سفاح النرويج كان على صلة بخليتين.. وانخفاض الضحايا إلى 76

حبس المتهم 8 أسابيع على ذمة التحقيق > مثل أمام المحكمة في جلسة مغلقة دون تغطية إعلامية

ممثلو الصحافة العالمية والمحطات الفضائية خارج محكمة اوسلو امس (إ.ب.أ)
TT

خفضت الشرطة النرويجية، أمس، إجمالي الضحايا في الهجومين اللذين وقعا في العاصمة أوسلو وجزيرة أوتوياه بالنرويج، إلى 76 قتيلا بدلا من 93, فقد ارتفع عدد ضحايا الانفجار الذي وقع في أوسلو إلى 8 أشخاص، بينما أعادت تقييمها لعدد ضحايا عملية إطلاق النار في جزيرة أوتوياه إلى 68 قتيلا، وبذلك يصل إجمالي عدد القتلى إلى 76 قتيلا، وليس 93 قتيلا، كما ذكر سابقا.

وما زالت الشرطة تبحث عن مزيد من الضحايا في جزيرة أوتوياه، حيث أرسلت 50 شرطيا للتأكد من أنه لا يوجد ضحايا آخرين. وأمر قاض نرويجي، أمس، باستمرار الحبس الاحترازي للمتهم بتنفيذ هجومين، أسفرا عن مقتل 76 شخصا وإصابة نحو مثلهم، 8 أسابيع أخرى على ذمة التحقيق قبل ظهوره مرة أخرى أمام المحكمة، وزعم المتهم أمام المحكمة أن هناك جماعتين متواطئتين معه. وخلال ظهوره أمام المحكمة، أقر المتهم، أمس، بتنفيذ الهجومين، لكنه قال إنه لم يقصد قتل أكبر عدد ممكن من الناس، وإنما «توجيه رسالة غير قابلة للخطأ لحزب العمال النرويجي» بعدم السماح بـ«استعمار» الدولة من قبل المسلمين، بحسب القاضي كيم هيجير.

وقال القاضي إن منفذ «مذبحة النرويج»، أندرس بيرينغ بريفيك، سيبقى خلال فترة احتجازه في الحجز الانفرادي لمدة ثمانية أسابيع، خشية العبث بالأدلة، ولن يسمح له باستقبال الزوار أو البريد أو الاطلاع على الأنباء، وقال القاضي كيم هيجير إن جلسة تحقيق علنية ستمثل «موقفا استثنائيا، وأكثر صعوبة للتحقيقات الجارية والوضع الأمني». وقد تأخرت جلسة التحقيق بسبب تشديد الإجراءات الأمنية في المحكمة. وأشارت الجلسة إلى التفجير في منطقة حكومية في أوسلو يوم الجمعة، الذي أدى لمقتل سبعة أشخاص على الأقل، وإطلاق النار في مخيم للشباب في جزيرة أوتوياه القريبة في اليوم نفسه. وكان بريفيك نفسه يريد جلسة التحقيق علنية وفقا لمحاميه جير ليبستاد. وفي إفادات للشرطة قال بريفيك إنه نفذ الهجومين لأنه كان يرغب في «تغيير المجتمع»، وفقا لقول محاميه. وأراد المتعصب البالغ من العمر 32 عاما، الذي يصف نفسه بأنه صليبي يحارب مدا إسلاميا، في بيان مشوش مؤلف من 1500 صفحة على الإنترنت، الحصول على فرصة لشرح دوافعه التي يقر بأنها وحشية لكن «ضرورية». واستهدفت المذبحة التي وقعت في جزيرة أوتوياه، أعضاء كانوا يحضرون مخيما شبابيا نظمه حزب العمال الحاكم. وخلال جلسة الاستماع, اعترف المتهم بالوقائع من دون الإقرار بذنبه، وقال إنه أراد الدفاع عن بلده وعن أوروبا في وجه الإسلام والماركسية، بحسب تصريحات القاضي للصحافيين عقب انتهاء جلسة الاستماع. وأمرت محكمة أوسلو الابتدائية، أمس، بمنع حضور وسائل الإعلام والجمهور جلسة محاكمة المتهم بارتكاب هجومين، ووجهت اتهامات إلى بريفيك فيما يتعلق بالهجومين اللذين وصفا بأنهما أعنف موجة عنف تصيب البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، وقال القاضي هيجير إن جلسة تحقيق علنية ستمثل «موقفا استثنائيا وأكثر صعوبة للتحقيقات الجارية والوضع الأمني». وأشارت الأنباء إلى أن بريفيك مرتبط بمنظمات يمينية متطرفة وجماعات معادية للوجود الإسلامي، وقضى عدة سنوات يخطط للعملية التي نفذها فجر الجمعة. وشهدت النرويج دقيقة صمت حدادا على أرواح الضحايا عند الساعة 12:00 بالتوقيت المحلي (10:00 بتوقيت غرينتش)، وفي الساعة 11 غرينتش، مثل بريفيك أمام المحكمة في جلسة استماع.

