خبراء: ما جرى يدعو للتركيز على اليمين المتشدد لا المتطرفين الإسلاميين

ارتياح بين أوساط الجاليات الإسلامية في أوروبا عقب الإعلان عن هوية منفذ المذبحة

TT

حالة من الارتياح سادت بين أبناء الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا، عقب الإعلان عن اعتقال شرطة أوسلو مشتبها به نرويجيا في الثانية والثلاثين من العمر عرفته وسائل الإعلام النرويجية باسم أندرس بيرينغ برايفيك، وأفادت عن خطة «مسيحية أصولية» ذات توجهات يمينية في الاعتداءين الداميين اللذين أوقعا أكثر من 90 قتيلا يوم الجمعة الماضي، وقال سعيد، وهو مغربي وأحد المهاجرين في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي: «الحمد لله، لقد أراد الله بنا الخير وإلا كنا سنتعرض لمزيد من العنصرية». وقال زياد، وهو لبناني مقيم في هولندا: «يكفي ما يحدث للأجانب من تضييق الخناق عليهم من جانب اليمين المتشدد، والآن كشف هذا الحادث عن حقيقتهم». وقال الكثير من الخبراء الأوروبيين أن ما حدث في النرويج يمكن أن يحدث في أماكن أخرى، ويدق ناقوس الخطر اتجاه اليمين المتشدد، خصوصا أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية في الحرب على الإرهاب كانا يركزان فقط على ما يطلق عليه الإرهاب الإسلامي. وقالت وسائل الإعلام الهولندية، أمس، إن اسم هولندا ورد أكثر من مرة في وثيقة نشرها على الإنترنت منفذ الاعتداءين الأخيرين في النرويج، ودافع فيها عن اليمين المتشدد وطالب بمنح جائزة نوبل للصومالية الأصل هيرسي علي، التي سبق لها أن وجهت انتقادات للإسلام والرسول، وذكرت الوثيقة أن «هولندا ستتحول إلى مستعمرة إسلامية في أوروبا، وسيكون أكثر من نصف سكان هولندا من المسلمين بعد 4 عقود، وبالتالي تتحول هولندا من بلاد الحرية إلى مستعمرة إسلامية في أوروبا ويضيع مجهود الأحرار في البحر» حسب ما جاء في الوثيقة، التي اهتمت بها أيضا وسائل الإعلام الأوروبية المختلفة ومنها البلجيكية التي نقلت بدورها عن الوثيقة أنها أشارت إلى بلجيكا واليمين المتشدد فيها.

ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين الأوروبيين فإن القارة الأوروبية في مواجهة احتمال نشوء خطر أمني جديد، بعد عقد من الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وجاء في تقرير للشرطة الأوروبية (يوروبول) عن الأمن في عام 2010، أنه لا يوجد إرهاب يميني في القارة في تلك الفترة، لكنه أضاف أن اليمين المتطرف أضحى أكثر حرفية في إنتاج دعاية ذات طبيعة معادية للسامية والأجانب على الإنترنت، وأكثر نشاطا على شبكات التواصل الاجتماعي. وجاء في التقرير أنه إذا كانت الاضطرابات في العالم العربي، وبصفة خاصة في شمال أفريقيا، ستقود إلى تدفق عدد كبير من المهاجرين إلى أوروبا، «فربما يكسب التطرف اليميني والإرهاب متنفسا جديدا من خلال توضيح نظرته الأوسع انتشارا عن الهجرة من الدول الإسلامية إلى أوروبا». وفي كثير من الأحيان يمكن أن يستفز التعبير العلني عن التطرف اليميني أنشطة معادية من جانب جماعات يسارية متطرفة، وتقود هذه المواجهات بكل تأكيد إلى عنف جسدي.

وفي تقرير عن الأمن القومي لعام 2011 نشره جهاز الشرطة النرويجية في فبراير (شباط) الماضي، ذكر الجهاز أنه يرى أن الصورة تتسم «بعدم وضوح متنام». وأضاف أن ذلك يرجع جزئيا لما يطلق عليه تصعيد غير متوقع لمستوى نشاط يمينيين متطرفين في عام 2011. وقال: «قد يقود تنامي مستوى النشاط بين جماعات معادية للإسلام إلى زيادة الاستقطاب وعدم الارتياح بصفة خاصة أثناء احتفالات وتظاهرات أو تتصل بهما». كان الأمن الداخلي النرويجي يخشى وقوع هجوم إسلامي على أراضيه، بينما لم يكن يعتبر اليمين المتطرف مصدر «تهديد خطير»، بحسب تقرير نشر مطلع السنة. ويشير تقرير جهاز الأمن في الشرطة النرويجية إلى أن الفرق شاسع بين الاعتداءات السابقة والمجزرة التي وقعت في مخيم صيفي للشبيبة العمالية على جزيرة أوتويا قرب أوسلو والتفجير القوي بوسط المدينة. وذكر التقرير حول «تقييم المخاطر» أنه «كما في السنوات السابقة، فإن مجموعات اليمين المتطرف واليسار المتطرف لا تشكل تهديدا خطيرا للمجتمع النرويجي عام 2011»، لكنه لفت إلى «تسجيل زيادة في نشاط مجموعات اليمين المتطرف عام 2010، ومن المتوقع أن يتواصل هذا النشاط عام 2011».

وترى الشرطة أن «تزايد مستوى نشاط المجموعات المعادية للإسلام يمكن أن يقود إلى استقطاب متزايد واضطرابات، لا سيما خلال المناسبات والأعياد»، غير أن التقرير اعتبر أن الخطر الرئيسي لهذه السنة لا ينجم عن المتطرفين المسيحيين بل عن المتطرفين الإسلاميين. وذكرت الاستخبارات الداخلية أن «بعض المتطرفين الإسلاميين يتجهون بشكل متزايد حاليا على ما يبدو إلى الساحة الدولية، وهذه المجموعة تحديدا هي التي قد تشكل خطرا مباشرا على النرويج خلال السنة المقبلة». ولم ينشر المشتبه به على الحساب الذي فتحه قبل بضعة أيام على موقع «تويتر» سوى رسالة واحدة بتاريخ 17 يوليو (تموز) استشهد فيها بمقولة الفيلسوف البريطاني جون ستيوارت ميل: «إن شخصا واحدا مؤمنا يملك قوة مائة ألف شخص لا يسعون سوى وراء المصالح».

وفي سبتمبر الماضي أكد الاختراق التاريخي الذي حققه اليمين المتشدد، في انتخابات السويد التشريعية تصاعد الحركات الشعبوية المعادية للأجانب في دول أوروبية عدة، مما أثار قلق الاتحاد الأوروبي الذي يخشى تداعي مفهوم العيش المشترك، وبعد سلسلة نجاحات حققتها أحزاب قومية وحتى معادية للأجانب في هولندا (حزب الحرية «بي بي في» بقيادة خيرت فيلدرز) أو المجر (حزب «جوبيك»).