السلطة الفلسطينية «تقصقص أجنحة» دحلان وتعتقل حراسه وتستولي على سلاح وسيارات مصفحة

أبو مازن: لا يحق لأحد أن يضع مسلحين أمام بيته.. والمحكمة الحركية ترفض الطعن بقرار «مركزية فتح» بفصله

TT

في تطور مفاجئ وفي إطار قصقصة أجنحته وتحجيمه بعد قرار المحكمة الحركية في فتح برد طعنه في قرار اللجنة المركزية بفصله منها ومن الحركة، حاصرت قوة مشتركة من الشرطة والأمنين الوقائي والوطني صباح أمس منزل محمد دحلان النائب عضو اللجنة المركزية السابق لحركة فتح الكائن في حي الطيرة في مدينة رام الله. وصادرت القوة عددا من الأسلحة الأوتوماتيكية والمسدسات وآلاف الطلقات حسب قول مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، الذي شدد على القول إن التحرك ضد دحلان كان في إطار القانون وإنه «ليس لدى الأجهزة الأمنية أي حسابات شخصية مع أحد ولا حسابات سياسية».

ونقل عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) تبريره لهذه الإجراءات، بقوله: «إذا كان لكل مواطن الحق أن ينصب معسكرا أمام منزله.. فلنحل السلطة وأجهزتها.. ليس من حق أي شخص أن يضع عددا من المسلحين أمام منزله. أضف إلى ذلك أن لديه سلاحا من غير ترخيص.. وكل ما فعلناه أننا سحبنا هذا السلاح غير المرخص وتركنا معه السلاح المرخص. وبالنسبة للحماية فمن حقه أن يطلبها من السلطة وأن توفرها له. وكونه عضوا في المجلس التشريعي فإننا سنخصص له رجال شرطة أمام منزله حماية له».

ونفى اللواء عدنان الضميري الناطق بلسان الأجهزة الأمنية لـ«الشرق الأوسط» «أن تكون القوة قد اقتحمت منزل دحلان أو أن تكون قد وضعته تحت الإقامة الجبرية».

وتأكدت «الشرق الأوسط» من أن دحلان لم يوضع تحت الإقامة الجبرية، وتمكنت من الاتصال به وهو على جسر اللنبي (الملك حسين) في طريقه إلى عمان، لكنه رفض الخوض في التفاصيل طالبا التحدث إلى أبو علي شاهين أحد أقرب المقربين إليه.

وأكد أبو علي شاهين عضو المجلس الثوري، عملية اقتحام المنزل الذي زاره ورجال الأمن لا يزالون فيه حسب ما قاله لـ«الشرق الأوسط». وحسب أبو شاهين فإن الأمن الفلسطيني اعتقل أبو خالد شنب رئيس حراس دحلان الشخصيين بطريقة مهينة وأمام أعين الجنود الإسرائيليين خلال مرافقته له وهو في طريقه إلى الأردن.

وتحدث اللواء الضميري عن تفاصيل العملية.. فقال: «في تمام الساعة السابعة من صباح اليوم (أمس) لاحظت قوة أمنية وجودا عسكريا غير مبرر، ولافتا للنظر في حي سكني في المنطقة التي يقع فيها منزل النائب محمد دحلان.. وحصلت قوات الأمن على إذن بالتفتيش من النائب العام. وداهمت نقطة الحراسة المسلحة وضبطت 14 قطعة سلاح منها 12 رشاشا أوتوماتيكيا ومسدسين (بعض الروايات تقول إن عدد القطع التي ضبطت تجاوز الـ16). واعتقلت القوة الحراس والمرافقين (نحو 20)» الذين حسب مصادر أخرى، حاولوا في البداية الاشتباك ومقاومة الأجهزة الأمنية قبل أن تتمكن من السيطرة عليهم.

وأضاف اللواء الضميري أن قائد القوة المهاجمة اتصل بدحلان على اعتبار أنه يمتلك حصانة دبلوماسية وطلب منه تسليم الذخيرة والسلاح داخل المنزل التي تحدث عنها الحراس عند استجوابهم كما طلب منه أن يسلم مركبات (سيارات) بحوزته للسلطة الوطنية وتعاون دحلان مع قائد القوة. وشدد الضميري على أن القوة الأمنية لم تداهم منزل دحلان لما له من حصانة دبلوماسية نحترمها رغم أن للرئيس محمود عباس (أبو مازن) الحق القانوني في رفع الحصانة عنه باعتباره يقوم بدور المجلس التشريعي المعطل.

