حورية مشهور: صالح متمسك بالسلطة ولا يريد أن يساهم في إنقاذ اليمن

عضو المجلس الانتقالي لـ «الشرق الأوسط»: نخشى أن تكون المبادرة الأممية للتسويف

حورية مشهور
TT

كانت حورية مشهور عضوا في الحزب الحاكم ورئيسة للجنة الوطنية للمرأة، لكن ومع الثورة الشبابية وعمليات القمع التي تعرض لها المتظاهرون في الساحات، من أوائل من استقالوا من الحزب الحاكم ومناصبهم وانضمت إلى الثورة المطالبة بالإطاحة بنظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.

ومؤخرا اختارها شباب الثورة ضمن المجلس الرئاسي الانتقالي الذي أعلنوا عنه والذي يتكون من 17 شخصا.

وفي هذا الحوار مع عضو المجلس الانتقالي في اليمن، حورية مشهور، يجري الحديث عن مستقبل المجلس والقضايا السياسية الراهنة في اليمن، فإلى نص الحوار:

* إلى أين وصلتم في تشكيل المجلس الانتقالي؟

- في الحقيقة شباب الثورة يحاولون إجراء اتصالات مع أعضاء المجلس من أجل الترتيبات اللاحقة للقائهم ووضع إطار عام للعمل، لكن قبل هذا وذاك نحن نتطلع إلى الالتفاف حول المجلس الانتقالي في ساحات الحرية والتغيير بالجمهورية، لأنه يهمنا في الحقيقة الإجماع على المجلس الانتقالي، إضافة إلى أن المعارضة قالت إنها ستعلن عن مجلس انتقالي أيضا الشهر المقبل، وربما يتم التوصل إلى إجماع واتفاق حول المجلس المزمع إعلانه، وفي الحقيقة هدفنا كبير جدا، بعد الهدف الأول وهو رحيل النظام، وهو بناء الدولة المدنية الحديثة وتعترضنا الكثير من التحديات في الوقت الراهن.

* ما هي أبرز التحديات التي تتحدثين عنها؟

- أبرزها أن بعض المكونات في ساحات الاعتصام تقول إنها فوجئت بالإعلان عن المجلس الانتقالي ولم يتم التشاور معها، لكن في كل الأحوال وحتى نحن من وضع شباب الثورة ثقتهم بنا، لم يتم التشاور معنا وأتحدث عن نفسي شخصيا عندما وضعوا اسمي في قوام المجلس، وأنا اعتبرتها مهمة وطنية وهم وضعوا الجميع أمام مسؤوليتهم الوطنية والتاريخية، وبالتالي لا بد أن يقوموا بهذه المسؤولية، لأن مسألة تشكيل مجلس انتقالي كانت مطروحة من البداية وليست جديدة، ولكن للأسف الشديد فإن الأطراف السياسية والثورية لم تقدم على إنشاء المجلس في وقته رغم أنه مطلب جماهيري وشعبي وهو الآلية التي بواسطتها نستطيع أن نتقدم باتجاه إنقاذ البلد من الفراغ في السلطة الذي وصلت إليه البلاد وهو فراغ أثر على كل شيء في حياتنا، وأنا لا أقول إن المجلس سيعالج الأمور بمجرد انعقاده أو اجتماعه.

* من هي الشخصية الأبرز المرشحة لرئاسة المجلس؟

- المجلس به قامات وطنية كبيرة جدا ومنهم من احتل من قبل منصب رئيس جمهورية ورئيس وزراء، وأناس في مجلس النواب وشخصيات سياسية مناضلة لها خبرات كبيرة، وأتصور أن من مر بمثل هذه التجارب هو من سيتحمل المسؤولية وربما يكون هناك نوع من تقسيم المهام ويعمل الجميع كفريق واحد وعمل جماعي.

* لكن عددا من أعضاء المجلس يتواجدون في خارج البلاد، بمعنى هل يمكن القول إنه ستكون له قيادة في الداخل وأخرى في الخارج؟

- حتى هذه اللحظة يبدو أنه سيكون هكذا الأمر، ونحن نتطلع إلى أن يلتقي أعضاء المجلس جميعا معا، وهناك تحديات لأن يجتمع المجلس في الداخل وربما الخارج هو البديل الأفضل ولكن لا نعلم إذا كان ما تبقى من النظام سيسمح لبقية الأعضاء بالسفر واللقاء في الخارج أم لا؟، الأمر الآخر أن جماعة الداخل ربما تسعى إلى ترتيب الأوضاع الداخلية فيما جماعة الخارج تقوم بحشد التأييد والمناصرة الإقليمية والدولية للمجلس وطلب الدعم له، لكن نحن نرى أن المجلس يجب أن يلتقي معا في مكان ما، في الداخل أو في الخارج والأخير هو الأقرب يبدو لي لأن بعض الإخوة الذين في الخارج يتطلب حضورهم إلى اليمن ترتيبات خاصة وبالأخص أمنيا.

* بعد تشكيل المجلس قالت المعارضة إن لديها مجلسا آخر، هل يفهم أن المجلس سيعاد تشكيله مرة أخرى؟

- المعارضة قالت ذلك وقالت أيضا إنها ليست ضد هذا المجلس الذي اختاره شباب الثورة وكانت هناك إشارات إلى مسألة الإجماع والتوافق، وفي تصوري أنه يمكن الوصول إلى صيغة توافقية لأن المشكلة الوطنية كبيرة والتحديات التي تواجه البلد كبيرة أيضا ولسنا بصدد التنازع أو التفرق والتمزق، والوصول إلى صيغة إجماع من قبل كل الساحات سيكون مفيدا للبلد.

