باكستان والهند تتجاوزان محطة التفجيرات وتعودان لمحادثات السلام

إجراءات لتعزيز الثقة تتضمن زيادة المبادلات التجارية وتسهيل تنقل الأشخاص على جانبي كشمير

TT

في خطوة تعكس رغبتهما في تجاوز محطة تفجيرات مومباي وما نجم عنها من توقف لمحادثات السلام، تستأنف باكستان والهند تلك المحادثات اليوم على مستوى وزيري الخارجية في نيودلهي. وتحضيرا للاجتماع المقرر بين وزير الخارجية الهندي س. م. كريشنا ونظيرته الباكستانية حنا رباني خار، استقبلت سكرتيرة وزارة الخارجية الهندية نيروباما راو نظيرها الباكستاني سلمان بشير أمس في نيودلهي حيث أجريا محادثات تمهيدية مغلقة.

وقد وصلت رئيسة الدبلوماسية الباكستانية المعينة حديثا أمس إلى نيودلهي، وأبدت تفاؤلها تجاه استئناف محادثات السلام. وقالت خار، 34 عاما، وهي أول امرأة تتولى منصب وزير الخارجية في باكستان كما أنها أصغر من تولى هذا المنصب، لدى وصولها نيودلهي: «هذه كما تعلمون هي رحلتي الأولى للهند ولنيودلهي كوزيرة لخارجية باكستان. وأحمل معي أطيب تمنيات وأماني الشعب الباكستاني والحكومة الباكستانية لبلدينا. لقد تعلمنا دروس التاريخ لكن التاريخ لا يثقل علينا. يمكننا التقدم كدولتين صديقتين وجارتين يرتبط مستقبل كل منهما بالأخرى وتتفهمان المسؤوليات التي تضطلع بها كل دولة في المنطقة».

وقال مسؤول حكومي باكستاني لـ«الشرق الأوسط»: إن الجانبين سيعملان على «مبادرة تتعلق ببناء إجراءات الثقة من أجل تقريب شعبي البلدين». وقال مسؤول في وزارة الخارجية طلب عدم كشف اسمه إن «الاجتماع سيبحث في سلسلة التدابير التي يمكننا اتخاذها في الأشهر المقبلة، وسنعلن عن مجموعة إجراءات لترسيخ الثقة وستكون هناك لقاءات إضافية في المستقبل القريب».

ومن المفترض أن يتم الإعلان عن إجراءات جديدة لتعزيز الثقة بين البلدين في ختام يومين من المحادثات بين وزيري خارجية البلدين. واتفق الجانبان على تعزيز بناء الثقة فيما يتعلق بالأسلحة النووية والتقليدية وتحسين التجارة والسفر عبر خط المراقبة الذي يقسم منطقة كشمير. وعلمت «الشرق الأوسط» من مسؤول بارز في الخارجية الباكستانية أن حزمة إجراءات الثقة تتضمن رفع عدد النقاط التجارية وأيامها، من يومين حاليا إلى 4 أيام، على طول خط المراقبة في جانبي إقليم كشمير. يذكر أن النشاط التجاري المسموح به بين الجانبين محصور عند نقطتي مظفر آباد - أوري، وبونش - راوالاكوت. لكن تقارير إعلامية هندية ذكرت في الآونة الأخيرة أن نيودلهي اقترحت إضافة 3 نقاط هي: نوسري - تيثوال، وهاجيبور - أوري، وتاتاباني - ميندهار. ويقول المحللون إن المبادلات التجارية ومسألة الحدود التي ستسمح بتنقل الأشخاص والسلع عبرها بحرية أكبر ستتيح للجانبين فرصة إحراز تقدم.

وكانت نيودلهي علقت مفاوضات السلام مع باكستان بعد اعتداءات مومباي في 2008 التي أوقعت 166 قتيلا ونسبت إلى جماعة «عسكر طيبة» التي تتخذ من باكستان مقرا لها. ومنذ ذاك حاول البلدان إعادة المفاوضات إلى مسارها وركزا على إجراءات ترسيخ الثقة ووضعا الخلافات حول الأراضي جانبا.

ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي خلال زيارة الهند الجهود الأخيرة التي قام بها البلدان بأنها «مشجعة». لكن لا يتوقع أن يتم خلال هذه المفاوضات إحراز تقدم في تسوية المسائل التي ألحقت ضررا بالعلاقات بين البلدين الجارين خلال العقود الستة الماضية وساهمت في زعزعة الاستقرار في جنوب آسيا.

ومن المتوقع أن تواصل الهند خلال المحادثات الضغط على إسلام آباد من أجل تشديد مكافحتها المجموعات الإرهابية فيما ستطرح باكستان مسألة كشمير المقسمة بين البلدين وكانت محور 3 حروب دارت بين البلدين. وقال ألكسندر نيل المحلل الآسيوي في «رويال يونايتد سرفيسز إنستيتيوت» ومقره لندن إن انعدام الثقة بين البلدين وصل إلى مستوى لا يسمح بدفع الحوار ليفضي إلى نتيجة حاسمة. وصرح نيل الأسبوع الماضي لوكالة الصحافة الفرنسية: «ستصدر تصريحات علنية حول التعاون في مجال الإرهاب، لكن لن يكون هناك في الوقع أي تقدم ملموس. والنتيجة ستكون الإبقاء على الوضع على حاله».

ولا يتوقع المحللون إحراز اختراق كبير خلال اجتماعات هذا الأسبوع غير أن المراقبين ينتظرون باهتمام كبير أداء وزيرة الخارجية الباكستانية وهي في الرابعة والثلاثين أصغر وزراء الخارجية سنا في تاريخ باكستان وأول امرأة تعين في هذا المنصب.

وعلقت نيودلهي محادثات السلام التي بدأت عام 2004 مع جارتها بعد اعتداءات مومباي في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 ونسبت إلى جماعة عسكر طيبة. والأسبوع الماضي أعلن مسؤول كبير في الحكومة الهندية أن «الهند مستعدة لبحث كافة المواضيع بذهنية انفتاح وستضغط من أجل إحقاق الحق على وجه السرعة بالنسبة لضحايا مجزرة 26 نوفمبر 2008 في مومباي». وقد أعلن البلدان في فبراير (شباط) الماضي استئناف المفاوضات رسميا بعد اجتماع في بوتان.