«اسكوتلنديارد» تواجه اتهامات جديدة بشأن «فضيحة التنصت».. وعزل ضابط

مزاعم عن قيامها ببيع قائمة بأسماء الناجين من تفجيرات لندن الإرهابية عام 2005 لـ«نيوز أوف ذي وورلد»

الناجون من تفجيرات لندن طالبوا بالتحقيق في بيع قائمة بأسمائهم من قبل الشرطة البريطانية (رويترز)
TT

تواجه الشرطة البريطانية (اسكوتلنديارد) اتهامات جديدة بأن مسؤولين في صفوفها سربوا تفاصيل تتعلق بضحايا هجمات إرهابية وبطالبة كانت ضحية جريمة قتل لصحافيين في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» الشعبية التابعة لروبرت مردوخ والتي أوقف قطب الإعلام البارز نشرها مؤخرا.

وتأتي تلك الاتهامات لتعمق الفضيحة المتعلقة بالتنصت على الرسائل الهاتفية لمواطنين لصالح الصحيفة، وهي الفضيحة التي هزت الإمبراطورية الإعلامية العالمية لمردوخ وأدت إلى فقدان اثنين من كبار مسؤولي الشرطة البريطانية وظيفتيهما، ودفعت برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في خضمها، وأفقدت ثقة البريطانيين في الصحافة والسياسيين والشرطة.

وقالت صحيفة «الأوبزرفر» إن الناجين من تفجيرات لندن الإرهابية التي وقعت في 7 يوليو (تموز) 2005 طلبوا من محامين التحقيق في ما يعتقدون أن شرطة العاصمة البريطانية قامت ببيع قائمة بأسمائهم وسبل الاتصال بهم أو تمريرها إلى جهات إعلامية، وهي المعلومات التي يتعين الإبقاء عليها طي الكتمان بموجب قوانين حماية الخصوصية في بريطانيا.

ونقلت صحيفة «الأوبزرفر» عن بيفيرلي رودز، رئيسة «اتحاد الناجين»، قولها إن صحافيين من «نيوز أوف ذي وورلد» اتصلوا بالناجين من التفجيرات وحينما سئلوا عن كيفية حصولهم على أرقامهم وعناوينهم ردوا بقصص ملفقة. وقالت رودز «(اسكوتلنديارد) لديها قائمة كاملة تضم تفاصيل الاتصال بالناجين وعناوينهم. أنا متيقنة أن (نيوز أوف ذي وورلد) توصلت إلى عنوان بيتي عبر هذا المسلك». وكان أربعة انتحاريين فجروا أنفسهم في ثلاثة قطارات أنفاق وحافلة في أسوأ هجمات إرهابية تتعرض لها الأراضي البريطانية، مما أسفر عن مقتل 52 شخصا، في السابع من يوليو 2005.

وفي تطور آخر، أوردت «بي بي سي» أن الشرطة عزلت ضابطا على صلة بالتحقيق في مقتل الفتاة ميلي داولر، 13 عاما، في 2002 بعد ما تردد من تسرب معلومات تخص القضية إلى «نيوز أوف ذي وورلد». وأكدت الشرطة في مقاطعة ساري جنوب غربي لندن أن محققا في الشرطة يواجه اتهامات بالكشف عن معلومات في قضية داولر إلى «ضابط شرطة متقاعد صديق له».

وقالت الشرطة في بيان إن الضابط محل الاتهام «تم إبلاغه بوضعه الراهن وجرى عزله بشكل دائم عن مجريات التحقيق»، غير أن بيان الشرطة لم يرد على ذكر صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». وتتهم صحيفة الإثارة الشعبية باختراق الرسائل الصوتية لداولر ولأسر ضحايا تفجيرات لندن، غير أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الربط بشكل مباشر بين أنشطة الصحيفة تجاه قصتي داولر وتفجيرات لندن وبين مسؤولين في الشرطة.

