أسئلة بلا إجابات بعد أسبوع على مذبحة النرويج

منفذ الاعتداءين قال بعد توقيفه «لقد انتهيت».. والتحقيق يركز على شركائه المحتملين

عمال يزيلون آثار اعتداء النرويج من أمام المقار الحكومية في وسط العاصمة أوسلو أمس (أ.ب)
TT

تعتزم الشرطة النرويجية التحقيق مجددا اليوم مع أندرس بيرينغ برييفيك منفذ المجزرة التي شهدتها البلاد يوم الجمعة الماضي، وذلك بعد أن تلقت خلال الأيام الماضية «الكثير» من المعلومات الجديدة المتعلقة بالهجمات التي أودت بحياة 76 شخصا. وقال مسؤول بارز في الشرطة إن هذه ستكون ثاني جلسة تحقيق مع برييفيك، 32 عاما، بعد الجلسة التي جرت السبت في وسط أوسلو وإطلاق النار في جزيرة أوتويا.

كما أعلنت الشرطة أنها أنهت عملية البحث عن مفقودين في أوتويا والتي استمرت ستة أيام. وصرح يوهان فريدريكسين مسؤول الشرطة البارز في أوسلو في مؤتمر صحافي: «أستطيع أن أؤكد أن البحث في أوتويا قد انتهى»، بعد يوم من تقرير للتلفزيون بأن شخصا واحدا فقط لا يزال مفقودا. إلا أن الشرطة لم تكشف عن أية معلومات جديدة حول وضع المفقودين في موقع تفجير وسط أوسلو الذي قتل فيه ثمانية أشخاص.

في غضون ذلك، يواجه المحققون صعوبة في فهم شخصية برييفيك الذي اعترف بارتكابه المجزرة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن يان كريستيانسن مديرة الجهاز الأمني التابع للشرطة النرويجية قولها إن برييفيك شخص «شرير للغاية، ويخطط بدقة وبارد جدا وذكي جدا». وأضافت أنه «أعد لهذا الأمر منذ زمن طويل»، و«أعتقد أنه ليس لديه شركاء على الأرجح، وبالتالي لديه السيطرة الكاملة، لديه التحكم بالوضع، لأنه الوحيد الذي يمكنه أن يقول لنا ما نفعله وليس لدينا مصادر». وأشارت إلى أن الشرطة لا تزال تسعى إلى معرفة ما إذا كان هناك شركاء عدة أو قنابل أخرى، وهذا الأمر يشكل «الأولوية» في الوقت الحاضر. وقالت أيضا «ليس لدينا أي مؤشر على أنه لا يتواصل إلا مع نفسه. هو يعيش حياة موازية: الناس من حوله يعتقدون أنه شخص طبيعي، لكن في أعماق داخله هو شخص مختلف بالكامل. هو شرير للغاية».

من ناحية أخرى، نقلت صحيفة «فردنس غانغ» (في غي) النرويجية أمس استنادا إلى مصادر لم تكشفها، أن أول عبارة تلفظ بها برييفيك عندما اعتقلته الشرطة إثر المجزرة، كانت «لقد انتهيت الآن»، ثم راح بعدها يثرثر، دون أن تحدد الصحيفة ما ذكره بالضبط.

وروت شرطة المقاطعة التي تقع فيها أوتويا أن اعتقال برييفيك تم بدون مقاومة. وأوضح هافارد غاسباك، الذي قاد الكوماندوز، أنه بعد قليل من وصوله إلى الجزيرة والاقتراب من منطقة إطلاق النار صاح فريق التدخل «شرطة، نحن مسلحون». وتقدم حينها برييفيك من منطقة أشجار «رافعا يديه» وقد ألقى سلاحه وراءه بنحو 15 مترا. وكانت الساعة حينها تشير إلى 18.27، كما أفاد محضر الشرطة، بعد ساعة ودقيقة من الاستنفار الأول الذي تلقاه الشرطيون المحليون ونحو ثمانين دقيقة بعد بداية إطلاق الرصاص، حسبما ذكرت تقارير إعلامية نرويجية. وأثار طول الوقت اللازم لإنهاء المجزرة انتقادات، لا سيما من الناجين، وعندما اندلع إطلاق النار كانت الشرطة وأجهزة الإغاثة تركز على الحي الحكومي في أوسلو الذي اجتاحه انفجار سيارة مفخخة في الساعة 15.30. وجاء في محضر الشرطة، أن عملية أوتويا تعرقلت بسبب عدم توفر مروحية مناسبة لديها ولأن الزورق الذي استعمله رجال الشرطة تعرض إلى عطل. لكن الشرطة قالت إن ذلك التعطيل مكنها من ربح الوقت لأن الفريق انقسم إلى قسمين وصعد إلى زورقين مدنيين أسرع من زورقهما.

