الصين تسعى لاحتواء كارثة القطارات

35 قتيلا و210 جرحى.. وفتح «تحقيق شامل» حول سلامة السكك الحديدية

عناصر الإنقاذ تسعف ضحايا اصطدام القطارين في مدينة ونجو الصينية أمس (أ.ب)
TT

أمرت الصين أمس بإجراء دراسة «عاجلة» لسلامة القطارات غداة مقتل 35 شخصا، بينهم أجنبيان، في اصطدام بين قطارين أدى إلى إصابة 210 أشخاص آخرين بجروح أيضا. ووقع الحادث نحو الساعة الثامنة و50 دقيقة مساء أول من أمس، عندما اصطدم قطار بقطار سريع متوقف على السكة الحديدية على جسر في شرق الصين، مما أدى إلى سقوط أربع من عربات القطار من الجسر. وكان القطار السريع متوقفا فوق الجسر بسبب انقطاع التيار الكهربائي نتيجة صاعقة في مقاطعة جيجيانغ الشرقية. وقد اصطدم به قطار ثان، حسب الوكالة التي أوضحت أن 210 ركاب أصيبوا بجروح أيضا. ووقع الحادث في مدينة ونجو في مقاطعة جيجيانغ الشرقية.

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة إن بين القتلى اثنين من الأجانب بينما ذكر سكان محليون أن الحادث وقع خلال عاصفة. وصرح رجل في الرابعة والخمسين من العمر طلب عدم كشف هويته: «توجهت إلى مكان الحادث في أسرع وقت ورأيت الكثير من الجرحى. غطت الدماء رجلا وامرأة ولا أعرف ما إذا كانا ما زالا على قيد الحياة». وعلقت بعض رحلات القطارات السريعة بسبب الحادث. لكن وكالة الصحافة الفرنسية قالت إن العمال في مكان الحادث قاموا بنزع العربات من السكة وبإصلاح أسلاك الكهرباء بسرعة. وتحدث ركاب في القطارين اللذين كانا يقلان معا نحو 1400 شخص عن تصادم عنيف، وقالوا إن عددا كبيرا من الناجين عالقون في الحطام. وقال أحد الركاب إن «القطار كان يفترض أن يتوقف لدقيقة لكنه بقي 25 دقيقة». وأضاف «بعدما تحرك سمعنا صوت اصطدام وشعرنا بما يشبه الزلزال». وأكد ناج في الأربعين من العمر طلب عدم الكشف عن هويته أنه بقي عالقا في إحدى العربات مع 60 راكبا آخرين بعد الحادث. وقال: «بقينا عالقين في العربة أكثر من ساعة قبل أن يكسر 5 منا النافذة ونخرج منها». وأضاف أن الخمسة انتشلوا راكبين آخرين، لكن أحدهما توفي بُعيد ذلك.

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة إن القطار السريع المتوقف أصيب بصاعقة مباشرة، بينما قالت وسائل إعلام أخرى إن الصاعقة ضربت السكة وليس القطار. وتتسع كل عربة لمائة راكب. وأوضحت الوكالة أن وزير النقل شينغ غوانغزو أمر بإجراء «تحقيق عميق» في أسباب الحادث الذي يعد الأسوأ منذ تشغيل رحلات القطار السريع للركاب في 2007.

والحادث الذي وقع بعد أقل من شهر على تدشين خطوط جديدة للقطار السريع بين بكين وشنغهاي (1300 كلم)، يطرح مرة أخرى بحسب وسائل الإعلام مسألة سلامة شبكة القطار السريع في الصين. ويفترض أن يثير الحادث تساؤلات حول سلامة شبكة القطارات السريعة في الصين التي تعد واحدة من الشبكات الكبرى في العالم.

فبعد ساعات على وقوعه، أعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة أن الحكومة أطلقت «تحقيقا شاملا» حول سلامة السكك الحديدية التي تشكل مصدر قلق حتى قبل حادث الليلة قبل الماضية. وتشهد خطوط القطارات السريعة ازدهارا في الصين، ويتوقع أن يزداد طولها من 8358 كلم هذه السنة إلى 13 ألف كلم في 2012 و16 ألف كلم في 2020. وقد وظفت الصين مبالغ كبيرة لبناء هذه الشبكة. وافتتح خط جديد بلغت تكلفته 33 مليار دولار ويربط بين بكين وشنغهاي في 30 يونيو (حزيران) الماضي، قبل عام من الموعد المحدد لانتهائه وقبل يوم واحد من الاحتفالات بالذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. واختصر الخط الجديد مدة الرحلة بين المدينتين إلى النصف لكن رحلاته واجهت تأخيرا بسبب انقطاع التيار الكهربائي مما أثار انتقادات شديدة وانخفاض بيع بطاقاته.

ويعتمد ملايين الصينيين على السكك الحديدية في الصين، وأي مشكلة تثير اهتماما كبيرا في بلد ما زالت فيه الرحلات الجوية تكلف أكثر من قدرة الجزء الأكبر من الشعب على الرغم من طفرة اقتصادية مستمرة منذ ثلاثة عقود. وأثارت تكلفة الشبكة الجديدة مخاوف من فساد. وقالت هيئة مراقبة الدولة إن شركات البناء وأفرادا قاموا باختلاس 187 مليون يوان (29 مليون دولار) من أموال مشروع خط بكين - شنغهاي. ويعد حادث الليلة قبل الماضية الأسوأ منذ أبريل (نيسان) 2008 عندما قتل 72 شخصا وجرح 400 آخرون في خروج قطار عن سكته واصطدامه بقطار آخر في مقاطعة شاندونغ.