اليمن: جرحى في قمع قوات الأمن لمظاهرات بالمحافظات للمطالبة بإسقاط «بقية النظام»

إصابة نساء ناشطات في مظاهرة أمام السفارة الأميركية في صنعاء.. وخطة أمنية خاصة برمضان

أطفال يمنيون يرفعون علم بلادهم الوطني خلال مظاهرة في صنعاء أمس تطالب بإنهاء حكم الرئيس علي عبد الله صالح الذي استمر 33 عاما (أ.ف.ب)
TT

خرج آلاف اليمنيين أمس، في مظاهرات جديدة للمطالبة برحيل من «تبقى من رموز النظام»، في سياق الاحتجاجات التي اندلعت قبل بضعة أشهر للمطالبة برحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.

وقال شهود عيان في مديرية رداع بمحافظة البيضاء وفي مدينة إب، بوسط البلاد، إن عددا غير قليل من المتظاهرين سقطوا جرحى بالرصاص الحي الذي أطلقته قوات الأمن والمجاميع التي تسمى «البلطجية»، وفي إب أيضا نفذت وقفة احتجاجية للمئات من النساء والرجال، احتجاجا على رفع أسعار المشتقات النفطية من قبل الجانب الحكومي.

وبحسب مصادر خاصة، فقد سقط جرحى في مواجهات بمدينة إب بين المؤيدين والمعارضين للنظام، كما أحرقت إحدى السيارات.

وفي صنعاء، أصيب عدد من المتظاهرات عندما نظمن وقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية في حي الشيراتون بصنعاء، احتجاجا على الموقف الدولي من الثورة اليمنية، كما تسمى، وقالت مصادر في الحي إن قوات الأمن المركزي هي من تصدت للمتظاهرات اللاتي انطلقن نحو السفارة من «ساحة التغيير» في صنعاء.

وفي السياق ذاته، التقى مساء أمس وزير الخارجية اليمني نظيره البريطاني ويليام هيغ في لندن، وحسب مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» فقد حملت الخارجية البريطانية الوزير اليمني رسالة مفادها أن على الرئيس صالح البدء فورا في تنفيذ المبادرة الخليجية، ووفقا لمصادر رسمية يمنية، فقد بحث الوزير القربي مع هيغ «مجالات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها وتطويرها».

وأشارت المصادر إلى تثمين القربي لـ«جهود بريطانيا الحريصة على إيجاد الحلول لإنهاء الأزمة السياسية التي تشهدها اليمن»، واستعرض معه «تطورات الأوضاع على الساحة اليمنية والجهود التي يقوم بها الأخ نائب رئيس الجمهورية للتوصل إلى حل للأزمة السياسية في ضوء المبادرة الخليجية وبيان مجلس الأمن».

وفي سياق يؤكد المواقف البريطانية، قالت المصادر الحكومية اليمنية إن القربي وهيغ تطرقا في مباحثاتهما إلى «أهمية التوصل إلى تفاهم حول آليات التنفيذ للمبادرة وإجراء الحوار الموسع بين مختلف الأطراف السياسية في إطار تسوية تقود إلى إجراء انتخابات مبكرة تعزز التجربة الديمقراطية في اليمن».

وتحدثت مصادر محلية في محافظة تعز المضطربة عن انسحاب قوات الحرس الجمهوري والمسلحين المؤيدين للثورة من المدينة، في الوقت الذي انتشرت فيه قوات الأمن العام في المدينة بعد أشهر من المواجهات بين الحرس الجمهوري والمسلحين على خلفية القمع الذي مارسته قوات الأمن على المتظاهرين في تعز بـ«ساحة الحرية».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن انسحاب المسلحين والحرس الجمهوري من مدينة تعز، جاء على خلفية التوصل إلى تسوية تشبه الهدنة لتهدئة الأوضاع بعد مقتل وجرح العشرات من المدنيين والمسلحين والجنود، في موجة عنف لم تشهدها تعز منذ عشرات السنين.

إلى ذلك، تتواصل المساعي الأممية للتوصل إلى حل لإنهاء الأزمة في اليمن، في حين نفت السلطات اليمنية مغادرة جمال بن عمر، مبعوث بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، إلى اليمن، بعد أن وصل إلى طريق مسدود في مشاوراته التي يجريها بشأن الأزمة اليمنية، وقال المصدر لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن «هذه الأنباء غير صحيحة وإن جمال بن عمر لا يزال موجودا في اليمن ويواصل مشاوراته مع الأطراف السياسية بهدف الوصول إلى اتفاق لعودتها إلى طاولة الحوار، وإن موعد زيارته إلى اليمن ينتهي الأربعاء (أمس)». وفي العاصمة البريطانية لندن، التقى الدكتور أبو بكر القربي، وزير الخارجية اليمني، أمس، كاثرين أشتون الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.

