الطائرات الخاصة السبيل الجديد للمعسكرات الصيفية في أميركا

رغم تعثر الاقتصاد تسعى الأسر إلى تقليص المسافات التي تقطعها بالسيارة

TT

تصادف انتظار بول لوبيدج، حاكم مين، لاستقلال الطائرة المتجهة إلى مطار أوغوستا خلال أحد أيام السبت القريبة عندما بدأ الإقبال على رحلات عطلات نهاية الأسبوع يتزايد.

وانطلقت طائرة «بيلاتوس بي سي - 12» ذات المحركات التوربينية حاملة ميليسا توماس وابنتها وابنة صديقتها، بجانب كومة من أدوات ومعدات تخص لعبة الكروس في طريقهم إلى منازلهم في كونيتيكت، في أعقاب ثلاثة أسابيع قضتها الفتاتان في معسكر «كامب أول ستار» بالقرب من كنتس هيلز في مين. بعد ذلك بفترة قصيرة، وصلت طائرة «سسنا سايتيشن إكسيل»، وكانت تحمل على متنها أما وأبا وابنتهما البالغة 13 عاما، حاملين حقيبة نوم وردية اللون وحقيبتين ضخمتين مصممتين خصيصا للتخييم، وكانوا جميعا في طريقهم إلى كامب فيغا في فاييت.

وعن رحلاته باستخدام الطائرات الخاصة التي تدفعه إليها المعسكرات الصيفية، قال لوبيدج: «أعشقها للغاية. كنت أتمنى لو أنهم يبقون أسبوعا أثناء وجودهم هنا. هذا مجال ضخم للنشاط التجاري».

طيلة عقود، واجه الآباء والأمهات الذين يرسلون أطفالهم إلى المعسكرات الصيفية المتاعب ذاتها المتعلقة بالسفر لمسافات طويلة لمدن قاصية في مين ونيو هامبشير ونيويورك لاستقبال أطفالهم والعودة بهم إلى منازلهم أو المشاركة في يوم زيارة الأهل في المعسكر.

حاليا، ورغم تعثر الاقتصاد، تسعى أعداد متزايدة من الأسر على تقليص المسافات التي تقطعها بالسيارة واللجوء إلى الطائرات للوصول إلى المعسكرات الصيفية. وشرح أحد الوسطاء العاملين بمجال توفير طائرات نفاثة خاصة، تود روم، من شركة «بلو ستار غتس»، أن النشاط التجاري ارتفع في موسم المعسكرات الصيفية هذا العام بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضي.

خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع شكلت الطائرات النفاثة الخاصة الخيار المفضل أمام الأسر المتجهة لزيارة أبنائها، مما أدى إلى ازدحام الطائرات على ممرات المطارات الصغيرة بالكثير من المناطق الريفية.

في هذا الصدد كشف مسؤولون بمطار «أوغوستا» أن 51 طائرة خاصة وصلت إلى المطار بين الخميس والسبت، بينما في الأحوال العادية لا يستقبل المطار في اليوم الواحد سوى بضع طائرات. ومع ذلك اشتد الازدحام في المطار لدرجة أجبرت المسؤولين على إغلاق الممرين العموميين أمام جميع الطائرات القادمة، حسبما أفاد ديل كيلمر، مدير شؤون التشغيل بشركة «مين إنسترومنت فلايت» المسؤولة عن إدارة المطار.

وأضاف: «لدينا هنا ما بين 50 و60 طائرة في اليوم الواحد. إن الأمر أشبه بمستشفى المجانين لأن جميع الطائرات ترحل في الوقت ذاته، بين 4 و6 مساء».

داخل مطار مقاطعة سوليفان في بيثيل بنيويورك، حملت قرابة 40% من الرحلات الجوية أسرا متجهة نحو معسكرات صيفية. وأشار مسؤولون في مطار لاكونيا في غيلفورد في نيو هامبشير، ومطار مولتونبرو في مولتنبرو بنيو هامبشير إلى أرقام مشابهة.

في مطار روبرت لافلور في ووترفيل، القريب من الكثير من المعسكرات الخاصة بمنطقة بلغريد ليك في مين، اضطر راندي مارشال إلى الاستعانة بشخصين إضافيين لتنظيم حركة المرور خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية.

