القوى المصرية تستعد لـ«جمعة توحيد الصف».. والائتلافات ترفض مطالب إسقاط المجلس العسكري

طنطاوي: مهمة القوات المسلحة تسليم البلاد إلى سلطة مدنية.. والتطاول نأخذه بسعة صدر

TT

سيطرت، أمس، حالة من الترقب المشوب بالحذر على الساحة المصرية، وسط استعدادات ميدان التحرير لاستقبال مليونية يوم غد (الجمعة)، التي دعت إليها مختلف التيارات الإسلامية، بالتنسيق مع القوى السياسية ومعتصمي الميدان، تحت شعار «جمعة توحيد الصف».

وعقدت حكومة الدكتور عصام شرف «الثانية» لتصريف الأعمال، أمس، اجتماعها الأول بعد إعادة تشكيلها، لبحث تطورات الأوضاع الحالية على الساحة الداخلية، وخطة عمل الحكومة في المرحلة المقبلة، بما يحقق ما ورد بخطاب تكليف المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، القائد العام للقوات المسلحة، للحكومة يوم 21 يوليو (تموز) الحالي، بتنفيذ أهداف الثورة.

في حين أكد المشير طنطاوي، في لقائه أمس مع قادة وضباط الجيش الثالث الميداني، أن مهمة القوات المسلحة في هذه المرحلة هي تسليم البلاد إلى سلطة مدنية شرعية، تتولى البلاد في انتخابات حرة نزيهة بإرادة الشعب.

وقال طنطاوي إن القوات المسلحة حددت مهام محددة، وفي توقيتات محددة لتنفيذ هذه المهمة، مشيرا إلى أن ذلك لم يكن للقوات المسلحة أي اختيار فيه. وأضاف: «اضطررنا لتولي هذه المهمة في هذه المرحلة من أجل مصر». وجدد التأكيد على أن القوات المسلحة هي التي حمت الثورة، وأنه لولاها ما كانت نجحت، قائلا: «إنها ثورة شعب، ونحن جزء من هذا الشعب».

وأشار طنطاوي إلى عدم تدخل القوات المسلحة مع معتصمي ميدان التحرير، في الأحداث التي شهدتها مسيرتهم إلى ميدان العباسية، وقال إن الشعب هو الذي تدخل وتصدى لذلك. وأضاف: «من المحتمل أن يكون هناك عدم فهم، وجهات خارجية تدفع الناس في جهات غير مضبوطة».

وقال المشير طنطاوي: «إن التطاول على القوات المسلحة نأخذه بسعة صدر، وإنه يكفي أن الشعب مقتنع بالقوات المسلحة بنسبة 100 في المائة». وأضاف مخاطبا قادة وضباط الجيش الثالث الميداني والشعب: «نحن أبناؤكم، كتفنا في كتفكم وأولادكم، فالمرحلة تضطرنا بأن نتحمل». وقال: «نحن في مهمة خاصة، سنعود بعدها إلى ثكناتنا وحماية مصر ضد أي اعتداء». واختتم حديثه مؤكدا أن «مصر لم ولن تسقط».

من جانبه، أحال المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام المصري، بلاغات من حركتي «كفاية» و«شباب 6 أبريل» ضد اللواء حسن الرويني، عضو المجلس العسكري قائد المنطقة المركزية العسكرية، إلى النيابة العسكرية للنظر فيها. وطالبت الحركات في بلاغها بالتحقيق فيما نسبه الرويني إلى عدد من الحركات الوطنية، ومن أبرزها 6 أبريل، بالعمالة واستقبال التمويل من جهات خارجية؛ بغرض الوقيعة بين الشعب والجيش وإثارة الفتنة. كما تقدم ممثلو حركة 6 إبريل ببلاغ ضد الحركة نفسها إلى النائب العام، مطالبين بالتحقيق فيما نسب إليها من اتهامات.

ويذكر أن اللواء سعيد العصار، مساعد وزير الدفاع عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أجاب عن سؤال في مؤتمر صحافي بمعهد السلام الأميركي بواشنطن، منذ يومين، حول وجود تضارب في توجيه المجلس الاتهامات للحركات المصرية بتلقي تمويل من الخارج، في حين يحصل الجيش المصري على معونات أميركية بقيمة نحو 1.3 مليار دولار سنويا، قائلا: «نرحب بأي أموال تتلقاها أي جهات داخل مصر في النور، ولكن لا يوجد من يقبل أن تدخل بلاده أي أموال بطريقة غير مشروعة».