وقد أغلق مردوخ صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» واعتذر بنفسه إلى والدي ميلي داولر. وكان قد تكشف أن الشرطة قامت بتعيين مدير سابق بالصحيفة محل الاتهام وقد جرى بعد ذلك اعتقاله على خلفية التنصت وأدى انكشاف هذه الحقيقة إلى فقدان كل من قائد «اسكوتلنديارد» بول ستيفنسون، ورئيس عمليات مكافحة الإرهاب فيها جون ييتس لوظيفتيهما قبل أسبوع.

وتعرضت «اسكوتلنديارد» لانتقادات واسعة لتحقيق سابق فاشل وهو التحقيق الذي أدى رغم ذلك إلى سجن المسؤول التحريري السابق للصحيفة للشؤون الملكية، فضلا عن محقق خاص في 2007 لكنه خلص إلى أن المحقق المحكوم عليه كان مجرد «صحافي مارق». وحينما اضطرت «اسكوتلنديارد» تحت الضغط إلى إعادة فتح التحقيق في يناير (كانون الثاني)، تبين أن قرابة أربعة آلاف شخص ربما وقعوا ضحية التنصت على رسائلهم الهاتفية، بما في ذلك مشاهير وسياسيون وشخصيات في العائلة المالكة، فضلا عن مواطنين عاديين من ضحايا جرائم.

واتسع نطاق الفضيحة ليطال صحفا بريطانية أخرى مطلع الأسبوع حينما تردد قول صحافيين في صحيفتي «ديلي ميرور» و«صنداي ميرور» - الصحيفتان الشعبيتان الرئيسيتان المنافستان لمردوخ - إن التنصت على الهواتف أمر مستشر في صحيفتيهما أيضا. غير أن المتضرر الأكبر حتى الآن من الفضيحة هو مؤسسة مردوخ الإعلامية، «نيوز كوربوريشن»، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها. ففي ضربة أخرى لخطط مردوخ التجارية قال وزير التجارة البريطاني فينس كيبل أمس إن هناك «تساؤلات كبيرة» حول ما إذا كان الملياردير الإعلامي يستحق تولي زمام مؤسسة إعلامية بريطانية أخرى سعى للسيطرة الكاملة عليها.

فقد أجبرت «نيوز كوربوريشن» بسبب الفضيحة على التخلي عن مسعاها للسيطرة الكاملة على مؤسسة «بي سكاي بي» البريطانية التلفزيونية الخاصة في وقت سابق هذا الشهر. وكانت مؤسسة مردوخ تسعى لشراء الحصة الأخرى المتبقية التي لا تملكها من «بي سكاي بي» التي تبث قنوات تلفزيونية رائجة ومربحة إلى البيوت في بريطانيا مقابل اشتراكات شهرية. وكان كيبل قد أبعد عن دائرة القرار في ما يتعلق بمصير صفقة «بي سكاي بي» العام الماضي بعد أن سجلت له صحيفة دون أن يدري قوله إنه «في حرب» مع مردوخ. وكانت الفضيحة قد أدت إلى إبعاد اثنين من كبار مساعدي مردوخ، وهما ريبيكا بروكس رئيسة تحرير «نيوز أوف ذي وورلد» وقت التنصت على الهواتف في ما يتعلق بقضية داولر، وليزلي هينتون رئيس جهة النشر البريطانية لمردوخ. وتواجه الشرطة البريطانية مطالب بالتحقيق مع نجل روبرت مردوخ، جيمس، على خلفية ما أدلى به من أقوال أمام لجنة برلمانية الأسبوع الماضي نفى فيها معرفته بمدى استشراء عمليات التنصت. كما يواجه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ضغوطا لقراره بتوظيف اندي كولسون، وهو رئيس تحرير سابق آخر للصحيفة محور الفضيحة، إذ كان كاميرون قد عينه في منصب مستشار إعلامي له. غير أن كولسون ترك وظيفته في رئاسة الوزراء في يناير واعتقل في الثامن من يوليو. ومنذ يناير أدت التحقيقات في الفضيحة إلى توقيف 10 أشخاص.