميين داخل باكستان، الذين يعبرون الحدود إلى أفغانستان، كشفت مصادر أميركية عن وجود حرب جواسيس خفية بين البلدين.

وأشارت المصادر إلى آخر حلقة في هذه الحرب الخفية، عندما اعتقلت شرطة مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي)، في الأسبوع الماضي، أميركيا باكستانيا كان يدير المجلس الكشميري - الأميركي للدعاية لقضية كشمير وسط أعضاء الكونغرس.

وقالت المصادر إنه، قبل ذلك بشهرين تقريبا، أبعدت الحكومة الأميركية محمد تسليم، ملحق في قنصلية باكستان في نيويورك، بتهمة التجسس لصالح الاستخبارات الباكستانية. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «إف بي آي» كانت تتابع نشاطات تسليم منذ سنوات. وكشفت عن أنه كان يتجسس على باكستانيين في أميركا وأميركيين باكستانيين، وأنه كان هو نفسه يتخفى كشرطي في «إف بي آي»، ويقول للباكستانيين إنه يجمع معلومات لمساعدة «إف بي آي» في الحرب ضد الإرهاب والإرهابيين.

في بداية هذه السنة، نقلت «إف بي آي» موضوع تسليم إلى ليون بانيتا، مدير الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، الذي عقد اجتماعا عاصفا مع الجنرال أحمد باشا، مدير الاستخبارات الباكستانية. وبعد أيام، غادر تسليم أميركا.

وقال مسؤولون أميركيون إنه بالمقارنة مع دول مثل الصين وروسيا التي تركز على جمع معلومات عسكرية وتجارية، فإن عمليات الاستخبارات الباكستانية أقل كثافة، وأقل تطورا، ومحدودة. وأيضا، أقل كثيرا في النطاق والتطور من نشاطات الاستخبارات الأميركية في باكستان.

وأضاف المسؤولون أن الاستخبارات الباكستانية تميل إلى العنف والتخويف، وأنها تفعل ذلك مع الباكستانيين في باكستان وفي الولايات المتحدة، وأنها تركز على إصدار التهديدات الضمنية والعلنية، وأن بعض عملاء الاستخبارات الباكستانية هم الذين أمروا في الشهر الماضي بقتل الصحافي الباكستاني سالم شاهزاد لأنه كان نشر أخبارا سلبية عنهم.

هذا بالإضافة إلى أن الاستخبارات الباكستانية لا تزال تتعاون مع «سي آي إيه» في مطاردة عناصر «القاعدة». وهذا تعاون يزيد من تعقيد قدرة الولايات المتحدة على ممارسة ضغوط على باكستان لتغيير تكتيكاتها.

في نفس الوقت، تتفاوض «سي آي إيه» حول عدد من جواسيسها الباكستانيين في باكستان، مثل الطبيب الباكستاني الذي سجنته الاستخبارات الباكستانية بعد أن ساعد الأميركيين في تعقب أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة، قبل مقتله.

وقال مسؤول في السفارة الباكستانية في واشنطن، طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، إنه «أمر عادي وسط أجهزة الاستخبارات» أن تعمل «خارج دائرة الضوء»، وقال إنه من المؤسف أن الاستخبارات الباكستانية قد صارت «شيطانا» بالنسبة للاستخبارات الأميركية. وأضاف «لا شيء تفعله الاستخبارات الباكستانية في الولايات المتحدة، هو ليس جزءا من الوظيفة العادية لوكالات الاستخبارات. الاستخبارات الباكستانية لم تخرق أبدا عمدا التفاهم المعهود في مثل هذه الحالات مع حكومة الولايات المتحدة. كما أنها أبدا لم تخرق القانون الأميركي عمدا».

وقال باكستانيون في أميركا وأميركيون باكستانيون، وهم صحافيون وعلماء وأساتذة جامعات، إن مسؤولين باكستانيين عرفوا أنفسهم في صراحة أنهم من الاستخبارات الباكستانية. وحذروهم من الحديث عن مواضيع حساسة سياسيا مثل التمرد القبلي في بلوشستان، أو انتهاكات حقوق الإنسان من جانب جنود باكستانيين. ورافقت المقابلات تحذيرات مبطنة عن مصير أفراد عائلات هؤلاء في باكستان.

وقال صحافي باكستاني في واشنطن إنه في سنة 2006 صور باكستاني ندوة عن باكستان في كلية كنيدي للحكومة في جامعة هارفارد. وفي وقت لاحق، علم منظمو الندوة أن الرجل كان من الاستخبارات الباكستانية.

وقال مراقبون في واشنطن غن شرطة «إف بي آي» كانت اعتقلت في الأسبوع الماضي اثنين من قادة لوبي كشميري في واشنطن، الذي ظل يحاول التغلب على لوبي الهند القوي في الكونغرس لحل مشكلة كشمير التي تتقاسمها كل من الهند وباكستان. وقالت الشرطة إن اللوبي الكشميري اعتمد على أموال من سفارة باكستان في واشنطن، عن طريق الاستخبارات العسكرية الباكستانية، وإن رئيسه، سيد غلام نبي فاي، رفض مرات كثيرة أن يسجل المجلس الكشميري الباكستاني كلوبي أجنبي، وأنكر أنه حصل على أي أموال من باكستان.

بالإضافة إلى فاي (62 سنة)، اعتقلت الشرطة زهير أحمد (63). ويقيم الاثنان في ولاية فرجينيا، في ضواحي واشنطن. غير أن الثاني كان هرب إلى باكستان، ويجري البحث عنه. وهما يحملان الجنسية الأميركية منذ أكثر من عشرين سنة.

وقالت وزارة العدل في بيان إن الرجلين «كانا يحاولان التأثير على الرأي العام والكونغرس الأميركي بطرق غير قانونية». وقال مراقبون في واشنطن إن مثل هذه الاتهامات، إذا ثبتت، تؤدي إلى السجن خمس سنوات.

وأضاف بيان وزارة العدل: «حسب محضر الاتهام، تسلم فاي والمجلس الكشميري - الأميركي أربعة ملايين دولار، على الأقل، من الحكومة الباكستانية منذ منتصف التسعينات». وأن المجلس الكشميري - الأميركي واحد من «ثلاثة مراكز كشميرية» تديرها حاليا الاستخبارات الباكستانية العسكرية ووكالة الاستخبارات الباكستانية. ويوجد مجلس ثان في لندن، وثالث في بروكسل.

وأضاف البيان أن فاي متهم باستخدام أموال أرسلها الباكستانيون للتأثير على سياسيين ومساعديهم في واشنطن.

وقال مساعد مدير «إف بي آي» بالنيابة، جيمس ماكجانكين: «الحكومات الأجنبية التي تحاول التأثير على الولايات المتحدة من خلال استعمال عملاء غير معلن عنهم تهدد أمننا القومي». وأضاف: «يمنع قانون تسجيل العملاء الأجانب الحكومات الأجنبية من استخدام عملاء للتأثير على السياسة الأميركية، أو القانون، من دون كشف هويتهم بالكامل، وأي معلومات أخرى مرتبطة بهم».

لكن، قال ناطق باسم السفارة الباكستانية في واشنطن: «فاي ليس مواطنا باكستانيا. والحكومة والسفارة الباكستانيتان لا علم لهما بالقضية التي تورط فيها».