وحسب مصادر رسمية يمنية، فقد بحث اللقاء «التطورات على الساحة اليمنية»، ووضع وزير الخارجية اليمني المسؤولة الأوروبية في صورة ما يجري في اليمن والجهود المبذولة لحل الأزمة السياسية التي تمر بها، وآخرها زيارة جمال بن عمر مستشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

وأضافت المصادر أن الدكتور القربي تطرق أيضا إلى «الجهود التي يبذلها الأخ عبد ربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية، لتهيئة المناخ وإيجاد حوار بين مختلف الأطراف السياسية في اليمن».. وقال «إن ذلك الحوار يأتي بدعم من فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية».

وضمن ما طرحه الوزير اليمني حرص حكومته على «نهج الحوار لمعالجة كافة القضايا الخلافية والتفرغ لمواجهة المتطلبات الضرورية للناس»، وأن «إجراء الحوار في ضوء المبادرة الخليجية المرتكزة على آليات واضحة للتنفيذ وبيان مجلس الأمن الدولي في إطار تسوية تنتهي بإجراء انتخابات مبكرة - سيكون في مصلحة الديمقراطية والأطراف السياسية كلها في اليمن».

وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إن وزير الخارجية اليمني أطلع أشتون على «جهود اليمن في محاربة الإرهاب والنتائج الطيبة التي تحققها القوات المسلحة والأمن في التصدي لتنظيم القاعدة الإرهابي في محافظة أبين».

ونقلت ذات المصادر عن المسؤولة الأوروبية تعبيرها عن أملها وأمنياتها أن «تخرج اليمن من هذه الأزمة بصورة عاجلة»، وأيضا تأكيدها «دعم الاتحاد الأوروبي للحوار بين مختلف الأطراف في اليمن».

وقالت أشتون إن «الاتحاد الأوروبي يدعم المبادرة الخليجية والجهود التي يقوم بها جمال بن عمر، مستشار الأمين العام للأمم المتحدة، لتحقيق تسوية للأوضاع في اليمن»، مشيدة بالجهود اليمنية في محاربة الإرهاب.

وحسب مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن الاتحاد الأوروبي وجه رسالة إلى الرئيس صالح عبر وزير خارجيته يطلب منه «ضرورة الشروع الفوري في نقل السلطة إلى حكومة جديرة بالثقة في اليمن».

ويقوم وزير الخارجية اليمني بزيارة إلى المملكة المتحدة لإجراء مباحثات مع المسؤولين البريطانيين ومسؤولي الاتحاد الأوروبي، وضمن لقاءاته، التقى أمس أوليفر روبنز نائب مستشار الأمن القومي البريطاني، وبحث معه علاقات البلدين، وبالأخص في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب. وكان المسؤول البريطاني المشار إليه زار صنعاء قبل عدة أيام، كما التقى الدكتور القربي في لندن، كيث فاز عضو مجلس العموم البريطاني ورئيس «مجموعة أصدقاء اليمن» في البرلمان البريطاني. وأعربت السفارة الأميركية في صنعاء عن أسفها حيال حادث العنف الذي تعرضت له المشاركات في المظاهرة، وحملت السفارة قوات الأمن اليمني نتيجة ما حدث. وأضافت السفارة، في بيان نشرته على موقعها على شبكة الإنترنت «تؤكد الولايات المتحدة على حق المحتجين السلميين في التظاهر، كما ينبغي السماح لهم بالتجمع بدون الخوف من أعمال عنف مضادة».

في موضوع آخر، وإزاء الأوضاع الأمنية التي تعيشها اليمن، أقرت وزارة الداخلية اليمنية أمس، خطة أمنية خاصة بشهر رمضان المبارك الذي يحل على اليمن هذا العام في ظل استمرار الاحتجاجات التي تسعى إلى تغيير نظام الرئيس علي عبد الله صالح برمته.

وقالت مصادر رسمية إن اجتماعا عقد برئاسة اللواء مطهر رشاد المصري وزير الداخلية، أقر خطة أمنية خاصة بالشهر الكريم وتتضمن: «إقرار الآلية التنفيذية لها وإشراك كل أجهزة ومرافق الوزارة في تنفيذها خلال الشهر الكريم، وذلك من أجل حفظ النظام والقانون وإرساء الأمن والاستقرار في الأمانة وعموم محافظاته الجمهورية».

وأكد المصري أن وزارته «عازمة على منع حمل السلاح وضبط كل من يحمله أو من يقوم بإطلاق النار وإزعاج السكينة العامة وإقلاق المواطنين، وتقديمه إلى جهات الاختصاص، وذلك في إطار تفعيل خطة منع حمل السلاح في عموم محافظات الجمهورية».

وصدرت توجيهات لكافة الأجهزة الأمنية بالعمل على «إزالة كافة العراقيل وفتح كل الطرقات وضبط كل المخالفين والخارجين عن القانون، مع الحرص على تكثيف العمل الأمني، ورفع درجة الجاهزية، والتحلي باليقظة، وتعزيز الوجود الأمني المستمر في كل الأحياء والمرافق العامة والنقاط الأمنية المنتشرة على مداخل ومخارج عواصم المحافظات».