وحسب الضميري فإن لدى دحلان 3 سيارات مصفحة، صادرت القوة الأمنية أحدها «وطلبنا منه تسليم الباقي كما صادرت كمية ذخيرة تقدر بأكثر من 10 آلاف طلقة». وقال الضميري موضحا: «نحن نعتبر أن هذا المظهر هو مظهر غير قانوني.. ونحن نتأكد مما إذا كانت هذه الأسلحة مسجلة لدى الأمن الفلسطيني، رغم وجود معلومات لدينا تفيد بأن معظم هذه الأسلحة غير مسجل، كما أن كميات الذخيرة لم تؤخذ بشكل قانوني من التسليح الفلسطيني. ونحن ننظر إلى الموضوع من ناحية قانونية بحتة». وتابع القول: «إن الأجهزة الأمنية أبلغت دحلان أن من حقه الحماية من الشرطة كعضو في المجلس التشريعي، وأن قوات الأمن الفلسطينية قادرة على توفير الحماية لأي مسؤول وأي مواطن.. وهذا هو دورها ولا يحق لأحد أن يشكل مجموعات حماية له، خارج إطار القانون». وشدد الضميري على أن المظاهر الاستعراضية المسلحة لأي مسؤول فلسطيني ستنتهي بل وانتهت إلى الأبد. الحماية هي مسؤولية الأمن الفلسطيني لأي مسؤول في إطار القانون والتنظيم والترتيب مع قوى الأمن الفلسطينية المخولة بذلك. ونحن حريصون على حياة محمد دحلان وسلامته كأي مواطن فلسطيني وكأي عضو في المجلس التشريعي».

وأكد الضميري ردا على إشاعات حول اقتحام منزل دحلان واحتجاز جميع الأجهزة الشخصية والكمبيوترات الخاصة وبعض الأسلحة الشخصية وفرض الإقامة الجبرية عليه وعدم السماح له بمغادرة المنزل حتى انتهاء التحقيق: «نحن لم نقم باقتحام منزل بل اقتحمنا منطقة فيها مسلحون في محيط منزل السيد دحلان وهم حراسه الشخصيون الذي كانوا يتجمعون في غرفة حراسة ليست في منزله. والسيد دحلان طلب الحديث مع قائد القوة ولم يبد أي معارضة». ونفى الضميري أن تكون قد فرضت عليه الإقامة الجبرية.. «ليس لدي أي معلومات عن فرض الإقامة الجبرية عليه.. نحن وضعنا له حراسة من رجال الشرطة المدنية وهذه هي الأصول. هو (يبرر وجود المسلحين) يقول إن أمنه مهدد.. وقلنا له إن الأمن الفلسطيني هو الذي يوفر الحراسة للمسؤولين وهو المسؤول عن حماية المواطن والمسؤول. والقانون يعطيك حق طلب الحماية».

وقال أبو علي شاهين: «اتصلوا بي وقالوا لي إن قوة أمنية تقتحم منزل دحلان وتوجهت على الفور إلى المنزل وشاهدت بأم عيني رجال الأمن وهم يعيثون خرابا في المنزل». وأضاف: «فوجئت بالمنظر الذي رأيته.. لقد استولوا على (لاب توب) لابن المرأة التي تعيش في المنزل عند غياب دحلان». وتابع أبو علي شاهين القول: «أنا أستطيع أن أعي أن هناك نظاما سياسيا ديكتاتوريا ولكن لا أعرف عن نظام سياسي قائم على البلطجة». وأعرب أبو علي عن استنكاره لاعتقال رئيس حراس دحلان أبو خالد شنب في منطقة أريحا. وقال: «إن رجال الشرطة اعتقلته بطريقة مهينة وهمجية وبربرية رغم أنه رجل عسكري برتبة عميد. لقد اعتدوا عليه أمام الجنود الإسرائيليين، رغم محاولاتي منعهم».

