القمع الأمني يفشل في منع خروج مظاهرات ليلية.. والأمن ينفذ عمليات مداهمة في دير الزور

ناشط سوري: نتظاهر في مناطق وأحياء يتم تأمينها بوضع حواجز تمنع دخول عناصر الأمن

TT

لم ينجح التشديد الأمني وحملات المداهمات والاعتقالات الواسعة التي تشنها السلطات السورية لتعقب المتظاهرين والناشطين السوريين، في منع السوريين من الخروج في المظاهرات الليلية اليومية في كافة أنحاء البلاد، بل جاءت موجة الحر التي تجتاح البلاد خلال هذه الأيام من الصيف لتزيد من خروج المتظاهرين إلى الشوارع ليلا والتظاهر حتى ساعة متأخرة من الليل.

ويقول أحمد، أحد النشطاء في ريف دمشق، إن أغلب المتظاهرين من «الكسّيبة»، أي أصحاب المهن الحرة، وهؤلاء «يعودون إلى منازلهم مساء وريثما يرتاحون تكون الساعة قد شارفت على العاشرة مساء، ليكون موعد التظاهر في العاشرة والنصف، وقبلا كان الموعد عقب صلاة العشاء ولكن الآن ومع اشتداد حرارة الطقس تأخر الخروج إلى منتصف الليل».

وعن التشديد الأمني، يقول أحمد إن «التظاهر لا يكون في المناطق ذات الوجود الأمني، وإنما في مناطق وأحياء يتم تأمينها بوضع حواجز تمنع دخول عناصر الأمن، لكن هذا لا يمنع حصول مداهمات في وقت لاحق واعتقال الناشطين وفق لوائح يزودهم بها (العوانينة) من المخبرين وأزلام النظام».

من جهتهم، تصدى أهالي منطقة دير الزور لقوات الأمن التي استأنفت أمس حملاتها في عدة أحياء من مدينة دير الزور (شرق سوريا) بإقامة حواجز، حسبما ذكر ناشط حقوقي. وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن «قوات الأمن السورية قامت بعمليات مداهمة في عدة أحياء من مدينة دير الزور منها الجورة والحميدية والحويقة والجبلية والعمال تصدى لها الأهالي بإقامة حواجز». وأشار إلى أن «هذه الحملات لم تسفر إلا عن اعتقال شخصين»، لافتا إلى أن «اعتقالهما تم مباغتة».

واستعدادا لليوم (الجمعة) الذي أطلق عليه الناشطون اسم «صمتكم يقتلنا» في إشارة إلى الصمت العربي، وفي تحد للعملية الأمنية الواسعة التي تقوم بها السلطات قبل شهر رمضان، شهدت بعض أحياء دمشق مظاهرات ليلية استمرت بالمطالبة بإسقاط النظام. ومثلها في ريف دمشق واللاذقية وحمص وغيرها من المناطق السورية. وفي المقابل لوحظ وجود عناصر الأمن والجيش بكثافة غير مسبوقة في منطقة برزة في دمشق، كما وضعت حواجز تفتيش عسكرية على كافة مداخل مدينة دمشق، وأهمها الحاجز على مدخل دمشق من جهة طريق حمص حيث كانت تخضع الحافلات العامة والسيارات الخاصة القادمة من محافظة حمص لتفتيش دقيق، مع إبراز للبطاقات الشخصية للداخلين إلى دمشق.

وبحسب مصادر حقوقية في دمشق، فإن مئات الأشخاص تم اعتقالهم في حيي ركن الدين والحجر الأسود في دمشق. وشملت العمليات الأمنية أيضا منطقة الزبداني بريف دمشق التي نصبت فيها حواجز عسكرية كثيرة. إلا أن الحملات الأشد تلك التي شهدتها بلدة كناكر في ريف دمشق التي شهدت أول من أمس مقتل 13 مدنيا بينهم ثلاثة أطفال خلال عملية أمنية وعسكرية واسعة.

وفي حمص، دعا ناشطون للتظاهر كل يوم في شهر رمضان، وجاء في بيان صدر عن «اتحاد أحياء مدينة حمص»، ونشر على صفحة «أوغاريت» على موقع «فيس بوك»، بأنه «تقرر انطلاق جميع المظاهرات في مدينة حمص عقب صلاة التراويح في شهر رمضان، انطلاقا من المساجد، واستمرارها حتى صلاة الفجر من كل يوم».

من جهته، قال مصدر عسكري سوري في بيان رسمي إن «قوات حفظ النظام تعقبت أول من أمس في منطقة كناكر بريف دمشق مجموعات إرهابية مسلحة قامت بترويع المواطنين الآمنين، وأسفرت المواجهة عن مقتل أربعة من عناصر تلك المجموعات المسلحة وجرح اثنين آخرين». ووصف المصدر العملية التي نفذتها قوات حفظ النظام بأنها «نوعية وناجحة».

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، حصول مظاهرة في قطنا (ريف دمشق)، يوم أول من أمس بعد صلاة العشاء، نصرة لكناكر «التي ناصرتهم أيام حصارهم، لكن سرعان ما قمعها رجال الأمن والشبيحة الموجودين بكثافة في المدينة». وأوضح المرصد «أنهم قاموا بمحاصرة المظاهرة بسيارتي (بيك آب) مزودتين برشاش خلفي وعدة سيارات مليئة برجال الأمن المدججين بالسلاح وقاموا باعتقال شاب». وأشار المرصد إلى أن «قوات الأمن كانت قد نفذت مداهمات للمنازل واعتقالا للشباب بعد صلاة المغرب»، لافتا إلى أن مدينة قطنا «ما زالت تشهد وجودا أمنيا كثيفا». وأكد المرصد «وجود حاجز أمني على مدخل قطنا ودبابتين على مدخل البلد بالإضافة لحاجز أمني آخر على طريق كفرقوق عند سكة القطار مع انتشار واضح للعناصر الأمنية والشبيحة في شوارع قطنا».

وفي دمشق، «خرجت مظاهرة مساء أول من أمس في شارع خالد بن الوليد شارك فيها مجموعة من الشبان والشابات وأغلقوا الشارع لفترة وجيزة كما خرج مئات الشبان من حي المزة الشيخ سعد وهتفوا بإسقاط النظام»، بحسب المرصد. وأضاف «تجمع عدد من شبان حي برزة في دمشق للتظاهر بعد صلاة العشاء قرب جامع السلام فهاجمتهم سيارة (كيا) لونها أزرق فيها 4 من الشبيحة مسلحون ثم تلاها وصول 3 باصات لقمع المظاهرة»، مشيرا إلى أن «المظاهرة ما لبثت أن انفضت».

وقال المرصد «قبل صلاة المغرب بدأت قوات الجيش بالخروج تدريجيا مع بقاء وجود أمني قليل في هذا الحي الذي نفذت فيه قوات الأمن السورية (الأربعاء) عملية أمنية كبيرة حيث انتشرت قوات كبيرة من الأمن والجيش وبدأت عملية مداهمة للبيوت واعتقال أكثر من 100 شخص بناء على قوائم كانت معهم». وأضاف «كما خرجت مظاهرة نسائية مسائية في منطقة الحجر الأسود (ريف دمشق)».

من ناحية ثانية، ذكر المرصد في بيان «أن جهاز أمن الدولة بدمشق اعتقل في 27 يوليو (تموز) المعارضين البارزين عدنان وهبة ونزار الصمادي عضوي هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا»، مشيرا إلى أن «مصيرهما لا يزال مجهولا». وأدان المرصد في بيانه «بشدة استمرار الأجهزة الأمنية السورية بممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ».