إلغاء اتفاقيات أوسلو أحد الخيارات للرد على مبادرة الاعتراف بفلسطين دولة في الأمم المتحدة

مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعد خطة شاملة بشأن ذلك

TT

بتعليمات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وعلى الرغم من معارضة الدبلوماسيين المهنيين في وزارة الخارجية، باشر مجلس الأمن القومي، بقيادة الجنرال يعقوب عاميدرور، أبحاثا لوضع خطة شاملة للرد على المبادرة الفلسطينية للاعتراف بفلسطين دولة في الأمم المتحدة. وبين أهم الخيارات التي طلب نتنياهو بحثها هو إلغاء اتفاقيات أوسلو.

وبدأت الأبحاث في إسرائيل حول إلغاء اتفاقيات أوسلو قبل خمسة أسابيع، عندما التقى وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، مع وزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، وقال لها إن توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة بطلب اعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود 1967، هو خطوة أحادية الجانب تعني إلغاء اتفاقيات أوسلو. وجرى ذلك اللقاء يوم 17 يونيو (حزيران) الماضي. وعلى أثره أجرى طاقم مهني من الدبلوماسيين في وزارة الخارجية بحثا معمقا في الموضوع توصلوا في أعقابه إلى نتيجة مفادها أن إلغاء اتفاقيات أوسلو خطوة غير صحيحة من طرف إسرائيل، وستقود إلى حملة ضغوط دولية ضدها، شبيهة بالضغوط التي تتعرض لها اليوم لإلغاء الحصار على قطاع غزة. ولكن هذا الموقف لم يعجب الوزير ليبرمان ولا رئيس الوزراء نتنياهو. فقررا إجراء بحث شامل حول «الخطوات التي ينبغي على إسرائيل القيام بها ردا على المبادرة الفلسطينية، وبينها إلغاء اتفاقيات أوسلو من طرف واحد».

وأعطى نتنياهو تعليماته لرئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة، الجنرال عاميدرور، بأن يجري هذا البحث. وبوشر القيام بهذا البحث فعلا قبل ثلاثة أسابيع. وتمت دعوة مندوبين عن أجهزة المخابرات وعن وزارات: الدفاع والخارجية والمالية والقضاء والتجارة والصناعة، وكذلك من الجهاز القضائي العسكري والنيابة العسكرية. وطلب عاميدرور منهم أن يأتوه باقتراحات وتصورات حول النتائج المتوقعة من إلغاء اتفاقيات أوسلو.

المعروف أن الفلسطينيين كانوا هم أيضا قد تحدثوا عن إمكانية إلغاء اتفاقيات أوسلو من طرف واحد، وإلغاء السلطة الفلسطينية، «لكي تعود إسرائيل وتحتل الضفة الغربية وقطاع غزة، وتتحمل مسؤولياتها عن 3.5 مليون فلسطيني يعيشون فيها». ولكنهم لم يجروا في الموضوع بحثا معمقا، وبدا أن هذه الدعوة نابعة من مبادرات غير رسمية.

وحسب صحيفة «هآرتس»، فإن الأبحاث التي جرت في هذا الشأن دلت حتى الآن على أن غالبية الوزارات الإسرائيلية تعارض فكرة إلغاء اتفاقيات أوسلو، خصوصا في الوزارات الاقتصادية التي تخشى من أضرار على إسرائيل في علاقاتها مع أوروبا.

ويرى الطاقم المهني لوزارة الخارجية أن خطوة كهذه ستقود إلى مزيد من العزلة وعدم الشرعية لإسرائيل. يذكر أن اتفاقيات أوسلو، التي تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى في سنة 1993 ثم بشكل نهائي في سنة 1995 في البيت الأبيض في واشنطن، هي الإطار القضائي لغالبية العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في مجالات الأمن والاقتصاد والبنى التحتية وغيرها.

ويلزم إلغاء الاتفاقيات بدراسة عدد من القضايا المركزية وعلى رأسها مكانة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وبموجب هذه الاتفاقيات تم تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: «مناطق إيه» وهي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة الأمنية والمدنية، و«مناطق بي» التي تقتصر على سلطة مدنية فقط وكلاهما معا تشكل ما يعادل 40 في المائة من الضفة، و«مناطق سي» التي تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل ومساحتها 60 في المائة من الضفة. وفي هذه الحالة فإن إلغاء أوسلو يضع علامات سؤال بشأن استمرار هذا التقسيم، وكذلك بشأن استمرار التعاون الأمني القائم بين إسرائيل وأجهزة الأمن الفلسطينية، واستمرار العمل بموجب نظام الجمارك الحالي، حيث تقوم إسرائيل بجباية الجمارك للسلطة، وقضايا أخرى تتصل بمصادر المياه والتزود بالكهرباء وغيرها.

وحذرت وزارة المالية من انهيار الاقتصاد الفلسطيني وتبعات ذلك على الاتفاقيات التجارية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، وما قد ينجم عنه من ضغوط دولية شديدة على إسرائيل.

ومن ضمن البدائل الأخرى المطروحة للبحث في إسرائيل، في هذا السياق، اقتراح قادة مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، وهو ضم المستوطنات اليهودية إلى الحدود الرسمية لإسرائيل، لتصبح مثل مدينة القدس الشرقية. ولكن نتنياهو، حسب صحيفة «هآرتس»، رفض هذا الاقتراح باعتباره «خطوة متطرفة».

وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أصدر بيانا رسميا ردا على هذه الأنباء قال فيه إن «مجلس الأمن القومي يفحص الكثير من الخيارات بشأن ما يعرف بـ(استحقاقات سبتمبر)، بحث الطلب الفلسطيني في الأمم المتحدة، وعندما ينهي أبحاثه فسيطرحها على القيادة السياسية لتبت فيها». وقالت مصادر سياسية لصحيفة «هآرتس» إن البحث شمل موضوع إلغاء اتفاقيات أوسلو، «إلا أن هذا الاقتراح لم يكن خيارا مفضلا، بل أحد الاقتراحات التي ستطرح على القيادة السياسية، ولم يحسم النقاش بعد حول الموضوع».