محامي منفذ المجزرة: موكلي «مختل عقليا»

المتهم وصف نفسه بـ«صليبي في وجه مد إسلامي»

TT

قال غير ليبستاد محامي أندرس بيرينغ برييفيك أمس إن الاعتداءين اللذين نفذهما موكله في النرويج الجمعة يثبتان أنه «مختل عقليا»، موضحا أنه لم يقرر بعد ما إذا كان ذلك سيكون خط دفاعه. وأضاف ليبستاد في لقاء مع الصحافة الأجنبية «يجب أن تجرى له فحوص طبية»، موضحا أن موكله «لم يبد أي شفقة». وأضاف المحامي أن برييفيك، الذي اعترف بجرمه «يحتقر جميع الذين يؤمنون بالديمقراطية» و«يعتبر أن ثمة حربا مندلعة».

وتحدث المشبوه، الذي أكد أنه تصرف بمفرده، عن وجود «خليتين أخريين في النرويج وبضع خلايا في الخارج».

وأوضح المحامي أن برييفيك «فوجئ بتحقيق غاياته»، وكان يعتقد أنه قتل خلال إطلاق النار في جزيرة يوتويا. وقد أسفر الاعتداء المزدوج عن 76 قتيلا منهم 68 في الجزيرة، كما تفيد حصيلة مؤقتة. وكشف المحامي الخاص ببرييفيك المتهم بارتكاب المذبحة، أن موكله يرغب في إبلاغ النرويج والعالم لماذا قتل 66 شخصا على الأقل في هجوم بقنبلة وإطلاق نار عشوائي عندما مثل أمام المحكمة أول من أمس.

ويرغب الشاب (32 عاما)، الذي وصف نفسه بـ«صليبي في وجه مد إسلامي» في منشور غير متسق مؤلف من 1500 صفحة على الإنترنت في الحصول على فرصة لشرح دوافعه التي يصفها بالوحشية ولكنها ضرورية.

وقال غير ليبستاد محامي برييفيك إن موكله أقر بإطلاق الرصاص الجمعة الماضي على معسكر لشباب حزب العمال، وتفجير قنبلة أودت بحياة سبعة أشخاص في منطقة الهيئات الحكومية في العاصمة أوسلو، ولكنه ينفي ارتكاب أي خطأ جنائي.

وأبلغ ليبستاد محطة «تي.في 2 الإخبارية» التلفزيونية «لقد كان نشطا سياسيا، ووجد أنه لم ينجح بالوسائل السياسية المعتادة ولذا لجأ للعنف». وقال «أنتظر تقييما طبيا عنه».

واستسلم برييفيك للشرطة عندما واجهته في النهاية على جزيرة أوتويا الصغيرة بعد قتله العشرات، مما يشير إلى رغبته في اعتلاء منبر عام يمكنه من خلاله نقل أفكاره الراديكالية. وفي حوادث إطلاق نار عشوائي أخرى، يلجأ الجناة في الغالب للانتحار عند وصول الشرطة أو استفزاز ضباط شرطة ليقتلوهم بالرصاص.

ولم يتضح كم من الوقت سيحتاج برييفيك للتحدث أمام المحكمة، خاصة أن جلسة الاستماع ستكون بشأن احتجازه، ولن يكون لزاما عليه الاعتراف بالذنب أو الدفع ببراءته.

وقد تثير القضية خلافا بشأن حرية التعبير، حيث يعارض العديد من النرويجيين إعطاء لرجل هز وجدان الأمة حق التحدث علنا. وقال المحامي «يعبر عن نفسه بهدوء إلى حد ما، ولكن يعبر عن عواطفه بين الحين والآخر». وأضاف «يدفن رأسه بين يديه». وتابع «قال إنه يعتقد أن أفعاله وحشية ولكنه يرى أنها ضرورية»، مضيفا أن موكله لا يشعر أنه يستحق العقاب. ويبدو أن أكبر مذبحة في وقت السلم تشهدها النرويج الهادئة بطبيعتها في تاريخها الحديث مدفوعة بما يراه برييفيك مهمة لإنقاذ أوروبا مما يعتبره تهديدات الإسلام، والهجرة، والتعددية الثقافية. وتعتقد الشرطة أن المتهم تصرف بمفرده بعد أن شعر بالإحباط تجاه الأحزاب حتى تلك التي كسبت شعبية ومقاعد في البرلمان بانتهاج سياسات معادية للهجرة في بلدان أوروبية ليبرالية ومتسامحة مثل النرويج الثرية.

