مصر: مليونية بأسماء مختلفة وهدف واحد

الإسلاميون يتعهدون بعدم المساس بمعتصمي التحرير.. والحكومة تستبقها بإجراءات «تطهيرية»

TT

اتفقت مطالب القوي السياسية المصرية، قبل مظاهرة «جمعة لم الشمل» المقرر لها اليوم بميدان التحرير وميادين مصر، لتشمل رفض المبادئ الحاكمة أو فوق الدستورية، وتحديد جدول زمني لتسليم السلطة للمدنيين، وإيقاف المحاكمات العسكرية، وإلزام وزارة الداخلية بوضع منظومة أمنية قوية وموالية للثورة.

بينما اختلف المشاركون حول اسمها؛ حيث أطلقت الجماعة الإسلامية عليها اسم «مليونية الهوية الإسلامية»، وأطلق عليها التيار السلفي «جمعة وحدة الصف»، وسمتها جماعة الإخوان المسلمين «وحدة الهوية».. أعلن ائتلاف «شباب ثورة 25 يناير» أن اسمها «جمعة الوحدة»، وأطلق عليها المسيحيون «مليونية مصر فوق الجميع»، وأطلقت عليها القوي السياسية المعتصمة في الميدان جمعة «الإرادة والهوية» و«الإرادة الشعبية» و«الاستقرار».. لكن أغلب المشاركين من المواطنين ووسائل الإعلام اتفقت – لمّا للشمل - على تسميتها بـ«جمعة لم الشمل».

واستبقت السلطات في مصر مظاهرة اليوم، بالتأكيد على استبعاد قيادات الحزب الوطني المنحل (الحاكم سابقا) من العمل في الحياة السياسية، واستمرار المشاورات حول حركة المحافظين.. كما قال الدكتور أحمد السمان، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء: «إن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء توجه إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى إدارة البلاد لاستكمال المشاورات حول حركة المحافظين».

وأكد السمان أنه سيتم استبعاد قيادات الحزب المنحل في إطار حركة التطهير، مضيفا أن حركة التطهير التي سيتم إعلان المرحلة الأولى منها الأسبوع المقبل ستشمل استبعاد الآلاف من المنتمين للحزب المنحل على مدار عدة سنوات ومن ثبت تورطه في الفساد السياسي الذي نتج عن النظام السابق.

وأعلن 25 حزبًا وائتلافًا شبابيًّا مشاركتهم في مظاهرة اليوم، بالتأكيد في بيان مجمع لهم، أن مصر تمر بظرف تاريخي يوجب على الجميع التوحد بعيدًا عن الصراعات والانقسامات. مطالبين المجلس العسكري بتحديد جدول زمني لتسليم السلطة للمدنيين، وإيقاف المحاكمات العسكرية والإسراع في محاكمة قتلة الثوار، وإنهاء كل محاولة إهدار حق أسر الشهداء في القصاص العادل. وشدد البيان على ضرورة التوحد والتكاتف لمواصلة إسقاط كل رموز الفساد.

وطالبت اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة، المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتحقيق مطالب الثورة فورًا، ودعت اللجنة في بيان لها بسرعة نقل الرئيس السابق حسني مبارك من شرم الشيخ (بمحافظة جنوب سيناء) إلى سجن ليمان طره بحي المعادي بالقاهرة، ومحاكمته بشكل علني أمام الشعب كله، وسرعة محاكمة المتورطين كلهم في قتل الثوار وإصابتهم. وشدد البيان على ضرورة الحوار والمشاركة في صنع القرارات قبل اتخاذ القرارات المصيرية، وإصدار المراسيم بقوانين، والمحافظة على كيان الدولة، وتطهير وزارة الداخلية.

ودعا البيان إلى حرمان من أفسدوا الحياة السياسية من مباشرة حقوقهم السياسية عن طريق تعديل المادتين 2 و3 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم ممارسة الحقوق السياسية بالحرمان أو الوقف لمدة 5 سنوات، أو إصدار مرسوم بقانون يحرمهم من مباشرة الحقوق السياسية، والوقوف بكل حزم أمام المحاولات التي تقوم بها جهات أجنبية لاختراق بعض تنظيمات الثورة، وتجريم ذلك قانونيا.

وأكد البيان على وحدة أهداف الشعب بمختلف توجهاته السياسية والفكرية دون إقصاء، واقتلاع جذور الفساد مهما كانت النتائج والتضحيات، والتصدي بكل قوة وحزم لجميع محاولات إجهاض الثورة أو تشويهها عن طريق الوقيعة بين الثوار. وأكد الدكتور محمد فؤاد، عضو اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة، على أن مظاهرة اليوم (الجمعة) تهدف لإعادة التوازن للمشهد السياسي وللتأكيد على مطالب الائتلاف في إقامة دولة ديمقراطية مدنية، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «المشاركين في المظاهرة على ثقة من وطنية القوات المسلحة في تنفيذ مطالبنا للحفاظ على حقوق الشعب ومكتسبات الثورة»، لافتا إلى ضرورة بقاء شعار «الجيش والشعب يد واحدة، حتى يرد الجيش الأمانة الكاملة للشعب في نهاية المرحلة الانتقالية بعد إجراء الانتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية».