وفي حين ترددت أنباء عن توالي تعليق عدد من القوى الوطنية لاعتصامها بالتحرير، أكدت الجمعية الوطنية للتغيير استمرارها في الاعتصام، اعتبر المكتب الإعلامي للدكتور محمد البرادعي، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة، أن التخبط يتزايد، وأصوات الفرقة والاختلاف تتعالي للنيل من ثورة 25 يناير وشبابها.. مطالبا في بيان أمس بـ«التمسك بوحدة الصف مهما حاول البعض النيل منها، ويجب علينا عدم إلقاء الاتهامات دون دليل، لأننا كلنا مصريون ووطنيون، وعلينا معاملة الثوار بما يستحقون من تقدير».

كما التقى ممثلون عن التيارات الإسلامية، بعد ظهر أمس، عددا من ممثلي القوى السياسية من المعتصمين في ميدان التحرير، حيث تم التوافق حول الدعوة إلى مظاهرة مليونية غد (الجمعة)، تحت شعار «جمعة توحيد الصف».

وقال المشاركون في اللقاء إنه تم التنسيق بين ممثلي التيارات الإسلامية مع الدكتور أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، للتوافق حول عمل مظاهرات مشتركة غدا، لتفادي الصدام الذي كان متوقعا؛ بسبب اختلاف الدعوات والشعارات بين الإسلاميين والمعتصمين في الميدان.. مشددين على ضرورة عدم توجيه أي دعوات للاعتصام خلال المظاهرة، وترك فكرة الاستمرار في الميدان لموقف كل فرد على حدة، دون ضغوط من القوى السياسية، وهو ما شهد توافقا كبيرا، وتم تقريب وجهات النظر للوصول إلى قواسم مشتركة، على رأسها الاهتمام المشترك بتحقيق جميع أهداف الثورة.

وفي غضون ذلك، تضاربت التصريحات حول فصل المنسق العام لائتلاف ثورة مصر الحرة (أحد أبرز ائتلافات ما بعد ثورة 25 يناير، عضو اللجنة التنسيقية للثورة)، الدكتور طارق زيدان، بعد ما نسب إليه من تصريحات تدعو إلى إسقاط المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من الاتصال بزيدان لتوضيح الصورة، خاصة أن بيانا صادرا عن الائتلاف، أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أشار إلى فصل عدد من أعضائه، وأن ثمة تحقيقات جارية حول حقيقة تلك التصريحات، وبخاصة أن موقف الائتلاف المعلن هو «الإيمان بحق النقد والاختلاف مع المجلس (العسكري) دون صدام معه أو المطالبة بإسقاطه، حرصا على المصالح العليا للبلاد، ودعما للاستقرار الذي تنادي به جموع الشعب المصري».

وفي الوقت الذي تحتل فيه العدالة الناجزة وحقوق الشهداء أولوية مطالب القوى المختلفة، أكد المستشار السيد عبد العزيز عمر، رئيس محكمة استئناف القاهرة، بحسب وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، أنه لم يتم حتى الآن تحديد مكان انعقاد محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، وأيضا وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، و6 من كبار مساعديه، في قضية قتل المتظاهرين، والمقرر لها 3 أغسطس (آب) المقبل أمام محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار أحمد رفعت.

وفي سياق ذي صلة، انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، إلى أنه يتعين إنهاء خدمة ضباط الشرطة الذين صدرت ضدهم أحكام نهائية بالإدانة في قضايا جنائية.. مشيرة إلى أن الجرائم المخلة بالشرف والأمانة من بين الجرائم التي تفقد مرتكبها من ضباط الشرطة الثقة والاعتبار، وتوجب إنهاء خدمته في الحال.

وجاءت الفتوى في ضوء ما عرض على الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بشأن حالة أحد ضباط الشرطة، الذي أدين بارتكاب جريمة النصب وخيانة الأمانة. وقال المستشار محمد عبد العليم أبو الروس، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المكتب الفني، إن المشرع حدد الأسباب التي تنتهي بها خدمة الضابط بهيئة الشرطة، التي من بينها الحكم بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، مما يفقد مرتكبها الثقة والاعتبار، ويوجب إنهاء خدمته.