عبد الفتاح يونس.. من رفيق درب القذافي إلى عدوه اللدود

شارك في انقلاب 1969.. ولكنه بقي «محل تشكيك»

TT

«أنا جندي مخلص لثورة الشعب الليبي ضد القذافي».. هكذا نطق اللواء عبد الفتاح يونس العبيدي، رئيس أركان جيش التحرير الوطني الليبي، بعدما أعلن انفصاله عن نظام العقيد معمر القذافي والانضمام إلى الثورة الليبية في 21 فبراير (شباط) 2011، قبل اغتياله أول من أمس في ظروف غامضة.

وشيعت أمس جنازة يونس بعد أن أعلن المجلس الانتقالي الليبي المناوئ لحكم القذافي، أنه تعرض لهجوم من قبل بعض المسلحين أسفر عن مقتله بالرصاص، عندما كان متوجها إلى مدينة بنغازي (معقل الثوار)، للمثول أمام لجنة قضائية تنظر في العمليات العسكرية دون الإفصاح عن تفاصيلها.

ويعد يونس، الذي ولد في منطقة الجبل الأخضر الليبية عام (1944)، وينتمي بالأصل إلى قبيلة «العبيدات» إحدى أكبر القبائل في ليبيا، من أبرز القادة العسكريين في ليبيا.

التحق يونس خلال شبابه بـ«حركة الضباط الوحدويين الأحرار»، التي نجحت في الإعداد للانقلاب العسكري الذي أطاح بالملك إدريس عام 1969. وكان له دور في قيادة ذلك الانقلاب، حينما تولى مهمة اقتحام «محطة إذاعة بنغازي» الرئيسية في 1 سبتمبر (أيلول) عام 1969، وكان يبلغ آنذاك 25 عاما.

وإثر تولي القذافي مقاليد الحكم في ليبيا عام 1969، تولى يونس قيادة القوات الخاصة، وأصبح يونس من أقرب مستشاري القذافي لمدة أربعة عقود، حيث أسند له عددا من المهام العسكرية والسياسية المختلفة. أبرزها مسؤولية التفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول ملفي الهجرة واللاجئين الأفارقة.

شارك يونس في الحربين اللتين شنهما القذافي على نظام حسين حبري في دولة تشاد أوائل وأواخر ثمانينات القرن العشرين.

ويتهم يونس بالمشاركة مع نظام القذافي في عدة عمليات اغتيال ضد معارضين سياسيين، أبرزها مقتل 1270 سجينا سياسيا أعزل في سجن أبو سليم. وإخماد مظاهرات بنغازي عام 2006 والتي راح ضحيتها 12 من المواطنين. ويعرف بشخصيته القيادية العسكرية الصارمة، الأمر الذي أهله لتولي منصب وزير الداخلية عام 2009.

وفي ضربة موجعة لنظام القذافي، أعلن يونس رسميا استقالته من منصبه كوزير للداخلية وجميع مناصبه في الدولة في 21 فبراير (شباط) 2011 ردا على ما قال إنه «قمع القذافي للثورة الليبية»، ليصبح بذلك العدو اللدود لنظام العقيد.

وكان القذافي قد أعلن وفاة يونس في خطاب ألقاه في نفس اليوم الذي استقال فيه الأخير من منصبه، وقال القذافي عن وزير الداخلية المستقيل «إنه كان قائدا إلى جانبه لمسيرة ليبيا على مدى سنوات طويلة». لكن يونس ظهر على الفور في شريط فيديو متلفز نفى فيه صحة هذه الأنباء وقال: «إنه قرر الالتحاق بثورة الشعب الليبي والوقوف إلى جانبه في مطالبه من أجل الحرية والكرامة». ودعا «القوات المسلحة الليبية للانضمام والاستجابة لمطالب الشعب الليبي». وفور انشقاقه عين قائدا لقوات المعارضة الليبية في أبريل (نيسان) 2011 لكنه تعرض لتشكيك من بعض الأوساط في ولائه لها بسبب صلاته السابقة بالقذافي. كما تعرض للعديد من محاولات الاغتيال، إحداها في 22 فبراير (شباط)، عندما أطلق عليه مسلح النار بشكل مفاجئ، لكنها أصابت معاونا له كان يَقف بجواره، كما أصدرت كتائب القذافي أوامر لبعض الطائرات بقصف مقر اللواء لكنها لم تأت بشيء.

وأسهم يونس بعد انضمامه للثوار في إعادة تنظيم صفوفهم، وتدريب وقيادة معارك الثوار وتحقيق العديد من الانتصارات على كتائب القذافي. وأسهمت انتقاداته لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في زيادة وتيرة الحلف هجماته ضد كتائب القذافي.

وتمكن يونس خلال قيادته للثوار من السيطرة على معظم المدن في المنطقة الشرقية للبلاد أبرزها (البيضا، درنه، بنغازي، البريقة) وصولا إلى راس لانوف، وفي المنطقة الغربية للبلاد تمكن الثوار من السيطرة على الغزايا وزليتن وغريان وغيرها من المدن المحررة.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»