ساركوزي وعبد الله الثاني «مذهولان» من ارتفاع أعداد ضحايا القمع في سوريا

العاهل الأردني التقى بالرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة.. وباريس تشيد بطريقة تعامله مع المظاهرات وبالإصلاحات

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال استقباله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
TT

نقلت مصادر قصر الإليزيه عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والملك الأردني عبد الله الثاني تعبيرهما عن «الذهول» إزاء ارتفاع أعداد ضحايا أعمال القمع في سوريا و«أسفهما» لكون الوعود الإصلاحية التي يطلقها النظام لا تترجم عمليا على أرض الواقع. وأعرب رئيسا الدولتين في تحليلهما لمجريات الأحداث في سوريا، عن «المخاوف» المترتبة على التطورات الجارية على «الاستقرار الإقليمي» بما في ذلك على الأردن جار سوريا الجنوبي.

جاء ذلك في إطار غداء العمل بقصر الإليزيه الذي جمع ساركوزي وعبد الله الثاني بمناسبة الزيارة التي قام بها العاهل الأردني إلى فرنسا أمس. والتقى عبد الله الثاني، إضافة إلى الرئيس الفرنسي، برئيس الحكومة فرنسوا فيون، حيث تركز البحث على العلاقات الثنائية وكيفية تعزيزها، كما جرى التوقيع على اتفاقية تعاون بين الوكالة الفرنسية للتنمية والأردن، حيث تحصل عمان بموجبها على مساعدات سنوية قيمتها 200 مليون يورو وفق برنامج من ثلاث سنوات.

وكان الملف السوري أحد الملفات الرئيسية في محادثات العاهل الأردني في باريس. وشارك في غداء الإليزيه وزيرا الخارجية ألان جوبيه وناصر جودة ومستشارو الزعيمين وكذلك وزير الصناعة إريك بيسون بسبب بحث ملف التعاون النووي ومشاركة شركة «أريفا» الفرنسية المتحالفة مع شركة «ميتسوبيشي» اليابانية في المنافسة للفوز بعقد بناء مصنع نووي في الأردن.

ونددت باريس أمس مجددا بعمليات القمع المستمر للمظاهرات الاحتجاجية في سوريا، واصفة إياها بـ«الهمجية». وقالت «الخارجية» في مؤتمرها الصحافي الإلكتروني إن ما يجذب الانتباه اليوم هو «واقع القمع الهمجي الذي يصيب المدنيين يوما بعد يوم و(نهج) الهروب إلى الأمام الذي يسلكه النظام مما يقود إلى طريق مسدود من شأنه تهديد الاستقرار في المنطقة».

وجددت الخارجية الفرنسية ثقتها بسفيرها في دمشق إريك شوفالييه في ما اعتبر ردا على كتابات ظهرت في الفترة الأخيرة بالصحافة اللبنانية تحدثت عن «فقدان الثقة» بالسفير شوفالييه بسبب الزيارة التي قام بها إلى حماه والتي أثارت أزمة حادة بين باريس ودمشق. وقالت الخارجية إن شوفالييه «يعبر عن موقف فرنسا ويحظى بكامل الثقة».

وتدفع باريس مجددا باتجاه سلة عقوبات أوروبية إضافية على سوريا. وقالت مصادر فرنسية معنية بالملف السوري إن المهم أن تكون العقوبات «فعالة من غير أن تصيب المواطنين العاديين». ومن الأفكار التي يتم البحث فيها في الوقت الحاضر فرض عقوبات على قطاع الغاز والبترول السوري بحثا عن تجفيف مداخيل النظام وزيادة الضغوط السياسية والاقتصادية عليه لدفعه إلى تغيير سلوكه ووقف القمع وإجراء الإصلاحات التي يطالب بها المتظاهرون. لكن المصادر ترى أن العقوبات لا يمكن أن تأتي بنتائج حاسمة قبل مرور عدة أشهر. بيد أنها تمثل «رسائل واضحة» إلى السلطات السورية التي «تزيد من عزلتها» السياسية والدبلوماسية، كما أنها تصيب عددا من أركان النظام. وبأي حال، ترى باريس أن عودة «سوريا إلى الوراء» غير واردة.

وفي حين تستمر باريس في جهودها لإحداث تغيير في مواقف الدول المعارضة لإدانة سوريا في مجلس الأمن الدولي، فإنها تبدي اندهاشها من مواقف الدول العربية التي لا يبدو أنها «تكترث» لما يجري في سوريا. وكان ينتظر أن ينقل وزير الخارجية ألان جوبيه هذا الشعور إلى أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي استقبله في مقر الوزارة أمس بمناسبة زيارته الرسمية الأولى للعاصمة الفرنسية.

وحرص الرئيس الفرنسي، كما قالت مصادره، على «تهنئة» الملك عبد الله الثاني لطريقة تعامله السلمية مع المظاهرات في بلاده، التي تفادت وقوع ضحايا «بعكس ما هو حاصل في الجوار» في إشارة إلى سوريا. كما أشاد ساركوزي بإرادة الملك في إجراء إصلاحات وبالخطوات التي انتهجها لهذا الغرض.

واحتل موضوع مسار السلام وعزم الفلسطينيين التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف أممي بدولتهم وتقديم طلب انتساب إلى المنظمة الدولية، قسطا وافرا من محادثات العاهل الأردني عبد الله الثاني. وسعت باريس، عبر إعلان استعدادها للدعوة إلى مؤتمر مانحي الدولة الفلسطينية وعزمها على إعطائه بعدا سياسيا، إلى تفادي «المأزق» المتوقع في الأمم المتحدة وتحاشي انقسام الاتحاد الأوروبي وزيادة حرج واشنطن وعزلة إسرائيل. لكن المصادر الرئاسية تعترف أن نتائج الاتصالات الفرنسية ليست مشجعة، وبالتالي، فإن المؤتمر الموعود يرجح أن لا يتم لغياب شرطين أساسيين: وجود عملية تفاوضية، وغياب حكومة وحدة فلسطينية وفق تفاهم القاهرة. وبأي حال، لا تريد باريس أن تربط نفسها بموقف نهائي منذ الآن من موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن، وحجتها الأولى أنها تنتظر نص مشروع القرار الفلسطيني - العربي. أما موقفها المبدئي، فهو أنها «ستتحمل مسؤولياتها»، مما يعني أنها تترك نفسها حرة التصرف في انتظار التطورات.