الصومال: انطلاق الجسر الجوي بين نيروبي ومقديشو لإيصال المساعدات لضحايا المجاعة

متحدث باسم برنامج الغذاء: العقبات البيروقراطية في كينيا أجّلت الرحلات يوما

TT

بدأ برنامج الغذاء العالمي أمس الأربعاء أول رحلة من سلسلة رحلات جوية لنقل المساعدات إلى الصومال، لإيصال كميات كبيرة من المواد الغذائية إلى المتأثرين بالمجاعة.

وكان من المفروض أن تبدأ عملية الجسر الجوي بين مقديشو ونيروبي أول من أمس الثلاثاء، إلا أن برنامج الغذاء أرجأ انطلاق رحلات أمس بسبب العقبات البيروقراطية وأخرى تتعلق بالأذونات الجمركية في كينيا، بحسب ما أعلنه متحدث باسم برنامج الغذاء.

وحدد برنامج الغذاء 3 أماكن لإنزال الشحنات الغذائية وهي مدينة دولو أدو على الحدود الإثيوبية - الصومالية، ومخيم داداب للاجئين الصوماليين في شمال كينيا، وأيضا مطار العاصمة مقديشو. وتم اختيار هذه المناطق الثلاث لأنها الأقرب إلى أماكن وجود المتضررين من المجاعة.

وقالت تشاليس ماكدونو المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي: «إن هذه الرحلة جزء من عدة عمليات لنقل المواد الغذائية جوا في الأسابيع المقبلة، وتتكون شحنة اليوم من عشرة أطنان من المواد الغذائية المخصصة لإطعام 3500 من الأطفال المصابين بسوء التغذية لمدة شهر. وأضافت ماكدونو أن برنامج الغذاء العالمي لجأ إلى النقل الجوي بسبب الحاجة الملحة إلى معالجة العدد المتزايد من الأطفال المشردين داخليا الذين يعانون من سوء التغذية قبل تدهور حالتهم.

ووصل إلى مقديشو ظهر أمس الأربعاء أول طائرة تنقل 14 طنا من الأطعمة الغنية بالعناصر المغذية، التي تدخل في معالجة سوء التغذية لدى الأطفال. وستكون هناك رحلات أخرى متوقعة خلال الأيام المقبلة باتجاه مقديشو، وكذلك باتجاه مدينة دولو الإثيوبية.

على صعيد آخر دعت المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي «جوزيت شيران» إلى نشر مؤن على طول الطرق التي يسلكها الهاربون من المجاعة حتى لا تضطر الأمهات إلى ترك أطفالهن ممن هم أضعف من أن يكملوا المشوار أو ممن ماتوا خلاله. وقالت: «الموضوع الرئيسي الذي يقلقنا الأطفال.. نرى أطفالا يصلون إلينا وهم في منتهى الهزال وفي حال متقدمة من سوء التغذية، ولديهم حظوظ ضئيلة أقل من 40% في البقاء على قيد الحياة».

وأضافت شيران: «التقينا أمهات صوماليات يجدن أنفسهن أمام خيار صعب، هو ترك أطفالهن الموتى على قارعة الطريق التي تقودهم إلى مراكز إطعام». وقالت إن برنامج الغذاء يحاول تقديم الطعام إلى 2.5 مليون طفل يعانون من سوء التغذية، وجمع أموال مستعجلة لتقديم الغذاء إلى أعداد أكبر.

في هذه الأثناء تنظم منظمة التعاون الإسلامي اجتماعا حول المجاعة في الصومال في إسطنبول اليوم الخميس، 28 يوليو (تموز)، لحشد المساعدات الإنسانية للصومال، برئاسة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، حيث سيتم إطلاق حملة لجمع التبرعات للصومال. وكانت منظمة التعاون الإسلامي إلى جانب الأمم المتحدة قد أعلنت منطقتين في جنوب الصومال بأنهما منكوبتان بالمجاعة. وزادت منظمة التعاون الإسلامي منطقتين أخريين باي وجوبا بجنوب البلاد بأنهما منكوبتان بالمجاعة أيضا.

ووجهت منظمة التعاون الإسلامي نداء عاجلا إلى جميع الأطراف في الصومال لوقف فوري للقتال والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول الكامل إلى الصومال من دون شروط مسبقة، من أجل تسهيل إيصال المساعدات الغذائية الطارئة للمتضررين. وتقوم المنظمة بتوزيع المساعدات الإنسانية على النازحين في مخيمات حول العاصمة الصومالية من خلال مكتبها للشؤون الإنسانية الذي افتتحته هناك في مايو (أيار) الماضي، وأنشأت صندوقا خاصا بالصومال بعد إقراره قبل اجتماع مجلس وزراء الخارجية في الدول الأعضاء في المنظمة، الذي عقد في كازاخستان في يونيو (حزيران) الماضي.

وتقول الحكومة الصومالية إن عدد اللاجئين الذين يصلون إلى العاصمة يوميا يزداد باستمرار، وقد تخرج الأمور عن السيطرة إذا لم تصل المساعدات الغذائية التي وعد بها العالم، وتعلق الحكومة آمالا كبيرة على الجسر الجوي الذي أقامه برنامج الغذاء العالمي ابتداء من أمس الأربعاء بين العاصمة الكينية ومقديشو، بينما يتوجه عدد آخر من الطائرات إلى نقطتين حدوديتين مع إثيوبيا وكينيا، حيث تجاوز عدد اللاجئين في مخيم داداب نصف مليون شخص، وهؤلاء هم الذين استطاعوا بطريقة أو بأخرى الوصول إلى هناك، لكن مصير ثلاثة ملايين ونصف آخرين منتشرين في أنحاء الصومال يواجهون خطر الموت جوعا وليس هناك طريقة عملية حتى الآن لوصول المساعدات الغذائية إليهم، إذ لا تزال حركة الشباب المجاهدين المسلحة المعارضة تمنع وكالات الغوث الرئيسية من الدخول إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها والعمل فيها، وترى الحركة أن ما يجري هو تسييس للعمل الإنساني، وأن حجم المجاعة الذي تتحدث عنه الأمم المتحدة أمر مبالغ فيه.

ويخشى كثير من الصوماليين والعالم تكرار ما حدث عام 1992، عندما اندلعت مجاعة واسعة في جنوب الصومال بسبب الحرب الأهلية أدت إلى موت نحو 220 ألف شخص، وكان الوقت متأخرا جدا عندما قررت الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة التدخل لوقف المجاعة في ما عرف بعملية «إعادة الأمل»، التي نجحت في وقف المجاعة لكنها فشلت في وقف الحرب بين الفصائل الصومالية.