مصر: شنطة رمضان «الليبرالية» تنافس نظيرتها «الإسلامية»

الأحزاب والقوى الجديدة تستعين بـ«الأعمال الخيرية» لكسب تعاطف المواطنين

TT

دخل شهر رمضان الذي يحل الأسبوع المقبل بقوة على أجندة الأحزاب والقوى السياسية الجديدة في مصر، وتحول الشهر الفضيل، خصوصا بعد ثورة 25 يناير واقتراب معركة الانتخابات البرلمانية، إلى جسر لأعمال الخير، فالكل يتسابق للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين البسطاء، وكوسيلة جذب مختلفة لدخولهم حظيرة السياسة، بعيدا عن الكلمات والخطب الرنانة التي اعتادوها من القادة السياسيين.

أحمد جمال، أحد قاطني حي الوراق الشعبي بمحافظة الجيزة، يقول: «فجأة وجدنا اهتماما غير مسبوق بمنطقتنا.. أحزاب سياسية جديدة تقدم أنشطة اجتماعية وأعمالا خيرية.. افتقدناها منذ فترة، خاصة في مثل هذه المناطق المهملة». ويأمل جمال «أن لا تكون هذه الأحزاب الجديدة مثل الحزب الوطني (المنحل) الحاكم سابقا، بحيث تكون مثل هذه الأعمال التنموية مرتبطة بموسم انتخابات».

وتشمل الأعمال الخيرية التي تقدمها هذه الأحزاب للمناطق الفقيرة والمواطنين من محدودي الدخل قوافل طبية لعلاج المرضى، وملابس جاهزة بأسعار محدودة أو مجانية، مع مساعدات مادية للفقراء. لكن تبقى «شنطة رمضان»، التي تحتوي على سلع تموينية مثل الأرز والسكر والزيت سلاحا قويا هذه الأيام، للوصول إلى البسطاء وتعريفهم بالحزب. وانتشرت فكرة «شنطة رمضان» في السنوات الأخيرة في مصر، حتى أصبحت عادة سنوية يقدم عليها المصريون والأغنياء من رجال الأعمال، وميسورو الحال، لكن تصادف شهر رمضان مع موسم الانتخابات كما حدث في انتخابات البرلمان الماضي عام 2010، حولها إلى أداة سياسية، بحيث يمكن للمرشح أن يدعو المواطنين إلى انتخابه من خلال التخفيف من معاناتهم في ظل ارتفاع أسعار السلع والاستهلاك الشديد الذي يشهده هذا الشهر.

ورغم التنوع الآيديولوجي والفكري الكبير الذي لخريطة الأحزاب السياسية بعد ثورة 25 يناير، فإن تيارين برزا على السطح بقوة، هما التيار الإسلامي، وتمثل في عدة أحزاب أبرزها الحرية والعدالة (الإخوان المسلمون)، النور (سلفي)، النهضة... وغيرها. والتيار الليبرالي الذي تشكلت منه أحزاب منها (المصريين الأحرار، مصر الحرية، المصري الديمقراطي الاجتماعي، العدل).

وأقام الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (ليبرالي)، منذ أيام عدة قوافل طبية توفر الكشف والعلاج بالكامل بالمجان للمواطنين. يقول محمد كمال عضو لجنة العمل الاجتماعي بالحزب إن «الحزب بعد الموافقة على تأسيسه قام بعدة أنشطة اجتماعية هدفها التخفيف عن كاهل المواطنين والوصول إلى أكبر قدر ممكن من المهمشين والفقراء، فالحزب لا يهدف إلى التوجه إلى النخبة فقط، بل يهتم بكل المواطنين». ويتابع: «مع حلول شهر رمضان يعتزم الحزب القيام بحملة موسعة لتقديم شنط رمضانية توفر السلع الأساسية للمواطنين خلال الشهر الكريم مع تقديم ملابس للفقراء وأصحاب الحاجة». وهي نفس الأنشطة التي يقوم بها حزب المصريين الأحرار الذي دشنه رجل الأعمال المسيحي نجيب ساويرس، والذي اعتاد سنويا على تقديم مثل هذه الأعمال الخيرية، لكنها أصبحت الآن باسم الحزب.