إلى ذلك، ردت المحكمة الحركية في وقت متأخر من أول من أمس الطعن المقدم من دحلان ضد قرار اللجنة المركزية للحركة بفصله من اللجنة ومن فتح وأكدت المحكمة القرار وصلاحية المركزية لاتخاذ مثل هذه القرارات ومنحته مهلة أسبوعين لتقديم التماس لرئيس الحركة بموافقته على الامتثال للتحقيق في القضايا الموجهة إليه. وجاء قرار المحكمة بعد يومين من المداولات. وأوضح ممثل اللجنة المركزية أمام المحكمة الحركية جمال محيسن أن قرار المحكمة تضمن رد الطعن المقدم من دحلان لعدم استناده للنظام الداخلي، والتأكيد على قانونية القرار المتخذ في اللجنة المركزية بفصله. وأضاف أن قرار المحكمة أعطى فرصة أخيرة لمحمد دحلان بأن يتقدم بالتماس لرئيس الحركة بجاهزيته للامتثال أمام لجنة التحقيق التي تشكلها اللجنة المركزية خلال أسبوعين من تاريخ القرار وإلا يصبح القرار نافذا قطعيا، ويعود الأمر للجنة المركزية لاتخاذ القرار المناسب بهذا الخصوص.

وقال رئيس المحكمة الحركية المحامي علي مهنا في مؤتمر صحافي إنه «في ضوء تضارب ما نشرته بعض وسائل الإعلام المختلفة، نؤكد أن قرار المحكمة الحركية واضح ولا لبس فيه، وهو ناطق بما فيه. وبالتالي فإن المحكمة ليست مسؤولة عن الإرباك والتناقض في الساحة الإعلامية، ووضعا للنقاط على الحروف، ولوضع حد للتقولات والتأويلات، فإننا ننشر منطوق القرار»:

«بالتدقيق، وبعد اطلاع المحكمة الحركية على لائحة الطعن ومرفقاتها وبينات الطاعن، واللائحة الجوابية ومرفقاتها وشهادة الشاهد أمين سر اللجنة المركزية. وبعد الاستماع لأقوال طرفي الطعن ودفوعهم، وبعد المداولة، وتأسيسا على كل ما تقدم.. وبدلالة المادة (94) من النظام الداخلي للحركة، التي نصت على أن هدف العقوبة في الحركة هو: أولا - تعزيز السلوك الإيجابي وتطوير الأعضاء. ثانيا - حماية الحركة وسلامة مسيرتها والقضاء على الانحراف. وانطلاقا من قواعد العدالة وأهمية توفير ضمانات المحاكمة العادلة، فإن المحكمة الحركية وبصفتها محكمة طعن قد ختمت المحاكمة بالقرار التالي:

1 - الطعن من حيث الموضوع سابق لأوانه، كون الطاعن لم يستنفد طريق الطعن الابتدائي المشرع أمامه، والمتمثل في الطلب من الجهة مصدرة القرار – رئيس الحركة واللجنة المركزية – إعادة و/أو استكمال الإجراءات الأصولية في مواجهته وحضوره من قبل اللجنة المركزية أو اأية لجنة تحقيق شكلت أو تشكل لهذه الغاية وفقا للمادة (99) من النظام الداخلي لحركة فتح، من آخر إجراء تم في مواجهته.

وبالتالي تعيد المحكمة ملف الطعن إلى الجهة مصدرة القرار – رئيس الحركة واللجنة المركزية - لاتخاذ الإجراءات اللازمة فيه حسب الأصول.

2- وعليه، يتوجب على الطاعن وخلال أسبوعين من تاريخ صدور هذا القرار، تقديم طلب للجهة مصدرة القرار (رئيس الحركة واللجنة المركزية) مباشرة أو من خلال أمين سر اللجنة المركزية، يؤكد فيه استعداده للمثول أمامها أو أمام من تكلفه أصوليا وفقا للمادة (99) من النظام لاستيفاء الإجراءات الأصولية، بما في ذلك مواجهته حضوريا بالمخالفات المنسوبة إليه، وتمكينه من الدفاع عن نفسه وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة له، وبعكس ذلك، فإن القرار موضوع الطعن، يكتسب الدرجة القطعية ويكون واجب النفاذ».