رئيس الحركة الوطنية لتحرير ليبيا: العاصمة تعج بتنظيمات مناهضة للقذافي

تحدث عن مقتل السنوسي وإصابة المحمودي.. وقال إن 6 نفذوا «عملية الأندلس» بصواريخ

TT

على الرغم من نفي السلطات الليبية قيام حركة مسلحة وسرية محسوبة على الثوار، بعملية نوعية في العاصمة الليبية، طرابلس، يوم الخميس الماضي، استهدفت اجتماعا لمسؤولين ليبيين كبار، إلا أن فوزي الغرياني، المنسق العام للحركة الوطنية لتحرير ليبيا، التي أعلنت تبنيها للعملية المعروفة باسم «عملية الأندلس»، قال لـ«الشرق الأوسط»، من مقره في جزيرة جربة التونسية، إن عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية، «لقي حتفه» في هذه العملية، وأصيب البغدادي المحمودي، رئيس الحكومة.

ويقاتل الثوار الليبيون نظام العقيد معمر القذافي منذ السابع عشر من فبراير (شباط) الماضي، لكن حسم المعركة في وقت قريب أصبح أمرا مشكوكا فيه. وجاءت «عملية الأندلس» كأول عملية من نوعها منذ قيام الثورة، استهدفت اجتماعا كان يشارك فيه سيف الإسلام، النجل الثاني للقذافي، في أحد الفنادق الحديثة في ضاحية الأندلس بالعاصمة، طرابلس.

وكشف الغرياني، وهو رجل أعمال وتاجر سابق، انضم للثوار المناهضين للقذافي، أن الحركة التي تعتبر نفسها الجناح العسكري لمجلس طرابلس، وهي أيضا تنظيم سري مناوئ للقذافي، نفذت العملية بشكل منفرد ومن دون الاستعانة بحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقال الغرياني الذي يستخدم اسما مستعارا ويبلغ من العمر 47 عاما، إن 6 من عناصر الحركة قاموا بتنفيذ هذه العملية، التي تمت بإطلاق صاروخي «آر بي جي»، المضاد للدبابات، على مكان الاجتماع السري الذي كان يعقده نجل القذافي مع كل من الدكتور البغدادي المحمودي، رئيس الحكومة الليبية، وعبد الله السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات، وضو منصور رئيس الكتائب الأمنية الموالية للقذافي، واللواء الهادي أمبيرش أحد كبار مساعدي القذافي.

وأضاف الغرياني أن السنوسي، وهو صهر للقذافي، لقي حتفه في هذه العملية، بينما تم نقل ضو منصور على عجل إلى تونس للعلاج بعدما أصيب بحروق كبيرة في مختلف أنحاء جسده. وقال إن نجل القذافي نجا من الحادث، بينما أصيب رئيس الحكومة الليبية البغدادي المحمودي بإصابات طفيفة.

وعن تفاصيل العملية قال الغرياني: «حصلنا على معلومات عن تكوين غرفة قيادات.. قيادة في فندق (شيراتون) بحي الأندلس، وتم رصدها عن طريق أحد العاملين فيه، وتم رصد المكان لمدة أسبوع بواسطة عناصر الحركة الوطنية لتحرير طرابلس»، وأضاف أن «المقر المستهدف مفتتح منذ 15 يوما فقط، واستشرنا الناس في إمكانية الاستعانة بحلف الناتو، لكن الفكرة وجدناها لن تمضي لأن (الناتو) لن يضرب الفندق، ولذلك نفذنا العملية بشكل منفرد».

وتابع: «لم يسهم (الناتو) في هذه العملية بأي شكل من الأشكال، وليس لدينا أي اتصال معه من قريب أو من بعيد، لم يكن أحد يعلم بها سوى عدد محدود للغاية».

وخلافا للرواية التي قدمتها الحركة، بأنها قصفت إحدى غرف الفندق الذي احتضن اللقاء السري بين المسؤولين الليبيين الرسميين، فقد قال الغرياني إن 6 من عناصر حركته توجهوا بسيارة إلى مدخل الفندق، وترجل منها اثنان منهم، قذفوا المدخل بقذيفتين حيث كان هؤلاء المسؤولون على وشك المغادرة على ما يبدو.

واستطرد قائلا: «القذيفة الأولى انطلقت في مواجهة السنوسي، ولا يمكن أن يكون قد نجا منها، واتصلنا صباح أول من أمس، بأحد أقاربه وهو ابن عمه، وأكد لنا مصرعه. أما القذيفة الثانية، فقد أصابت المكان الذي يوجد فيه ضو منصور القحصي، الذي يتولى، حاليا، منصب آمر الكتائب الأمنية الخاصة بالقذافي»، مشيرا إلى أن سيف الإسلام القذافي، والبغدادي المحمودي رئيس الحكومة الليبية، كانا في الخلفية، «ولهذا نجيا بينما أصيب البغدادي بجروح».

وإذا صحت ادعاءات الحركة الوطنية لتحرير ليبيا، فإن هذه هي المرة الأولى التي ينجح فيها الثوار المناهضون للقذافي، في القيام بعملية نوعية غير مسبوقة في قلب العاصمة الليبية، طرابلس، التي كثيرا ما قال القذافي إنه يتمتع فيها بتأييد شعبي وجماهيري منقطع النظير.

