الأمم المتحدة تستعد لمد جسر جوي من المساعدات إلى الصومال رغم الصعوبات

40 ألف شخص يصلون إلى مقديشو منذ بداية الشهر بحثا عن الغذاء

صوماليون يحصلون على الغذاء من أحد مراكز التغذية في مقديشو، أمس (أ.ف.ب)
TT

يواجه المجتمع الدولي غداة مؤتمر روما صعوبة في تعبئة كل القدرات لمكافحة الجفاف في شرق أفريقيا مع وعد بإطلاق أول جسر جوي لبرنامج الأغذية العالمي في اتجاه مقديشو.

وأكد المتحدث باسم البرنامج ديفيد أور لوكالة الصحافة الفرنسية أن «أول طائرة تنقل 14 طنا من الأطعمة الغنية بالعناصر المغذية ستقلع ظهر اليوم» من نيروبي. وأضاف «إذا لم تقلع اليوم، فستقلع الأربعاء».

وهناك رحلات أخرى متوقعة في الأيام المقبلة باتجاه مقديشو! وكذلك باتجاه مدينة دولو الإثيوبية ومدينة وجير الكينية على طول الحدود مع الصومال. إلا أن الحجم والوسائل المحددة لهذا «الجسر الجوي»، وهو التعبير الذي استخدمه برنامج الأغذية العالمي ويؤثر في النفوس، لا يزال مع ذلك غير واضح، لا سيما لجهة عدد الرحلات وكمية المساعدات التي سيتم شحنها.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فالأمر يتعلق في المرحلة الأولى بنقل المواد الغذائية التي تستخدم في مكافحة سوء التغذية لدى الأطفال، والتي توزع في المراكز الطبية التي تديرها المنظمات الشريكة.

وستوضع هذه المواد الغذائية على مدرجات مطار مقديشو الدولي، أبرز قاعدة لعشرة آلاف جندي من قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي تتدخل لدعم الحكومة الصومالية الانتقالية الهشة التي تسيطر على نصف المدينة تقريبا في مواجهة المتمردين الإسلاميين في حركة الشباب. وحركة الشباب التي تعلن ولاءها لتنظيم القاعدة، تسيطر على كل وسط وجنوب الصومال تقريبا، حيث تعتبر عدة منظمات إنسانية، بينها برنامج الأغذية العالمي، منظمات غير مرغوب فيها منذ نهاية 2009 ولن تسمح لها بالعودة على الرغم من الأزمة، كما حذر الإسلاميون.

وبرنامج الأغذية العالمي الموجود تاريخيا في البلاد، يملك في مقديشو مستودعا كبيرا على أرصفة المرفأ وتسيطر عليه القوات الموالية للحكومة وحيث لم تتوقف بواخر البرنامج في السنتين الأخيرتين عن نقل وتخزين المساعدات على الرغم من المعارك.

وكانت مديرة برنامج الأغذية العالمي جوزيت شيران أعلنت من روما إطلاق هذا «الجسر الجوي» غدا، وذلك في مؤتمر صحافي دولي للدول المانحة، وهو فرصة مناسبة للأمم المتحدة للدعوة إلى «مساعدة دولية كثيفة وعاجلة» للقرن الأفريقي.

وتهدد موجة الجفاف 12 مليون شخص في المنطقة بحسب الأمم المتحدة. والوضع أكثر حرجا في الصومال حيث أعلنت المنظمة الدولية حالة المجاعة رسميا في منطقتين جنوبيتين يسيطر عليهما المتمردون الإسلاميون في حركة الشباب.

وكان اجتماع روما أيضا فرصة لوزير الزراعة الفرنسي برونو لومير ليعلن عقد مؤتمر جديد للمانحين الأربعاء المقبل في نيروبي هذه المرة. وقالت مصادر دبلوماسية وأممية أنه مجرد اجتماع «على مستوى تقني» حول الصومال. وبحسب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فإنه يلزم 1.6 مليار دولار للصومال وحدها حيث «يموت أطفال وراشدون كل يوم بوتيرة مروعة».

وهكذا تقوم وكالات الأمم المتحدة التي كانت تواجه حتى وقت قريب انخفاضا مستمرا في تمويلاتها، وانطلاقا من قاعدتها في نيروبي (القاعدة الإنسانية الإقليمية للصومال) بتكثيف النداءات لتقديم الهبات لمساعدة «الأطفال الذين يموتون من الجوع».

وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن ما يقارب 40 ألف شخص يفرون من المجاعة، تدفقوا إلى مقديشو طلبا للماء والمواد الغذائية منذ بداية يوليو (تموز) ونحو 100 ألف في الشهرين الأخيرين. وبدأت أولى عمليات التوزيع المكثفة للمساعدة الغذائية في منطقة الشباب، في نهاية هذا الأسبوع مع قيام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوزيع قرابة 400 طن من المواد الغذائية في منطقة جيدو.

وأوضح المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في نيروبي إيف فان لو «إن عمليات التوزيع تتواصل، لكننا سنتحدث عنها عندما تنتهي».

ومنذ سنتين، تعارض حركة الشباب مبدئيا عمليات التوزيع المباشرة هذه إلى السكان، معتبرة أنها تسهم في إيجاد رابط تبعية وتزعزع سوق الأغذية الزراعية المحلية. وتعمل منظمات غير حكومية عدة، بينها اللجنة الدولية للصليب الأحمر و«أطباء بلا حدود»، اليوم في مناطق حركة الشباب تحت ضغط قوي ومن دون عمال إنسانيين أجانب.

إلى ذلك، وصل نحو أربعين ألف شخص يهربون من الجوع إلى مقديشو منذ بداية يوليو (تموز) بحثا عن الغذاء والماء، بحسب ما أعلنت متحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.

وصرحت فيفيان تان المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة للصحافيين أن «نحو 30 ألف شخص آخرين وصلوا إلى مخيمات على بعد 50 كلم من وسط المدينة»، معتبرة أن ما لا يقل عن 100 ألف شخص وصلوا إلى مقديشو في الشهرين الأخيرين.

وبحسب المفوضية، فإن نحو ألف شخص من النازحين بسبب المجاعة يصلون يوميا إلى العاصمة الصومالية حيث مخزون الغذاء لا يكفي.

وقالت المفوضية إن «هذا الأمر يسبب تدافعات خطيرة وكذلك عمليات نهب». وأضافت «نتيجة لذلك فإن العديد من الأشخاص بين الأكثر ضعفا والأكثر تعرضا للأذى يجدون أنفسهم صفر اليدين على الرغم من كل الجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية والجمعيات الخيرية». والجفاف المتفشي حاليا في القرن الأفريقي، وهو الأسوأ منذ 60 عاما، أسفر عن عشرات آلاف القتلى ويهدد 12 مليون شخص في الصومال وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي والسودان وأوغندا.

والوضع حرج للغاية في الصومال، حيث أعلنت الأمم المتحدة المجاعة رسميا في منطقتين جنوبيتين يسيطر عليهما الإسلاميون الشباب الذين يمنعون وصول بعض المنظمات الإنسانية إليهما.