وأضاف فؤاد أن تنسيقية الثورة (التي تضم في عضويتها العديد من الائتلافات والقوى السياسية التي شاركت في الثورة) دعت للمشاركة بقوة في مليونية اليوم، لإرساء الاستقرار وترسيخ ثقافة الحوار والبناء وتقوية وحدة وإرادة الشعب بمختلف توجهاته السياسية والفكرية دون إقصاء لأي من فصائله أو تغليب لمصالح طرف على آخر. وقالت جماعة الإخوان، التي أعلنت مشاركتها بقوة في مظاهرة اليوم، إن الكثير من قوى الشعب لا تملك وسائل إعلام، فقررت التظاهر للتعبير عن موقفها وإيصال صوتها والانتصار لإرادة الشعب وسيادته وحقوقه، والدعوة إلى الاستقرار الوطني وإتاحة الفرصة للحكومة لأداء واجبها وتنفيذ برنامجها في التطهير والمحاكمة العادلة وإعادة البناء.

وفيما أكدت الجماعة أن من أسباب المشاركة، رفض الصدام بين الجيش والشعب، موضحة أن القوى التي ستقوم بالتظاهر السلمي اليوم، قررت عدم الاحتكاك بالمخالفين في الرأي، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وعدم الاعتصام في الميدان.

تعهدت التيارات الإسلامية بعدم المساس بمعتصمي التحرير (الموجودين بالميدان منذ 8 يوليو/ تموز الماضي). وأكد الشيخ سيد حلمي عضو الجماعة الإسلامية أن القوى الإسلامية أرسلت رسائل تطمينية للمعتصمين، بأنه لا مساس بهم، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن الشباب الإسلامي لن يستجيبوا لأي استفزازات، ولن يشتركوا في أي معارك.

واستبعد الدكتور محمد البلتاجي الأمين العام لحزب الحرية والعدالة (الحزب الرسمي لجماعة الإخوان) حدوث مصادمات اليوم، لافتًا إلى أن هذا ما يبشر به الخطاب الواعي الذي أطلقته كافة القوى المشاركة في المليونية.

وأشار إلى أن المليونية تهدف إلى استمرار الضغط الثوري وترشيده، والاحتكام للإرادة الشعبية الحرة، مؤكدا على أنه لم تتم الدعوة إلى اعتصام بعد المليونية. واتفق محمد نور، المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي، مع الرأي السابق بقوله: «لا يوجد نية لدى التيارات الإسلامية للاعتصام في الميدان، والمبيت في الميدان لم يتفق عليه». وأضاف نور لـ«الشرق الأوسط» أن الذي تم طرحه بين التيارات الإسلامية هو منح حكومة الدكتور شرف الفرصة لتنفذ الوعود التي سبق وأن وعدت بها، نافيا وجود نية للتصعيد مع القوى والتحالفات الموجودة في الميدان.

وأكد نور على أن هناك ارتياحا بين القوى المشاركة في ميدان التحرير، بقوله: «إن جزرا من الثلج ذابت بشكل كامل»، موضحا أن مطالب الإسلاميين اليوم هي إعادة الثورة لمسارها الأصلي والتأكيد على هوية الشعب. وأرجع نور تعدد أسماء مظاهرة اليوم، لتعدد المشاركين فيها وإصرار جميع القوى على إنجاحها.

إلى ذلك، وزعت الجماعة الإسلامية والتيار السلفي في ميدان التحرير أمس بيانا دعوا فيه لاستكمال الثورة والقصاص من رموز النظام السابق، ورفض التمويل الخارجي للأحزاب الليبرالية، ورفض إقالة الدكتور عصام شرف، ومعارضة تأجيل الانتخابات البرلمانية، ورفض المبادئ فوق الدستورية.

وأكد البيان أن مليونية اليوم ستكون للمطالبة بتطهير البلاد من رموز الحزب الوطني المنحل (الحاكم سابقا) داخل الجامعات والنقابات واتحادات العمال، ورفض اختطاف الثورة من قبل قلة علمانية تسعي لإصدار وثيقة فوق دستورية بتمويل أميركي غربي.

وفي السياق ذاته أعلنت حركات مسيحية عزمها المشاركة في مظاهرات اليوم، وأكدت الكنائس المصرية حرية المسيحيين في الاشتراك بالمظاهرات، وتمنت الكنائس الثلاث «الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية» مرور المظاهرات بسلام ودون اشتباكات بين الفصائل السياسية المختلفة، مؤكدة أنها ستقيم صلوات قداس الجمعة من أجل وحدة المصريين واستقرار البلاد. ودعا القمص صليب متى ساويرس عضو المجلس الملي العام، إلى رفع شعار «مصر فوق الجميع» وعدم الالتفاف حول المطالب الخاصة، مشددا على ضرورة أن يعبر المصريون جميعا عن صمودهم لاستكمال الثورة المباركة. وقال ساويرس إن الكنيسة لن تمنع الشباب المسيحي من المشاركة في مظاهرة اليوم، مشيرا إلى أن الكنيسة تهتم بالأمور الروحية لا السياسية.

وأكد سامح سعد، عضو المكتب السياسي باتحاد شباب ماسبيرو، أن الاتحاد سيشارك في مظاهرات اليوم، منوها بأن الاتحاد مستمر في اعتصامه مع الثوار بميدان التحرير منذ اليوم الأول.