حمص تتحول إلى مدينة أشباح وقطع الاتصالات عن بعض أحيائها

القربي: حملات النظام لا تفرق بين طفل وشيخ ومريض وعاجز > اعتصام أكثر من 300 محام في دمشق للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين

مشهد في احد المواقع السورية على الانترنت لجنود خلال اقتحامهم منزلا بدمشق
TT

تحولت مدينة حمص (وسط) التي تشهد منذ أسبوع انتشارا واسعا لقوات الجيش وحملات أمنية، إلى مدينة أشباح، حيث خلت من المارة وقطعت الاتصالات الأرضية والخليوية عن بعض أحيائها مثل حيي الخالدية والبياضة، فيما انتشرت دبابات الجيش السوري في كل أحياء المدينة الرئيسية التي خلت من المارة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشار المرصد إلى «دخول عدد من سيارات الأمن إلى حي الإنشاءات وتمركز الدبابات في حي باب السباع وباب الدريب والخالدية وأول حي القصور وشارع الستين في البياضة».

وكان أكثر من خمسين شخصا قتلوا في مدينة حمص وسط البلاد خلال الأسبوع الماضي بحسب الناشطين الذين يتهمون النظام بزرع الفتنة الطائفية بين أطياف المدينة.

وواصلت من جهة ثانية، أجهزة الأمن السورية حملتها في ريف دمشق، وسط أنباء عن اعتقال عدد من الأشخاص. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس إن «قوات الأمن قامت، باعتقال تسعة موظفين من أهالي الحجر الأسود (ريف دمشق) وعدة عمال في صحنايا (ريف دمشق)». وأورد المرصد لائحة بأسماء المعتقلين. وأشار المرصد إلى أن «مظاهرة ليلية خرجت بحي الحجر الأسود ليل الأحد في دمشق من جامع الرحمن باتجاه شارع الثورة تطالب بإسقاط النظام ردا على حملة الاعتقالات التي نفذتها الأجهزة الأمنية». وأضاف المرصد أن «الأجهزة الأمنية اعتقلت السبت نحو 26 شخصا من حي جوبر في دمشق بينما كانوا عائدين من عزاء إلى بيوتهم». وشهد السبت حملة اعتقالات في أحياء ركن الدين والقابون والقدم في العاصمة دمشق.

وأكد المرصد أن «الأجهزة الأمنية السورية نفذت حملة مداهمات واعتقالات في حي ركن الدين في دمشق» مشيرا إلى «انتشار أمني كثيف في الحي». وأضاف «انتشر المئات من عناصر الأمن مدججين بالسلاح ويقومون الآن بتمشيط المنطقة» لافتا إلى أن الانتشار كان في «حارات وانلي والكيكية وبالقرب من مشفى ابن النفيس».

وذكر رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «الانتهاكات اليومية الواسعة التي تمارسها السلطة السورية بحق المواطنين لا تفرق بين طفل وبالغ ومريض وعاجز». وأشار قربي إلى «اعتقال طفل يدعى نعيم فضل (سبعة أعوام) منذ ثلاثة أيام في مدينة درعا (جنوب)» معقل حركة الاحتجاج. كما لفت إلى «استمرار اعتقال الطفل أحمد أبا زيد (13 عاما) منذ بداية مارس (آذار)» مشيرا إلى أنه «كان بين أطفال درعا الذين كتبوا على الجدران (الشعب يريد إسقاط النظام) في بداية مارس وسبب اعتقالهم وتعذيبهم نقمة الأهالي».

وأكد قربي أن «أحمد لم يخرج إلى الآن رغم خروج خرج جميع رفاقه من السجن» معربا عن قلقه «حول مصيره». وقامت عناصر الأمن باعتقال عضو اتحاد الكتاب العرب محمد جمال طحان (53 سنة) في حلب وأستاذ كلية الشريعة بدمشق أحمد الطعان وبطل الملاكمة محمود عبد القادر، بحسب قربي. وفي هذا السياق «نظم أكثر من 300 محام اعتصاما داخل قاعة المحامين في القصر العدلي في دمشق للمطالبة بالإفراج عن المحامين المعتقلين ومعتقلي الرأي في السجون والمعتقلات السورية» بحسب مدير المرصد.