وكان بريفيك اعترف بشن هجوم على معسكر لشباب الحزب الحاكم في جزيرة بالقرب من العاصمة النرويجية أوسلو، راح ضحيته ما لا يقل عن 76 شخصا, ويواجه بريفيك، الذي وصف هجومه بأنه «بشع لكنه ضروري»، عقوبة السجن 21 عاما كحد أقصى.

وقال بريفيك خلال الاستجواب إنه كان يعتزم أيضا قتل رئيسة الوزراء النرويجية السابقة، جرو هارلم برونتلاند، خلال وجودها في الجزيرة في وقت سابق بعد الظهر، لكنه تأخر وفقا لما ذكرته صحيفة «أفتنبوستن» نقلا عن مصادر في الشرطة.

وقد ظهرت صور ثابتة لبريفيك وهو يحمل بندقية آلية في مقطع فيديو معاد للمسلمين، وبث المقطع الذي يبلغ طوله 12 دقيقة، والمسمى «فرسان الهيكل 2083»، على موقع «يوتيوب», وكشفت مصادر طبية في وقت سابق عن أن بريفيك استخدم نوعا خاص من الرصاص لإحداث أكبر قدر من الأضرار بضحاياه، وقال الدكتور كولين بول، الذي يشرف على علاج عدد من الجرحى، إن بريفيك استخدم رصاصا يسمى الدمدم، صمم للتشظي في أجساد الضحايا, وأوضح بول أن الجراحين الذين عالجوا 16 ضحية استعادوا شظايا بالغة الصغر من الرصاص متناثرة في أجساد الجرحى، مضيفا أن مخارج الطلقات كانت بالغة الصغر وضعيفة على نحو غير مألوف, وأضاف: «هذه الرصاصات انفجرت بشكل أو بآخر داخل جسد الضحية واستقرت داخل النسيج؛ مما تسبب في أضرار داخلية».

ويبدو أن أكبر مذبحة في وقت السلم تشهدها النرويج، الهادئة بطبيعتها، في تاريخها الحديث، مدفوعة بما يراه بريفيك مهمة لإنقاذ أوروبا مما يعتبره تهديدات الإسلام والهجرة والتعددية الثقافية. واستسلام بريفيك للشرطة عندما واجهته في النهاية على جزيرة أوتوياه الصغيرة بعد قتله 86 شابا، يشير إلى رغبته في اعتلاء منبر عام يمكن من خلاله نقل أفكاره المتشددة.

وفي حوادث إطلاق نار عشوائي أخرى يلجأ الجناة في الغالب للانتحار عند وصول الشرطة، أو استفزاز ضباط شرطة ليقتلوهم بالرصاص. وركزت الصحف النرويجية، أمس، على الضحايا مع تحول الصدمة إلى حزن، وذكرت وقائع مروعة عن المذبحة التي وقعت على الجزيرة.

وقالت صحيفة «أفتنبوستن» في صدر صفحاتها: «الحزن يوحد النرويج»، ونشرت صورا للساحة الرئيسية في أوسلو وهي مليئة بالورود والشموع تكريما لأرواح القتلى. وقال ليبشتاد المحامي عن بريفيك إنه يعبر عن نفسه بهدوء إلى حد ما، ولكن يعبر عن عواطفه بين الحين والآخر بدفن رأسه بين يديه، وتابع قائلا إنه يعتقد أن أفعاله وحشية، ولكنه يرى أنها ضرورية، مضيفا أن موكله لا يشعر أنه يستحق العقاب.

وتعتقد الشرطة أن المتهم تصرف بمفرده بعد أن شعر بالإحباط تجاه الأحزاب، حتى تلك التي كسبت شعبية ومقاعد في البرلمان، بانتهاج سياسات معادية للهجرة في بلدان أوروبية ليبرالية ومتسامحة، مثل النرويج الثرية، وقال مراقبون إنه من المحتمل أن يخفف الهجوم الجدل بشأن الهجرة قبيل الانتخابات المحلية المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل؛ حيث ستسعى الأحزاب لتنأى بنفسها عن معتقدات بريفيك، وتعزيز مظهر النرويجيين أنفسهم كشعب منفتح ومسالم.