وبدوره نظم حزب العدل، المؤسس فقط منذ شهر تقريبا، حملة نظافة بالإسكندرية احتفالا بشهر رمضان بمشاركة أصحاب المحلات، وأخرى لتوزيع أنابيب البوتاغاز بأسعار مخفضة، ويقوم الآن بحملة للتجميع أكبر عدد من الشنط الرمضانية لتوزيعها على الفقراء، وقال مسؤولو الحزب إن شنط هذا العام لن تحمل فقط سلعا تموينية ولكنها ستشمل ملابس وإعانات مادية للفقراء. تقول جيهان شكري، من مسؤولي الأنشطة الاجتماعية بالحزب، إن «اهتمام حزب العدل بالحياة السياسية ومستقبل الثورة لا يجعله يغفل عن دوره الاجتماعي الذي لا يرتبط بانتخابات أو غيرها، ولكنه نابع من مبادئ وأهداف الحزب»، ونفت شكري أن يستغل الحزب شهر رمضان للدعاية الانتخابية، لكنها أكدت أنه من الطبيعي أن تزيد مثل هذه الأعمال هذه الأيام».

وقررت حركة «ضد التيار»، وهي سياسية شبابية نشأت بعد الثورة، القيام بحملة لجمع ثمن 100 ألف شنطة رمضانية لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين والمساكين والأرامل والأيتام في شتى محافظات مصر.

أما جماعة الإخوان المسلمين فقد أقامت معارض للسلع التموينية بكل المحافظات بمناسبة قرب حلول شهر رمضان، تقول إن غرضها توفير السلع الأساسية لأهالي كل منطقة بسعر الجملة دون تحقيق أي هامش للربح. وينشر حزب الحرية والعدالة قوافل طبية في كل المحافظات.

وناشد الداعية الإسلامي عمرو خالد من خلال برنامجه «بكرة أحلى» على التلفزيون المصري، المصريين جميعا إلى جمع 3 ملايين شنطة هذا العام من أجل إطعام المساكين في شهر الخير. وتقوم الجمعية الشرعية (السلفية) بتوزيع ما قالت إنه «عطاء رمضان» على الأيتام وأمهاتهم وطلبة العلم. وأوضحت أن عطاء رمضان هذا العام يشمل توزيع (821 ألفا و874 شنطة تصرف لكل أسرة بعدد أفرادها، وتحتوي على سكر، أرز، معكرونة، زيت).

وأقام حزب النور (السلفي) عددا من الأسواق الخيرية التعاونية بعدد من محافظات. ويقول مسؤولو الحزب إن هذه الأسواق «تقدم منتجاتها بأسعار مدعمة لتلبي حاجة المواطن المصري متوسط الدخل مع اقتراب وقت شهر رمضان وحاجة الناس إلى التسوق وسط حالة الغلاء الذي تعيشها مصر».

ويعلق محمد سلام على هذه الأعمال قائلا: «دي فلوس الشعب أصلا.. ده شغل دعاية انتخابية وضيعة». أما منى يسري فقط كتبت على صفحتها على «فيس بوك»: «الوطنية موش شنطة رمضان بتوزعها السلطة والأحزاب على الشعب».

وسخرت نازلي حسين، وهي من شباب ميدان التحرير، على ذلك قائلة إن «شنطة رمضان الخاصة بالثور ستكون عبارة عن بصل، وبيبسي، وكمامة، وطوب، على درعين عساكر أمن مركزي»، في إشارة إلى الأشياء التي يستخدمها المتظاهرون أثناء إلقاء قوات الأمن بالقنابل المسيلة للدموع عليهم.

ودخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة على خط تخفيف المعانة على المواطنين في مثل هذه الأيام، حين قامت القوات المسلحة الأسبوع الماضي بتوزيع 250 ألف شنطة رمضانية تحتوي على سلع تموينية لإعانة الأسر المصرية طوال الشهر الكريم، ووزعت هذه السلع على ست محافظات هي القاهرة والجيزة والقليوبية والمنيا وبني سويف والفيوم.