وقال مراقبون إنه من المحتمل أن يخفف الهجوم الجدل بشأن الهجرة قبيل الانتخابات المحلية المقررة في أيلول (سبتمبر)، حيث تسعى الأحزاب لإبعاد نفسها عن معتقدات برييفيك، وتعزيز مظهر النرويجيين أنفسهم كشعب منفتح ومسالم.

وزاد عدد المهاجرين في النرويج لثلاثة أضعافه تقريبا خلال الفترة بين عامي 1995 و2010 ليصل إلى نحو نصف مليون من إجمالي عدد السكان البالغ 4.8 مليون. وأسهم إدراك أن العديد انجذبوا للعطايا السخية التي تمنحها النرويج في نمو شعبية حزب التقدم الذي أصبح ثاني أكبر أحزاب النرويج في البرلمان عقب انتخابات 2009 معتمدا على برنامج يعارض الهجرة.

وكان برييفيك عضوا في الحزب وتركه لما رأى أنه سياسي أكثر من اللازم. وعندها بدأ التفكير في المقاومة بتخزين ذخيرة منذ أكثر من عام، والتدرب على رفع الأثقال، وتخزين بطاقات ائتمان، والبحث عن طرق صنع القنابل، وأيضا ممارسة ألعاب الحرب على الإنترنت. وبعد ثلاثة أشهر من دق وخلط أسمدة وأدوية وغيرها من المركبات الكيماوية في مزرعة نائية، استقل برييفيك سيارة مستأجرة محملة بمواد متفجرة إلى وسط أوسلو الجمعة الماضي، وفجرها خارج مبان حكومية مما أسفر عن قتل سبعة، وتحطم نوافذ البنايات المحيطة بالموقع».

وتوجه بعدها إلى جزيرة أوتويا الصغيرة الواقعة على بعد 45 كيلومترا من العاصمة مرتديا زيا للشرطة، ليقتل بالرصاص 68 شخصا خلال معسكر صيفي لشباب حزب العمال الحاكم. وخلال الهجوم بذل الشباب محاولات يائسة للاختباء منه في الغابات، وتحت الأسرة، أو بالقفز في المياه والسباحة للبر الرئيس. وكتب برييفيك في مدونته الإنجليزية على الإنترنت صباح يوم الهجوم إن ما يخطط له إما أن يحقق نجاحا كاملا أو يفضي لفشل تام. وأضاف في مدونته «الذهاب أولا لحفل تنكري في هذا الخريف وارتداء زي ضابط شرطة، والوصول إلى هناك مرتديا شارات ليكون مرعبا لأن الناس سيندهشون جدا».

وقال جراح في مستشفى يعالج فيه 35 من الشباب المصابين، إنه يبدو أن برييفيك استخدم نوعا مما يطلق عليه رصاص دمدم الذي يتفتت داخل الجسم ليلحق أكبر ضرر ممكن. وقال كولين بولي رئيس الجراحين في مستشفى رينجريك في تصريح لـ«رويترز» «لا ينفجر هذا الرصاص داخل الجسم ولكن يتفتت إلى قطع بسرعة أكثر من أي رصاص آخر». بينما كان برييفيك يصطاد ضحاياه في أوتويا، احتاجت الشرطة لساعة كاملة لنقل فريق من القوات الخاصة إلى الجزيرة بعد أن اضطر زورق يقل عددا أكبر من طاقته من الضباط والعتاد إلى التوقف عندما بدأ في الغرق. وتمكن التلفزيون النرويجي من استئجار مروحية وصور القاتل قبل وصول الشرطة، التي استسلم لها برييفيك فور وصولها دون أي مقاومة.

وقال يوهان فريدريكسن المسؤول في شرطة أوسلو «عند تلك اللحظة كان قد استخدم سلاحين وكان لا يزال بحوزته كمية كبيرة من الذخيرة».

ووفقا للقانون النرويجي فإنه قد يصدر بحق متهم حكم مشدد بالسجن 21 عاما، ولكن يمكن تمديد الحكم إذا ما رأت المحكمة مخاطر من احتمال تكرار الجريمة. وقال ستيل إيسكلاند أستاذ القانون الجنائي في جامعة أوسلو «نظريا قد يظل في السجن ما تبقى له من حياته».