وعلى الرغم من الشكوك في مدى صحة الرواية التي تقدمها الحركة الوطنية، فإن منسقها العام، الغرياني، أجاب قائلا إنه يتحدى النظام الليبي أن ينفي مصرع السنوسي أو إصابة ضو منصور، مضيفا: «الجميع يعرفون من هو السنوسي وشكله.. إذا كان حيا يرزق فليظهر على شاشات التلفزيون الرسمي الموالي للقذافي، وإذا كان ضو في طرابلس ولا يعالج في تونس كما نقول فليظهر أيضا».

وأضاف: «نتحدى النظام أن يكذِّب ما قمنا به. نحن لا ندعي بطولات زائفة، وسنصدر قريبا شريط فيديو هو في طريقه إلينا من طرابلس. لقد صورنا العملية برمتها حتى نؤكد للعالم مصداقية ما نعلنه».

ويطرح تنفيذ العملية بهذه الطريقة تساؤلات حول كيفية حصول الثوار على السلاح في معقل القذافي بطرابلس، بالإضافة إلى تساؤلات أخرى حول عدم قيام الحراس المرافقين عادة لكبار المسؤولين الليبيين بالرد على منفذي العملية. لكن الغرياني يقول في المقابل، إن ما حدث لم يكن متوقعا على الإطلاق، وإن المبنى المستهدف تم افتتاحه قبل نحو أسبوعين فقط، وتعمد النظام أن لا يضع حوله حراسة لافتة للانتباه كنوع من التمويه.

وتابع موضحا أن «القصف أربك الجميع، وكان همّ الحراس المرافقين لنجل القذافي تأمينه، حيث نقلوه على عجل في سيارة إلى خارج المكان. لقد حصل هرج ومرج واضطراب كبير.. هذا لم يكن متخيلا وقوعه، والمفاجأة أعجزت الجميع عن الرد».

وقال الغرياني، إن الحركة الوطنية لتحرير ليبيا هي بمثابة الجناح العسكري لمجلس طرابلس وهدفها تحرير العاصمة وحمايتها، وحرمان أعوان النظام من تولي أي منصب سياسي في المستقبل.

وأشار الغرياني في حديثه إلى أن العاصمة الليبية تعج بعشرات الحركات والتنظيمات السرية المناهضة للقذافي، وقال: «كلها حركات سرية ضد القذافي رغم أنه يقول إن الشعب معه. لا أحد يحب طرابلس يحب القذافي، ومن تراهم في الإعلام يهتفون له، يدفع لهم النظام (أموالا)»، وقال أيضا عن «التنظيمات السرية في طرابلس»، إنه على اتصال بـ6 منها على الأقل، موضحا أن هذه التنظيمات بصدد توحيد جهودها وتوسيع نطاق عملها ونوعيتها ضد نظام القذافي.

وأضاف: «نحن نعمل منذ أكثر من شهرين في طرابلس، وبيننا مدنيون وعسكريون ورجال أمن، وكل أطياف الشعب.. عدد المنخرطين في صفوفها (التنظيمات) داخل طرابلس أكثر من ألفين، ولدينا 600 مقاتل في الجبل الغربي، ونحو 450 عنصرا في تونس»، وقال إن أحد هذه التنظيمات قام، قبل أيام، بإعدام اثنين من القيادات النسائية للحرس الثوري الموالي للقذافي في أحد شوارع طرابلس.

ومضى الغرياني يقول، إن تنظيمه يعتمد على التقنية والتكنولوجيا الحديثة في التواصل مع عناصر التنظيم في داخل طرابلس وتمرير المعلومات، وأضاف: «عندنا تواصل مع طرابلس ولدينا وسائلنا الخاصة، ولا تنس أننا نعيش عصر التكنولوجيا».

وأشار الغرياني إلى أن صواريخ «آر بي جي» التي استخدمت في عملية طرابلس، تم شراؤها من بعض عناصر الكتائب الأمنية الموالية للقذافي، وأن هناك سوق سلاح رائجة في طرابلس تمكن من لديه المال من الحصول على السلاح الذي يريده. وقال، إن سعر «الكلاشنيكوف» 3500 دينار ليبي، بينما الـ«آر بي جي» فيباع مقابل 7 آلاف دينار، مضيفا: «كل السلاح موجود.. وأنت وفلوسك».

وبالإضافة إلى ذلك، كشف الغرياني عن أن الحركات السرية في طرابلس، ومن بينها حركته، قد تمكنت من اختراق نظام القذافي أمنيا، وقال: «لدينا رجال حتى داخل أجهزته الأمنية، وسنعلن، لاحقا بعد سقوطا النظام، عن الأبطال الذين يعملون لصالحنا داخل نظام القذافي»، معربا عن اعتقاده بأن القذافي ليس قويا على الإطلاق، قائلا: «هو يملك المال والمرتزقة فقط ولا يملك الليبيين.. هم أحرار ولم يكونوا معه مطلقا».

يشار إلى أن الناطق باسم الحكومة الليبية، موسى إبراهيم، نفى مرتين على الأقل، خلال الساعات الماضية، وقوع أي هجوم من نوعه ضد أي اجتماع لمسؤولين في النظام الليبي. كما لم يتحدث أي من الإعلاميين والصحافيين الأجانب الموجودين في طرابلس عن سماع أي انفجار مزامن لتوقيت العملية التي تتبناها الحركة الوطنية لتحرير ليبيا.