* حاليا يقوم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بزيارة اليمن والتقى مختلف الأطراف، وهناك حديث عن مبادرة أممية، هل لديكم معلومات عنها؟

- سمعنا مثل هذا الكلام في حديث نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، على أساس أن الأمم المتحدة لديها أيضا مبادرة لحل الأزمة في اليمن ولم نعلم ما هي هذه المبادرة ولكن أنا أخشى أن تكون مجرد تضييع للوقت كالمبادرة الخليجية التي رفضها رأس النظام، وأخاف أن المبادرة الأممية للتسويف والمماطلة والاستفادة من الوقت ولا أتصور أنه سيتم الاستفادة من هذه المبادرة التي لا أعرف حيثياتها، لكن جوهر المبادرة هو نقل سلمي للسلطة ورغم هذا الفراغ الذي تعيشه البلد، لم يتم نقل السلطة إلى النائب الذي لا يمارس سلطات رئيس الجمهورية بصورة كاملة.

* أنت عضو في المجلس الرئاسي الانتقالي كيف تقيمين أداء النائب منذ إصابة الرئيس في الـ3 من يونيو (حزيران) وحتى اليوم؟

- لم يكن أداء موفقا في الحقيقة لأن كل الأمور تدهورت بصورة أكبر بكثير مما كانت عليه، وأبسط مثال على ذلك هو تدهور الخدمات، فالكهرباء في العاصمة التي هي مركز الحكم وقلب النشاط السياسي والاقتصادي لا تتوفر سوى ساعتين أو 3 ساعات فقط في اليوم، ولا نستطيع الحصول على وقود السيارات وغيرها من الضروريات، ناهيك عن التدهور الأمني والصراعات المسلحة في تعز وأرحب وغيرها من المناطق ولهذا نقول إن هناك فراغا في السلطة ولا نعلم من الذي يدير هذه البلد.

* هل لديكم تصور للخروج من الأزمة التي تعصف بالمواطنين العاديين؟

- القضية سياسية بامتياز وهي التي تؤثر على حياتنا وللعلم فإن المانحين الدوليين جميعا علقوا منحهم ودعمهم لليمن إلى أن يتم تسوية الوضع ووجود سلطة لتدير هذه الأموال، وبالتالي ينبغي أولا معالجة المشكلة السياسية وبعد ذلك أمور الناس سوف تتحسن.

* الرئيس علي عبد الله صالح يرفض التنحي عن الحكم رغم المبادرات والاحتجاجات؟

- للأسف الشديد فإن المسار السياسي الذي دعمته الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية لم يستطع إقناع الرئيس بتسليم السلطة إلى نائبه، وحتى الآن ما زال مبعوثون دوليون من ألمانيا وبريطانيا وأميركا يذهبون إلى صالح لإقناعه بنقل السلطة لأن البلد منهار، لكنه ما زال يتمترس في نفس الموقع ولا يريد أن يسلم السلطة ولا يريد أن يساعد ويساهم في إنقاذ هذا البلد.

* «القاعدة» انتشرت في المناطق الجنوبية، فهل نتوقع توسع رقعة العنف هناك؟

- أنا في تصوري أن هذا ملف غامض وغير واضح المعالم، وموضوع «القاعدة» إما مفتعل أو مبالغ فيه وهو من الملفات التي ينبغي أن تعالج ومنها مسألة وجود سلطة نظام وقانون، ومن دون معالجة الملف السياسي فإن هذه المشكلات ستكبر وستستفحل، لكن إذا تم تسليم السلطة ووضع اللبنات الأولى لمؤسسات الدولة، فسيتم كبح هذه التدهور الحاصل الآن.

* كيف تنظرين إلى دور المرأة اليمنية في الثورة الحالية، هل كان كاملا أم منقوصا؟

- المرأة اليمنية أذهلتنا وأذهلت العالم وأذهلت نفسها بمشاركتها في الثورة، فقد نزلت بصورة كبيرة جدا إلى الميادين ودعمت الشباب ولعبت دورا قياديا في الثورة ولم يكن دورها ثانويا على مختلف الصعد ولا يستطيع أحد أن ينكر دورها، رغم أن الفكرة لدى الناس كانت أن المرأة اليمنية متشحة بالسواد ومتخلفة وأمية، لكنها كانت حاضرة بقوة وهن أمهات وأخوات وزوجات الشهداء الذين سقطوا.

* هناك تلميحات وتصريحات من الأطراف المعارضة تحمل الولايات المتحدة مسؤولية إطالة أمد الأزمة في اليمن؟

- نحن في الحقيقة نحمل الأطراف الدولية المسؤولية إلى حد ما، فعندما طرحوا المسار السياسي لمعالجة الأزمة كان المسار الثوري في أوج قوته وكان ممكن يتم الحسم بصورة سريعة، لكن للأسف الشديد هم تدخلوا وأبطأوا الزخم الثوري على أساس إعطاء الفرصة للمسار السياسي والدستوري الذي أثبت فشله حتى هذه اللحظة، مع ذلك أعتقد أن الأطراف الدولية وبالأخص الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ما زالوا قادرين على لعب دور في اتجاه مساعدة اليمن ودعم خيارات الشعب اليمني.

* ما هي قراءتك للمستقبل القريب؟

- أعتقد أن جميع الأطراف ستصل إلى قناعة وبعضها وصل فعلا إلى قناعة بأنه لا بد من المعالجة الفورية والحاسمة، لأن وضع اليمن لا يحتمل أمنيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، والمنزلق خطير جدا وبالتالي التدخل للمعالجة يجب أن يكون فوريا وكلما تأخرنا فسترتفع التكلفة ونخشى الانزلاق ويصعب علينا معالجة الأمور مستقبلا.