مردوخ .. آخر ضحايا القذف بالفطائر

وسيلة احتجاج قديمة تطال خصوصا المشاهير.. ودوافعها تتفاوت من الحب إلى الكره

TT

هذه هي الحال المختلطة للعالم في العصر الذهبي للفطير. لم يجر من قبل رصد هذا العدد الكبير من الفطائر المتنوعة، ومنها فطيرة التوت والتفاح وكريم الحلاقة والكريمة المخفوقة، الذي تم به قصف الكثير من الوجوه لأسباب كثيرة مختلفة إلى حد التناقض. وتتجاور العبارتان «أنا أحبك» أو «أنا أكره الرجل». فقد تم قصف كل من بيل غيتس، وسلفستر ستالون، وآنيتا بريانت، وميلتون فريدمان، وآن كولتر، وعدد لا يحصى من أبطال كرة البيسبول بالفطائر في وجوههم على مدى العقود الماضية. وأخيرا، جاء دور روبرت مردوخ، قطب الإعلام الشهير، يوم الثلاثاء، عندما قذفه شخص متسلل يدعى جوني ماربلز، بكريم حلاقة أثناء شهادته أمام لجنة في البرلمان بشأن فضيحة التنصت التي لا تزال عواقبها مستمرة. وقد كتب الرجل في رسالة على موقع «تويتر» قبل لحظات من تعبيره عن ازدرائه من خلال تلك الرغوة: «ما سأفعله الآن سيكون أفضل ما قمت به في حياتي». انتظر بضعة أيام وسوف ترى المزيد من الفطائر التي تتطاير، لكن ربما تكون من النوع الآخر. ربما يضرب أحد لاعبي البيسبول كرة خارج الملعب من أجل الفوز بمباراة قريبة، بينما يتسلل أحد رفاقه من ورائه بطبق من الألمنيوم الذي يتم وضع الفطائر به لكنه مليء بكريم الحلاقة خلال مقابلة. وتتسم الفطيرة بالخفة مثل الفعل الذي أشبهه بها، حيث يمكن أن يتحول من فعل إلى اسم أو صفة. يتحدث قاذفو الفطائر عن قذف الآخرين. ولعل من أشهر المحتجين بهذه الطريقة في زمانه هو أرون كاي، وقد صرح يوم الثلاثاء بأن مردوخ من الأشخاص الذين يستحقون القذف بالفطائر بحسب «دليل الناس التي يمكن مهاجمتهم بالفطائر» الخاص به. ويقذف كاي الفطائر منذ السبعينات، بعد أن تطور هذا الأمر من كلام بهلوان السيرك إلى حركات احتجاجية سريعة. ويتضمن سجل إنجازاته استهداف اثنين من المتورطين في فضيحة «ووترغيت»، هما هوارد هانت وغوردون ليدي، فضلا عن ويليام باكلي وأندي وارهول.

قد يفضل الكثير من القاذفين الجدد وضع الكريمة المخفوقة على أطباق الفطائر عن الفاكهة المطهوة على نار هادئة والموضوعة في غلاف مغطى بالقليل من الدقيق. لكن طالما أحب كاي، الذي ما زال نابضا بالحيوية والنشاط على الرغم من بلوغه الواحدة والستين من العمر، أن يكون لاختيار السلاح معنى حقيقي. ولذلك عندما طارد عام 1977 فيليس كلفلاي، التي كانت تناصر «فطيرة الأمومة والتفاح» في معركتها ضد تعديل المساواة في الحقوق، كان حريصا على قذفها بفطيرة تفاح.

وقال كاي في مكالمة هاتفية من حافلة في مكان ما بنيويورك: «لا بد أن يكون للأمر علاقة بالفلسفة التي وراءه. فإذا كان شخص ما نازيا، يمكن أن أقذفه بكعكة شوكولاته ألمانية». استخدم كاي فطيرة فتات التفاح ضد إبراهام بيم، العمدة السابق لمدينة نيويورك، «لأنه كان عبارة عن كسرة من التفاحة الضخمة» (كناية عن نيويورك).

ويعد كاي أسطورة في مجال قذف الفطائر. ألم تر المقطع المصور على موقع «يوتيوب» بعنوان «باي ليميتيد» أو قرأت أعمال مجموعة «بيوتيك بيكينغ بريغيد» التي تتضمن «أجينت كي لايم» و«أجينت آبل» التي كانت بمثابة احتجاج على الليبرالية الحديثة، والتي أعلنت مسؤوليتها عن قذف غيتس وفريدمان، الذي كان مستشار سان فرانسيسكو آنذاك وغافين نيوسام، العمدة المستقبلي وويلي براون، عمدة سان فرانسيسكو. يمكن أن تقود فطيرة الاحتجاج إلى السجن، حيث تم إلقاء القبض على ماربلز. وقد كان ذلك المصير نفسه الذي لاقاه اثنان من الطلبة الجامعيين اللذان انتهى بهما الحال إلى محكمة فيدرالية العام الماضي بسبب قذف كارل ليفن، النائب الديمقراطي عن ولاية ميتشغان، فطيرة تفاح هولندي في وجهه، على خلفية تصريحه المناهض للحرب. وتلقى ماربلز صفعة من ويندي دينغ، زوجة مردوخ، التي دخلت في عراك مثل الذي يحدث في الحانات، بعد أن تخطت الجموع ولكمته في وجهه، ثم أخذت الطبق منه وألقته في وجهه. يمكن للفطيرة السعيدة أن تصبح درامية، حيث أصيب كريس كوغلان، اللاعب المبتدئ في في فريق فلوريدا مارلينز، في الغضروف المفصلي بركبته اليسرى العام الماضي وهو يلقي فطيرة على أحد زملائه في الفريق ابتهاجا بالفوز. وانتهت حياته المهنية منذ ذلك الحين. ربما كان ينبغي لكوغلان الرجوع إلى الأعمال الكلاسيكية في هذا المضمار من أجل تحسين أسلوبه. وعلى سبيل المثال، كان فاتي أرباكل، الممثل الكوميدي الذي ظهر في بداية القرن العشرين، قاذف فطائر مثل شخصيتي سوبي سيلز وباغز باني. وكانت خطورته تكمن في قدرته على استخدام يديه الاثنتين بالمهارة نفسها. كما كان هناك ماو هوارد. ويقول غريغ دي سانتوس، المدير التنفيذي لمركز «إنترناشونال كلاون هول فيم» للأبحاث وهو مهرج سابق في «رينغلين برازرز» عنه: «صوص الكريمة المخفوقة وقرع العسل. لقد كان لزجا والتصق بوجهي».

لا يمكن أن يقول جوني ماربلز، الذي هاجم مردوخ، الكلام نفسه، فبعد أن انتهى الأمر يوم الخميس، كانت الأمور واضحة. فقد تلقى فطائر في وجهه أكثر من تلك التي تلقاها مردوخ.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»