تشريعات أوروبية جديدة لمحاربة الخطاب المتطرف

الشبكة الأوروبية لمكافحة العنصرية: ما حدث يثبت خطورة الآيديولوجية اليمينية على المجتمع بأسره

TT

تستعد المفوضية الأوروبية لإصدار مقترحات تشريعية تتعلق بإجراءات جديدة لمواجهة الخطاب المتشدد، وذلك بعد أيام من الأحداث الأخيرة التي شهدتها النرويج، بينما حذرت الشبكة الأوروبية لمكافحة العنصرية (آي إن إيه آر) أن الأحداث الأخيرة التي وقعت في النرويج «تثبت خطورة الآيديولوجية اليمينية المتطرفة على المجتمع بأسره». من جانبه عبر اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا عن تضامنه مع الشعب والحكومة والمؤسسات النرويجية، مؤكدا أن هذا «العمل البربري الذي ترفضه كافة الشرائع الدينية والاتفاقيات الإنسانية والأخلاقية لن يزعزع الشعب النرويجي».

وأكد أن مسلمي أوروبا يقفون جنبا إلى جنب وبعمق مع الشعب النرويجي في هذا الظرف الصعب، معربا عن أمله أن يعود الأمن والسلام إلى النرويج.

ويأتي ذلك بينما قلصت السلطات النرويجية من عدد ضحايا الهجوم التفجيري وعملية إطلاق النار ليوم الجمعة الدامي، إلى ستة وسبعين شخصا ينتمي معظمهم إلى الحزب العمالي الحاكم. وقالت الشرطة إنها لا تستبعد أن يكون هناك أشخاص ساعدوا المسلح أندرس برييفيك خلال الهجومين، لكنهم يتعاملون مع هذا المعطى بحذر شديد.

وفي بروكسل، قالت المفوضية الأوروبية وهي الجهاز التنفيذي للتكتل الأوروبي الموحد، إن هناك قناعة لدى الاتحاد الأوروبي، بدوله ومؤسساته، بضرورة العمل على «تطويق التيارات المتطرفة أيا كان مصدرها»، وجاء ذلك على لسان ميكيليه تشركونه، الناطق باسم المفوضة الأوروبية المكلفة الشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم، وأشار المتحدث إلى تصريحات سابقة للمفوضة مالمستروم تدعو فيها زعماء الدول الأعضاء للتحلي بروح المسؤولية والعمل من أجل وقف تأثير التيارات اليمنية المتطرفة على صانعي القرار في أوروبا. وخلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر المفوضية في بروكسل أعاد الناطق التركيز على أن المفوضية عندما تتحدث عن محاربة التطرف والعنصرية وكراهية الآخر، فهي تعني كل أشكال التطرف التي يمكن أن تؤدي إلى عمليات إرهابية.

وشدد على أن المفوضية تدعو إلى مزيد من العمل من أجل محاربة خطر التطرف والشعوبية، فـ«لدينا خطة عمل مستمرة من أجل تطويق خطر الخطاب المتطرف الذي يتخذ من المهاجرين وبعض الديانات موضوعا له».

وتحدث تشركونه عن مقترحات وإجراءات يجري تحضيرها في المفوضية الأوروبية، لعرضها على باقي المؤسسات في سبتمبر (أيلول) المقبل، من أجل محاربة الخطاب المتطرف، حيث «يجري التحضير لمجموعة من المقترحات التشريعية والمبادرات والبرامج المحددة من أجل تطويق هذا الخطر، بدءا بمحاربة تجنيد المتطرفين ومرورا بملاحقة موادهم الدعائية بكل الوسائل». من جانبها حذرت الشبكة الأوروبية لمكافحة العنصرية أن الأحداث الأخيرة التي وقعت في النرويج «تثبت خطورة الآيديولوجية اليمينية المتطرفة على المجتمع بأسره». وجاء ذلك في بيان صدر عن الشبكة ووزع ببروكسل وأعربت من خلاله عن إدانتها للأحداث التي وقعت يوم الجمعة الماضي وأسفرت عن مقتل العشرات.

وذكرت الشبكة في البيان أن «مرتكب هذه الجرائم الرهيبة مرتبط ومتأثر بالآيديولوجية اليمينية المتطرفة ونحث القادة الأوروبيين على النظر إلى هذا الأمر كناقوس إنذار عاجل». وأشار البيان إلى أن «غالبية المجتمع الأوروبي حساس نسبيا إزاء كثرة ضحايا الحركات اليمينية المتطرفة التي غالبا ما تنبع من الأقليات». يذكر أن شبكة «آي إن إيه آر» تعمل في مجال مكافحة العنصرية في أوروبا وتمثل أكثر من 700 منظمة غير حكومية منتشرة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

كما أدان اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الهجومين المزدوجين في النرويج معتبرا أنهما بمثابة «هجمات شنيعة لم يسبق لها مثيل في ترويع الأبرياء». وقال الاتحاد الذي يتخذ من مدينة بروكسل مقرا له إنه تلقى بفائق الحزن والصدمة خبر الهجومين المروعين اللذين شهدتهما النرويج يوم الجمعة الماضي، حيث راح ضحيتهما العشرات وتسببا في أضرار ودمار على نطاق واسع.

وأكد أن مسلمي أوروبا يقفون جنبا إلى جنب وبعمق مع الشعب النرويجي في هذا الظرف الصعب، معربا عن أمله أن يعود الأمن والسلام إلى النرويج. وتأسس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا عام 1989، حيث يعتبر بمثابة المظلة التي تجمع مئات الجمعيات والمؤسسات الإسلامية في الدول الأوروبية.

يذكر أنه تحت عنوان «مدن ضد أسلمة أوروبا»، وبهدف مواجهة ما أطلقوا عليه، «محاولات فرض الإسلام على مجتمعات أوروبا الغربية»، شهدت مدينة انتويرب البلجيكية، مطلع عام 2009، الإعلان عن تأسيس تحالف أوروبي يضم عددا من المنظمات والأحزاب اليمينية المتشددة، التي تعارض «أسلمة أوروبا»، وجاء الإعلان خلال مؤتمر استضافه حزب «فلامز بلانج» البلجيكي اليميني، وبحضور عدد من قيادات اليمين المتشدد في أوروبا، اجتمعت للمطالبة بمنع بناء المساجد في المدن الأوروبية وبدء حملة جديدة لمكافحة ما يسمونه انتشار الإسلام المتطرف في أوروبا. وشاركت فيه مجموعات يمينية متطرفة من النمسا وألمانيا حيث أصدروا وتبنوا «ميثاق مكافحة أسلمة مدن أوروبا الغربية».

وقال بعدها فيليب دي فينتر، زعيم الحزب اليميني البلجيكي، لقد حان الوقت لمواجهة التطرف الإسلامي، وأضاف: «نحن لسنا ضد حرية العقيدة، لكننا لا نقبل بأن يفرض المسلمون تقاليدهم وطريقتهم في الحياة هنا (في أوروبا) لأن معظمها لا تنسجم مع طريقتنا في الحياة، ولا يمكننا أن نقبل بغطاء الرأس في مدارسنا، ولا نقبل بالزواج الإجباري والذبح (الديني) للحيوانات».

وحسب ما ذكرت وسائل الإعلام في بلجيكا وهولندا، يدعو هذا التحالف اليميني، على وجه الخصوص، إلى وقف بناء المساجد الجديدة، التي يزعمون أنها عوامل مساعدة في نشر التطرف في الأحياء السكنية بكاملها: «لدينا أكثر من 6000 مسجد في أوروبا، وهي ليست دورا للعبادة فحسب، بل رمزا للتطرف».