من جهة ثانية يعرب جهاديون عراقيون سنة عن تأييدهم لما يعتبرونه «ثورة» ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي اتهم في الماضي بنقل أسلحة إلى جماعات متمردة في العراق وتسهيل تسلل مسلحين أصوليين للقتال هناك. وتحت عنوان «الثورة السورية ضد بشار والشبيحة» في موقع «حنين» الإلكتروني المتخصص بأخبار «الجهاد»، يهاجم هؤلاء الأسد منتقدين دعوة وجهها أحد كبار المشايخ السلفيين الجهاديين بتحريم المظاهرات ضد النظام السوري.

ويقول جهادي عراقي يعرف عن نفسه باسم ابن أرض النخوة إن «النظام السوري الصفوي الباطني عاث بأرض الشام خرابا وبالمسلمين ذبحا وتشريدا وتعذيبا فلم يرحموا لا شيخا ولا طفلا ولا امرأة ولا شابا». ويضيف أن «ثمة من يقول إن النظام (السوري) يدعم المقاومة. لا بارك الله بمقاومة يدعمها هؤلاء الفجرة الذين نشروا الفساد في البلاد وحاربوا الدين والعفة وأهل التقوى والإيمان وكانوا الجسر الآمن للمجوس (في إشارة إلى الإيرانيين) للدخول لسوريا ولبنان والعراق».

وينشر موقع «حنين» يوميا مقاطع فيديو لأحداث جرى تصوير معظمها عبر الهاتف في سوريا. كما يبث صور «شهداء» سقطوا خلال الحركة الاحتجاجية المستمرة ضد نظام الأسد منذ مارس (آذار) التي يسميها الجهاديون العراقيون «ثورة». وينقل الموقع أيضا تعليقات ومقالات تنتقد السلطات في دمشق. ويكتب الجهادي قطز أن «بشار إلى مزبلة التاريخ ومن يتشبث به ويدافع عنه سيلحق به بالتأكيد».

ويأتي تأييد هؤلاء الجهاديين العراقيين للحركة الاحتجاجية في سوريا بعد اتهامات وجهت إلى النظام السوري بأنه قدم دعما ماليا وعسكريا ولوجستيا للجماعات المتمردة في العراق. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أعلن في ديسمبر (كانون الأول) 2009 أن العراق يملك «أدلة دامغة» على تورط سوريا في تفجيرات في العراق. وجاءت تصريحات المالكي بعد أيام من تأكيد وزير الدفاع العراقي السابق عبد القادر العبيدي في جلسة استماع في البرلمان العراقي! أن معظم الأسلحة المضبوطة من قبل القوات العراقية روسية الصنع وقادمة من سوريا. وكشفت برقيات أميركية سربها موقع «ويكيليكس» في فبراير (شباط) تأكيد المالكي أمام دبلوماسيين أميركيين في سبتمبر (أيلول) 2009 أن سوريا وإيران «تقدمان أسلحة للمتمردين في العراق وضمنها صواريخ أرض جو».

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الدعم في العراق للحركة الاحتجاجية في سوريا يأتي من منطلق طائفي». ويضيف أن «بعض الأطراف في سوريا كانت تغذي وتمول الجماعات الجهادية في العراق وما يحدث الآن نوع من رد الجميل». وكانت السلطات السورية أعلنت عند بداية الحركة الاحتجاجية في مارس (آذار) أنها ضبطت شحنة كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والمتفجرات والذخائر مهربة من العراق على متن شاحنة بقصد استخدامها في «زعزعة الأمن الداخلي».