شيخ الأزهر: التعبير السلمي حق تكفله كل القوانين والأعراف والشرائع السماوية

ميدان التحرير يتحصن بحماية مشتركة من الثوار والإسلاميين.. وتأجيل جنازة أحدث «شهيدة» للثورة بالإسكندرية

TT

لم يبرأ المشهد السياسي في مصر من الأحداث الدامية التي ضربت حي العباسية (شرق القاهرة) في أعقاب المظاهرات التي شهدها يوم السبت الماضي، وخلفت أكثر من 300 مصاب، ووجه على إثرها المجلس العسكري اتهاما محددا لحركة 6 أبريل المعتصمة في ميدان التحرير منذ يوم 8 يوليو (تموز) الماضي بتلقي أموال أجنبية من الخارج.

من جهتهم طالب شباب حركة 6 أبريل بتأمين مسيرات التظاهر السلمية في الميادين والشوارع، ووجه 41 حزبا وحركة سياسية معتصمة في التحرير الدعوة لكل القوى السياسية للعودة إلى الميدان، وكذلك جميع الميادين بالمحافظات، بينما أكدت الحكومة على شرعية كل أشكال الاحتجاج السلمي. كما أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على حق التعبير السلمي والتعبير الحر عن الرأي، بقوله: «تكفله كل القوانين والأعراف والشرائع السماوية». ودعا الطيب إلى وحدة الصف ونبذ الفرقة بين القوى السياسية والعمل على البناء لا على الهدم ورفض مبدأ الإقصاء والتخوين.

وشهد ميدان التحرير أمس اشتباكات بين الباعة الجائلين واللجان الشعبية داخل الميدان، أسفرت عن إصابات محدودة، وتدخل المتظاهرون لفض الاشتباك، وهو ما دعا 41 حزبا وحركة سياسية من المعتصمين في الميدان للدعوة إلى تشكيل عدة لجان لإدارة الاعتصام، كما شكلت الجماعة الإسلامية والإخوان والتيار السلفي لجنة لإدارة الأزمة والطوارئ داخل الميدان، وحسب الشيخ أحمد الرفاعي عضو الجماعة الإسلامية، فإن الجماعة تستعد الآن لمواجهة أي أحداث عنف قد تقع بين المتظاهرين قبل مظاهرة الجمعة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن التيارات الدينية ستقوم بتأمين الميدان وميادين مصر في (جمعة الشرفاء)، لافتا إلى عدم وجود نية للتيارات الإسلامية في المبيت في الميدان عقب المظاهرة.

كما شهد الميدان مبادرة إيجابية، حيث نظم مئات من أهالي العباسية مسيرة للميدان لتقديم الاعتذار للثوار بالتحرير على الاعتداءات التي تعرضوا لها مساء يوم السبت الماضي على أيدي مجموعة من البلطجية.

من جهته أكد الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء خلال اجتماعه بلجنة إدارة الأزمات لمناقشة تطورات أحداث العباسية، عدم تخلي الحكومة عن أسر شهداء ثورة 25 يناير، وعلى شرعية كل أشكال الاحتجاج السلمي. وأضاف الدكتور شرف أن النيابة العامة أعلنت انتهاءها من مراجعة كل قضايا قتل الثوار، مطالبا الثوار بالحفاظ على النقاء الثوري ومنع المزايدين من الإساءة إلى الثورة، لضمان تحقيق أهدافها النبيلة، مؤكدا على «التزام الحكومة بالحوار مع مختلف القوى والتيارات السياسية لتحقيق مطالب الثورة حرصا على مصلحة البلاد».

وفي الوقت نفسه طالبت حركة شباب 6 أبريل المجلس القومي لحقوق الإنسان بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول أحداث يومي الجمعة والسبت الماضيين. وأوصى شباب الحركة، خلال لقائهم الدكتور عمرو حلمي وزير الصحة والسكان، بضرورة تأمين مسيرات التظاهر السلمي بالتحرير وفي ميادين محافظات مصر، والتأكيد على شرعية كل أشكال الاحتجاج في الاعتصام والتظاهر، والسعي الدائم لوحدة فصائل الثورة، والتأكيد على نقاء وطهارة رايات وأهداف وأشخاص حركات شباب الثورة، وطالبوا بحق الشهداء في التعويضات والتكريم، وحق المصابين في العلاج والرعاية على نفقة الدولة.. وطالبت 36 منظمة حقوقية الحكومة المصرية، برفع يدها عن الجمعيات الأهلية حتى تتمكن من القيام بدورها في التغيير والانتقال السلمي للسلطة.

وفي السياق ذاته أصدر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بيانا أكد فيه مشاركته في مظاهرة يوم الجمعة المقبل. وقال الحزب في بيان له إن «الشعب هو من أعطى الشرعية الشعبية للقوات المسلحة التي تتولى إدارة شؤون البلاد عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير (شباط) الماضي، لتقود المرحلة الانتقالية حتى تسلم السلطة إلى سلطة منتخبة مدنية، وإن أي محاولة للالتفاف على الإرادة الشعبية الحرة هي محاولة مرفوضة، ولن تتحقق على أرض الواقع». وأضاف البيان أن الحزب قرر المشاركة في مظاهرة الجمعة المقبل للتأكيد على مطالب الثورة، إلا أن شباب الإخوان أصدروا بيانا دعوا فيه التيارات الإسلامية لتأجيل مظاهرة الجمعة المقبل، وأعلنوا رفضهم تخوين فصيل من مناضلي الشعب ومجموعة من الشباب الأحرار. وطالب البيان المجلس الأعلى بالإفراج عمن تم القبض عليهم من المصابين من حي العباسية فورا، وكذلك جميع الثوار المعتقلين بسجون المؤسسة العسكرية. وأرجع أحمد عبد ربه عضو ائتلاف شباب الثورة، من جماعة الإخوان المسلمين، سبب المطالبة بتأجيل مظاهرة الجمعة إلى الوضع الذي تشهده البلاد عقب اشتباكات السبت الماضي، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن الثوار في حاجة ماسة إلى الوقوف جنبا إلى جنب، حيث إن هناك الكثير من الجهات تحاول إحداث وقيعة بينهم وبين الجيش، معربا عن تخوفه من تجدد الاشتباكات من جديد في الجمعة المقبل.

وفي مدينة الإسكندرية تقرر تأجيل تشييع جنازة أحدث شهيدة للثورة هدى صابر (17 عاما)، التي وافتها المنية أمس، إلى اليوم (الثلاثاء)، حيث كانت تعالج في «مستشفى دار الشفاء» بالقاهرة، نتيجة إصابتها برصاصة في عنقها يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، ولحق بها شقيقها الشهيد إبراهيم صابر يوم 28 يناير الماضي المعروف بـ«جمعة الغضب». وقال وليد صابر الشقيق الأكبر للشهيدة: «إن تأجيل الجنازة بسبب طلب الطب الشرعي بالقاهرة بتشريح الجثة لتحديد سبب الوفاة واستخراج تصريح الدفن»، لافتا إلى أنه سيتم تشييع الجنازة اليوم (الثلاثاء) بعد وصول الجثمان من القاهرة.