ملتقى نشطاء الثورة السورية ينطلق في إسطنبول.. وهدفه خلق مجتمع مدني يؤسس لما بعد إسقاط النظام

ناشط سياسي لـ «الشرق الأوسط» : نهدف للتنسيق بين كل السوريين عبر العالم

اعتصام أمام قصر العدل في الحسكة أمس، في صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت»
TT

انطلق في اسطنبول أمس الملتقى التنسيقي الأول لنشطاء ومجموعات عمل الثورة في سوريا، والذي يعقد على مدار أربعة أيام بهدف تطوير التنسيق بين نشطاء ومجموعات عمل الثورة السورية في الداخل والخارج، بالإضافة إلى زيادة التعارف والتعاون بين النشطاء، كما يحتوي على دورات تدريبية في خمسة مجالات مختلفة يتبعها ورشات عمل متخصصة.

وحضر المؤتمر نحو 200 ناشط سوري من داخل وخارج سوريا، فيما شهد برنامج اليوم الأول عرض الشباب المشارك لتجاربهم ومشاهداتهم على الحدود السورية-التركية وكيفية تواصل الناشطين مع بعضهم البعض، ويومياتهم بين اللاجئين السوريين في معسكرات الإيواء في تركيا، وهو الجزء الذي كان مؤثرا بدرجة كبيرة.

وعلى عكس المؤتمرات الأخرى، التي نظمت في تركيا وشهدت خلافات بين المشاركين فيها، ساد التناغم والتنسيق التام في مناقشات الأمس، حيث حاول الجميع التنسيق فيما بينهم دون وجود خلافات في الرأي.

وقال الناشط السياسي الشاب معاذ السباعي، المنسق العام لملتقى النشطاء السوريين وعضو الهيئة التأسيسية لمؤتمر أنطاليا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الملتقى تعارفي تنسيقي تدريبي، يحضره نشطاء سوريون حول العالم، فالهدف الرئيسي له أن ننسق بين كل السوريين حول العالم».

وأوضح السباعي أن المؤتمر يهدف «مبدئيا إلى تكوين شبكة تضم الناشطين السوريين لمساندة السوريين في الداخل في المجالات الإعلامية واللوجستية والتقنية والحقوقية والإغاثية والسياسية»، مشيرا إلى أن الملتقى من خمس لجان هي: المجال الإعلامي، والمجال السياسي والاستراتيجي، والمجال الحقوقي، والمجال الإغاثي، ومجال التنسيق مع الداخل، إضافة إلى الدعم اللوجستي، ويمكن للمشارك الاختيار بينها.

وأشار السباعي إلى أن «الهدف الاستراتيجي للملتقى أن تكون جهود الناشطين الآن نواة لمؤسسات المجتمع المدني التي ستسهم في مرحلة البناء بعد إسقاط النظام»، موضحا أنه تمت مناقشة العديد من المشاريع الجديدة وكذلك تمت مناقشة نقاط الضعف وأساليب التطوير.

ولفت السباعي إلى أن الملتقي سيقدم جائزة «إبداع» لأفضل مشروع لدعم الثورة السورية، كما أعلن أن اجتماع النشطاء السوريين سيستمر في المستقبل حتى بعد إسقاط النظام بعيدا عن الحزبية وتحت مظلة خدمة الوطن.

وقال أحد منظمي الملتقى محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء هو «لمجموعة من الناشطين الشباب الذين يعملون في خدمة الثورة السورية»، مشيرا إلى أن قرارا اتخذ بإبعاده عن وسائل الإعلام بهدف حماية بعض الشخصيات التي تعمل في الداخل السوري. وأوضح سرميني أن هؤلاء الشباب كانوا يعرفون بعضهم من خلال «العالم الافتراضي» وكانوا بحاجة إلى اللقاء المباشر، مشيرا إلى أن الملتقى الذي سيدوم 4 أيام ستتخلله دورات تدريبية على وسائل الاتصال الإلكتروني والإعلام الاجتماعي حول كيفية تسخير هذه الوسائل في خدمة الثورة السورية.