في أوغوستا، عادة ما يقيم كيلمر جناحا مؤقتا لإقامة الطيارين والمضيفين الذين يتعين عليهم الانتظار حتى عودة عملائهم من زيارة المعسكرات الصيفية لأبنائهم، بحيث يتمكنون من السفر مجددا في وقت لاحق من عصر اليوم ذاته. وقد تلقى كيلمر بالفعل طلبات لإمداد رحلات العودة بمستلزمات مثل الفاكهة وصواني حمل الطعام للبالغين وعلب صغيرة للساندويتشات لتقديمها للأطفال. وطلبت إحدى الطائرات زبدة الفول السوداني وساندويتشات جيلي وفراولة وعلب عصائر وموزا وحلوى.

وتجبر شعبية الانتقال عبر الطائرات الخاصة الكثير من المعسكرات الصيفية مرتفعة التكلفة، حيث يمكن أن تصل تكلفة قضاء سبعة أسابيع إلى أكثر من 10.000 دولار، على تحقيق توازن بين أنماط سلوك الآباء والأمهات وقيم البساطة التي تروج لها المعسكرات.

من جهته قال كايل كورتيس، الذي تتولى أسرته إدارة «كامب فيغا» في مين، إن فريق العمل المعاون له تدرب على «مثل هذه الأمور»، وإن الطائرات الخاصة «تختلف عن حياة المعسكرات». وقالت إرلين شيبرد، مديرة «كامب سكايلمار» في نيبلز بمين، إنه في الوقت الذي يتنقل بعض الآباء والأمهات البارزين عبر طائرات خاصة للحضور للمعسكر، فإن البعض الآخر لم يستقل طائرة في حياته قط.

وتقول شركات الطيران الخاصة وبعض أولياء الأمور إن تكاليف التنقل في هذه الطائرات أصبحت في متناول قاعدة عريضة. وأشار بعض أولياء الأمور إلى أن تكاليف السفر في رحلات تجارية من نيويورك إلى بورتلاند بمين خلال فترات الذروة في عطلات نهاية الأسبوع تتراوح بين 500 و600 دولار، حتى عند الحجز قبل الموعد بفترة طويلة. وأوضح روم، رئيس «بلو ستار غتس»، أن الأسر يمكنها استجار طائرات تسع سبعة أفراد بأسعار تبدأ من 3800 دولار للرحلة التي تستغرق يوما واحدا، وهو سعر تنافسي بالمقارنة بكثير من الرحلات التجارية. وقال روم: «ليس من الضروري أن تكون مليونيرا كي تتمكن من فعل ذلك».

وقالت توماس، التي تعمل في مطار أوغوستا، إن الراحة التي يشعر المرء في رحلات الطيران الخاصة تفوق بكثير التكاليف. وقالت بينما كانت تحمل أمتعة ابنتها إلى خارج سيارتها: «غادرت منزلي في السادسة و45 دقيقة هذا الصباح وسأعود إليه في الظهيرة. وسأنتهي من رحلتي في غضون ست ساعات. إذا استخدمت وسائل نقل أخرى تستغرق الرحلة يومين».

الملاحظ أن استخدام طائرات خاصة في التنقل إلى المعسكرات الصيفية أصبح منتشرا بدرجة بالغة لدرجة أن بعض أولياء الأمور أصبحوا يفضلون ركوب طائرات خاصة مع آخرين. وقالت والدة لبنتين تشاركان في معسكر «تريب ليك كامب» في بولاند بمين: «عدد كبير من آباء وأمهات الأطفال في معسكر ابنتي يملكون الطائرات الخاصة التي ينتقلون بها». وكان من المقرر لها السفر بطائرة تجارية إلى بورتلاند خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكنها أملت في العودة باستخدام طائرة خاصة. إلا أن بعض أولياء الأمور شعروا بالسأم حيال اختراق مسألة ركوب طائرات خاصة لعالم المعسكرات الصيفية المتميز ببساطته. من جهتها، قامت نانسي تشمتوب، المحامية، برحلات عدة خلال الصيف إلى مين على امتداد العقد الماضي. ونجحت ذات مرة في استئجار طائرة خاصة من مطار إيست هامبتون في نيويورك مقابل 750 دولارا (وعلق زوجها لافتة على الطائرة يدعو من يرغب في مشاركتهما الطائرة). وبعد سماعها الكثير من المزاح بين أولياء الأمور حول «من يستقل طائرة خاصة؟»، قررت أنها «سئمت من مين والطائرات وكل الناس». وأضافت: «إنه عالم مجنون». الآن ترسل أطفالها لمعسكر في أوروبا.

* بولي سالتونستول شارك في التقرير من مين (نيويوك تايمز)