الأحزاب الكردية تعلن رفضها لقانون الأحزاب السوري: هدفه تجميل صورة النظام

قالت إن القانون يريد أن يعطي الترخيص القانوني فقط لحزب البعث والأحزاب السياسية الدائرة في فلكه

TT

أجمعت الأحزاب الكردية العاملة على الساحة السياسية السورية على الرفض المطلق لقانون الأحزاب الذي صدر عن النظام السوري، ورأت أن «هذا القانون لا يلبي الحريات السياسية المطلوبة التي خرج من أجلها الملايين من أبناء الشعب السوري بمختلف مكوناتهم، وهو قانون يجعل من الأحزاب السياسية، سواء الموجودة أو التي تنشأ في ظله، مجرد أحزاب ذيلية تابعة لحزب البعث الذي يقود المجتمع والدولة».

ورأى ممثلو معظم الأحزاب الكردية أن «القانون يضع تابوهات كثيرة أمام انطلاق الحريات السياسية في البلاد، وأن الهدف الأول والأخير من القانون هو تجميل صورة النظام لدى المجتمع الدولي والالتفاف على مطالب الشعب المنتفض من أجل الحرية في أرجاء البلاد». وأجرت «الشرق الأوسط» استطلاعا لرأي عدد كبير من الأحزاب الكردية المؤلفة للمجلس السياسي الكردي، وخرجت بإجماع كردي لرفض القانون جملة وتفصيلا. وقال القيادي في حزب آزادي الكردي محمود عربو، في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «هذا القانون جاء متأخرا جدا بهدف امتصاص غضب الشارع السوري، وهو قانون مفروغ من مضمونه الأساسي، وهو توفير الحريات أمام الأحزاب والمنظمات السياسية بسبب القيود الكبيرة والمتعددة التي يحتويها القانون، حيث يلزم كل حزب أو تنظيم سياسي بالقبول بالمادة الثامنة من الدستور الذي يكرس قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع». وأضاف أن «هذا النص بحد ذاته أفرغ القانون من محتواه، وهو نص لم يغير شيئا من الواقع السياسي المفروض على السوريين، ثم إن القانون يفرض قيودا كثيرة أخرى على تشكيل الأحزاب السياسية وفقا للانتماءات الدينية والإثنية، وهذه فقرة تهدف بشكل واضح منع أحزاب الحركتين الإسلامية والكردية من العمل السياسي، وبذلك فإن حزب البعث الحاكم خرق بنفسه دستور البلاد من خلال منع التعددية الإثنية والدينية والقومية في سوريا». وأكد أن «هذا القانون مرفوض جملة وتفصيلا، ليس بالنسبة للشعب الكردي، وإنما من قبل جميع أبناء سوريا بمختلف مكوناتهم».

من جهته، أشار عبد الباقي يوسف، عضو المكتب السياسي لحزب اليكيتي الكردي إلى أن «ما يسمى بقانون الأحزاب ليس قانونا يمهد لإشاعة الحريات السياسية في البلاد، والهدف الأساسي من طرحه في هذا الظرف الذي تمر به سوريا هو عمل دعاية بأن النظام يدعو إلى الحرية السياسية للأحزاب، ولكن في الواقع فإن هذا القانون يتعارض مع أبسط مبادئ وأسس الديمقراطية الحقيقية، ويفرض على الأحزاب أن تتقيد بالدستور، وهو دستور فصله النظام على مقاسه من خلال نصب نفسه قائدا للدولة والمجتمع».

واعتبر أن «القيود الواردة بالقانون، والتي تتحدث عن المصالح العليا للبلاد ومنع نشوء الأحزاب على أساس ديني أو إثني، تفرض على الأحزاب أن تكون تحت سيطرة حزب البعث، وبالتالي تحويل جميع هذه الأحزاب إلى فروع لحزب البعث، وأن فرض هذه القيود على الأحزاب التي لها انتماءات إثنية أو دينية لا يتطابق مع طبيعة المجتمع السوري الذي هو مجتمع متعدد المكونات». وقال إن «السؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا يحق لحزب البعث العربي الاشتراكي أن يمارس النضال العروبي، ولا يحق للأكراد مثلا أن يكون لهم انتماء قومي بالمقابل». وأضاف «بناء على ذلك فقد أعلنا رفضنا المطلق لهذا القانون ونعتقد أن معظم الفعاليات السورية السياسية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني ترفض مثل هذا القانون».

ويشير عضو قيادة الحزب الديمقراطي التقدمي علي شمدين إلى أن «المشكلة الأساسية هي أنه ما عاد للشعب ثقة بقرارات وقوانين النظام، فخلال الأشهر الأربعة الأخيرة صدر الكثير من القرارات من النظام، ولكن الأوضاع سارت من سيئ إلى أسوأ، ولذلك نحن نعتبر صدور هذا القانون أيضا أنه سوف لن يغير شيئا، خاصة في ظل استمرار الدستور الحالي الذي يقر قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع». وأشار إلى أن «القانون يفرض شروطا تعجيزية على ترخيص الأحزاب، في حين نحن نريد قانونا عصريا يطلق الحريات السياسية للأحزاب ويمنحها مساحة أوسع للنشاط السياسي، ولا يرفض الدين أو القومية، وهما من ضمن خصوصيات المجتمع السوري». أما شلال كدو، القيادي في الحزب اليساري الكردي، فقال «مما لا شك فيه فإن قانون الأحزاب الذي أقره مجلس الوزراء السوري لا يلبي طموحات الشعب السوري بأي شكل من الأشكال، لا سيما طموحات المكونات الإثنية المتعايشة في البلد». واعتبر أن «المكون الكردي سوف يكون هو الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، حيث يمنع القانون تشكيل الأحزاب على أسس إثنية أو قومية، مما يعني أن القانون الجديد يستهدف صهر الكرد قوميا، في حين نرى أن الأحزاب الأخرى العربية لن تتضرر من هذا القانون لأن سوريا دولة عربية حتى النخاع».

وأضاف «لا يوجد اضطهاد للقومية العربية في سوريا، أما وضع الكرد فمختلف، حيث إنه ليس هناك اعتراف دستوري بالهوية القومية الكردية، من هنا فإن الكرد لا بد أن تتأسس أحزابهم وفقا لانتماءاتهم القومية لكي تتمكن من الدفاع عن قضية الشعب الكردي العادلة، ولكن هذا القانون يمنع ذلك، وهذا معناه أن القانون لا يلبي الطموحات السياسية للأحزاب العاملة على الساحة».

ورأى أنه «في المحصلة فإن هذا القانون يريد أن يعطي الترخيص القانوني فقط لحزب البعث والأحزاب السياسية الدائرة بفلكه من أطراف الجبهة الوطنية التقدمية، وفيما عداها ليس هناك أي فرصة للأحزاب السياسية الأخرى للتعبير عن رأيها وممارسة نشاطاتها في ظل قانون عصري وديمقراطي يحقق الحريات السياسية في البلد».