وأمل سرميني أن ينتج عن هذا الملتقى «مؤسسة» تسهم في إغناء مؤسسات المجتمع السوري بعد سقوط النظام. موضحا أن الملتقى ليس مؤتمرا ولن تتخلله أية انتخابات أو تصدر عنه توصيات، وهدفه الأساس هو دعم الثورة السورية والانطلاق بفاعلية كبيرة في خدمتها. وكشف سرميني أن اللقاء عقد بدعوة من ناشطين سوريين وأنه بتمويل من مركز لندن للدراسات الاستراتيجية والإعلامية، وهو مركز بحريني مديره العام سوري.

ويهدف الملتقي، وهو أول اجتماع لناشطين سوريين على الإطلاق، عبر أربعة أيام من اللقاءات والدورات التدريبية للخروج بالآليات لتنسيق الجهود وتطوير أداء المجموعات العاملة وكذلك دعم التخصصية في عمل الناشطين لإعطاء أكبر قوة وزخم لعمل الناشطين من أجل الوصول لسوريا تعمها الحرية والديمقراطية والمساواة، حسب قول القائمين على الملتقى.

ودعا الدكتور عماد الدين رشيد، أحد قادة حركة الاحتجاج في سوريا والذي وصل مؤخرا إلى تركيا، الشبان الناشطين إلى «بناء مجتمع مدني يتخطى الانقسامات الآيديولوجية والعشائرية والدينية، ويكون شفافا ومستقلا». وعلق عقبة، وهو ناشط في الثامنة والعشرين من عمره يقيم في السعودية، لوكالة الصحافة الفرنسية بالقول «قد تبدو هذه المناقشات بالنسبة لأجنبي عديمة الفائدة! لكنها بالنسبة إلينا مهمة جدا لأن كل هذه العبارات جديدة كليا بالنسبة إلينا». ويضم الاجتماع أيضا عشرات الناشطين المقبلين من سوريا - نحو أربعين بحسب السباعي.

وأكد جمال الوادي، المتحدث باسم تنسيقية الثورة في درعا «في سوريا نريد إنشاء لجان تمثيلية في كل مدينة تترأسها جميعا لجنة وطنية. نريد الاستفادة من التدريبات المقترحة لتحديد سبل بلوغ هدفنا». وتمنى الوادي أيضا أن يسمح هذا الاجتماع بـ«ردم الهوة» بين الناشطين في سوريا وأولئك الموجودين في الخارج الذين «لا يدركون تماما مستوى المعاناة التي يعيشها الشعب في الداخل».

من جانبها قالت بهية مارديني، الناشطة السورية البارزة ورئيسة اللجنة العربية لحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط» إنها قدمت ورقة تخص الإعلام شرحت فيها مشاهداتها وتوصياتها، مؤكدة على أهمية الإعلام في دعم الثورات. وأشارت إلى أن الإعلام السوري بات منذ بدء الثورة يمارس «التشبيح» الإعلامي عبر ترويج أن كل من يعارض النظام هو خائن وعميل، وعبر ادعاءاته أن هناك استغاثات من أهالي المحافظات ليبرر دخول الجيش إليها ويبرر التنكيل.

وأشارت مارديني في كلمتها إلى ادعاءات الإعلام السوري عن عمليات نوعية ينفذها الجيش السوري، حيث قالت: «الجيش السوري ينفذ عمليات تنكيلية بامتياز بينما الإعلام السوري لا يدرك أن هناك أزمة حقيقية جوهرها مطلب سياسي اقتصادي، وينصب دوره على التحذير من الفتنة الطائفية بينما هو أول من يشعلها». وانتقدت مارديني وكالات الأنباء السورية، التي درجت على تسمية الإعلام الخارجي بـ«المتواطئ» وشهود العيان من الأهالي بـ«المتآمرين». وكشفت مارديني لـ«الشرق الأوسط» أن هناك اتجاها قويا لرفع قضية ضد القنوات السورية التي تبث على قمر النايل سات أسوة بالليبيين.

وكان العديد من المراقبين والمعارضين السوريين قد رحبوا بالملتقى، الذي اعتبروه أول مؤتمر حقيقي يمتاز بدوره العملي لجمع ناشطين على الأرض ومحاولة التنسيق بينهم لإحداث فارق في الأيام المقبلة، فيما ساد تعتيم كبير على هوية المشاركين الذين أتوا من داخل سوريا ولذلك لم تتم دعوة إلا عدد محدود من الإعلاميين.