وبعد أسبوع على تنفيذه المجزرة، لا تزال هناك عدة أسئلة تحيط ببرييفيك، خصوصا حول سبب حمله جهازا لا سلكيا بحسب بعض الشهود، واحتمال وجود خلايا متورطة. ورغم أن برييفيك اعترف بارتكابه المجزرة وقال إنه تحرك بمفرده، فإن الشرطة النرويجية ما زالت تبحث عن شريك محتمل في النرويج واحتمال وجود تشعبات للجريمة في الخارج. وصرح الناطق باسم شرطة أوسلو هينينغ هولتاس أمس «قلنا دائما إنه ليس مستبعدا أن يكون هناك شركاء آخرون متواطئون ونحن نحقق في هذا الصدد». لكنه أضاف أن «نظرية التواطؤ المحتمل تتقلص مع الوقت»، مؤكدا «عدم العثور عن أي دليل يثبت ذلك» في مكان الكارثة.

وانتحل برييفيك صفة شرطي لتنفيذ اعتداء أوتويا، التي تبعد نحو أربعين كلم من أوسلو، وأفاد شهود أنه كان يحمل جهاز «توكي ووكي» للاتصالات اللاسلكية، وذلك ربما يكون لإثبات شخصية الشرطي التي انتحلها، لكن ربما أيضا يكون لاستخدامه في التواصل مع متواطئين. وقال أحد الناجين ويدعى غرانلي كالست، 15 سنة «تقدم نحونا وكان يرتدي بزة شرطي ولديه كل المستلزمات كجهاز توكي ووكي وأسلحة وكل شيء».

لكن المحققين يرفضون التحدث عن جهاز الاتصال. وأكد محاميه غير ليبستاد أن موكله - الذي يقول إنه يخوض حربا صليبية «لإنقاذ النرويج وأوروبا التي تواجه خصوصا اجتياحا إسلاميا» - تحدث عن منظمة تشمل «خليتين أخريين في النرويج» و«عدة خلايا في الخارج». وقالت جاين كريستيانسن مديرة جهاز أمن الشرطة «حتى الآن ليس لدينا أي معلومة أو دليل يثبت أن لديه شركاء أو أية خلايا في أوروبا». وأضافت أن أجهزتها تعمل «بتعاون وثيق» مع نظيراتها في «أوروبا والولايات المتحدة وغيرها».

وكان مقررا أن يعقد خبراء الاتحاد الأوروبي في الإرهاب اجتماعا طارئا أمس في بروكسل مع نظرائهم النرويجيين لتحليل ما لدى الاتحاد الأوروبي من وسائل لتفادي مثل هذه الهجمات. ويشارك في الاجتماع ممثلون عن هيئة الشرطة الأوروبية (يوروبول) ومنسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل كرتشوف وخبراء من الدول الأعضاء. وأفاد مصدر دبلوماسي مسبقا أن الاجتماع «سيكون خصوصا لتبادل المعلومات مع النرويجيين ولا نتوقع منه قرارات». وكان رئيس الوزراء النرويجي ينس ستولتنبرغ أعلن أول من أمس تشكيل «لجنة 22 يوليو» لدراسة أسباب الاعتداءين اللذين وقعا في ذلك التاريخ والعمل على تفادي تكرارهما. ووعد ستولتنبرغ أيضا بدراسة عميقة للإجراءات الأمنية ردا على انتقادات تناولت الطريقة التي ردت بها الشرطة على الهجومين، لا سيما ما تردد عن بطء في السيطرة على مطلق النار.

من جانبه أعرب قائد فريق التدخل، الذي اعتقل مطلق النار في جزيرة أوتويا، عن «افتخاره» بما أنجزه رجاله. وسيخضع برييفيك، الذي أودع قيد الاعتقال الاحتياطي لثمانية أسابيع قابلة للتجديد، إلى فحوصات نفسية. وكان قد بث قبل المجزرة بقليل على الإنترنت بيانا من 1500 صفحة يتضمن هجمات كثيرة على الإسلام والماركسية. وتدرس السلطات التي تواجه أبشع جريمة على أراضيها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إمكانية ملاحقته بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» التي تبلغ عقوبتها القصوى 30 عاما بدلا من عقوبة الإرهاب وهي 21 عاما.