مليونية «وحدة الصف»: توافق إسلامي.. وثوار التحرير وعدوا بفض الاعتصام

خطيب التحرير: الميدان ملك لكل الشعب.. والقرضاوي طالب بالبعد عن التخوين

متظاهرون سلفيون يرفعون لافتة «لا شيء فوق الدستور إلا الكتاب والسنة» في مليونية ميدان التحرير أمس (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

عاد ثوار 25 يناير بمليونية جديدة في ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية، أمس، في المظاهرة التي دعا إليها التيار الإسلامي، للمطالبة برفض المبادئ فوق الدستورية، وسرعة تطهير كل أجهزة الدولة، والقصاص من قتلة الثوار، وإلغاء المحاكمات العسكرية. واحتشد في الميدان أكثر من مليون متظاهر من التيارات الإسلامية، في مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي والجماعة الإسلامية وائتلاف شباب الثورة ومختلف الحركات والأحزاب والمواطنين الذين لا ينتمون إلى أي تيارات سياسية للمشاركة في جمعة «الإرادة الشعبية ووحدة الصف».

ورغم حرارة الجو الشديدة توافد آلاف المصريين على التحرير منذ الساعات الأولى من يوم أمس ليلتحموا بآلاف من المعتصمين الذين باتوا ليلة الخميس بالميدان في الإعداد والتجهيز لمليونية الجمعة، ما بين نصب المظلة الكبيرة في وسط الميدان، أو إعداد المنصة الرئيسية، إلى جانب تكوين لجان شعبية لتأمين أرجاء الميدان والشوارع المحيطة. ورغم نية المشاركين في المظاهرة توحيد الهدف من المليونية وترك الخلاف جانبا، والتضامن من أجل حقوق شهداء الثورة، ومحاكمة مبارك علنيا، فإن 33 حركة سياسية وائتلافا أعلنوا الانسحاب من المليونية؛ احتجاجا على عدم التزام القوى الإسلامية بالاتفاق على توحيد الهتاف والمطالب، وذلك بترديدهم لهتافات وتعليق لافتات تستهدف النقاط الخلافية بين القوى المدنية والإسلامية.

ومن جانبه وصف محمد ماهر، عضو ائتلاف شباب الثورة، المنسحبين من المليونية بأنهم أعداد قليلة وغير معبرين عن جميع المتظاهرين، لافتا إلى أن المظاهرة هدفها الأساسي هو «التأكيد على الهوية الإسلامية»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: إن «جميع القوى المعتصمة في الميدان منذ 8 يوليو (تموز) الماضي أعلنت تعليق اعتصامها والانسحاب من ميدان التحرير عقب انتهاء فعاليات المليونية». وأضاف أن المتظاهرين قاموا بتوصيل الرسالة للمجلس العسكري الذي يتولي إدارة شؤون مصر منذ 11 فبراير (شباط) الماضي.

وبلغ عدد المنصات بالميدان 7 منصات، حيث رفع المتظاهرون أمامها المصاحف واللافتات التي تنادى بتصحيح المفاهيم المغلوطة وإحياء التراث الإسلامي ونبذ الدولة المدنية والعفو العام عن كل المساجين السياسيين، حيث استحوذت الدعوة السلفية على حيز كبير من الميدان.

وأكد ناصر قاسم، أحد المنتمين إلى التيار السلفي، على أن مطلب التيار الرئيسي وهو رفض المبادئ فوق الدستورية والدعوة لإجراء الانتخابات التشريعية أولا ثم الدستور، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك توافق من التيارات الإسلامية حول مطالب ثوار التحرير، التي تركز على حق الشهداء والقصاص لهم».

إلى ذلك قامت اللجان الشعبية المكلفة بتأمين الميدان، وخصصت وزارة الصحة 40 سيارة إسعاف و8 عيادات متنقلة، بينما أصيب 264 متظاهر بحالات إغماء بسبب ارتفاع درجات الحرارة والتزاحم الشديد بالميدان، وقامت سيارات الإسعاف بنقلهم إلى مستشفيات قريبة لإسعافهم.

وقال داود حسن، عضو اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة، لـ«الشرق الأوسط»: «نطالب بحسم المطالب المشروعة للثورة، واتخاذ قرارات حاسمة لتنفيذها بعد مرور ثلاثة أسابيع على اعتصام 8 يوليو الماضي»، وأضاف: «ليس مطلوبا أن تتحقق تلك المطالب اليوم أو غدا، بل بجدول زمني محدد»، مشيرا إلى أن الشعب لا يريد أن يلتف أحد على إرادته. وفي خطبته بالميدان أكد مظهر شاهين خطيب وإمام التحرير على أن مصر ذات هوية إسلامية، «والمسيحيون شركاؤنا في هذا الوطن، لأن المادة الثانية من الدستور بمثابة جبل، ولا يستطيع أحد زحزحتها». وقال إن «ميدان التحرير ملك لجميع الشعب وكل أطيافه، والجيش المصري قادر على تحقيق المعجزات، وهو الذي يحمي الثورة المصرية حتى النهاية».

وطالب الدكتور يوسف القرضاوي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مختلف القوى والحركات والأحزاب السياسية في مصر بالوحدة والبعد عن التخوين، وطالب في كلمة ألقاها نيابة عنه الشيخ عصام خليل بالإسراع في تحقيق أهداف الثورة التي حماها المجلس العسكري منذ مولدها وفق خطة زمنية محددة، وصرف مستحقات الشهداء وتقديم كل أوجه الرعاية الصحية للمصابين، والإسراع في المحاكمات وملاحقة المفسدين. وعاد الداعية الإسلامي الدكتور صفوت حجازي إلى الميدان مرة أخرى، بعد اعتداء عدد من المعتصمين عليه قبل نحو أسبوع، ليعتلي المنصة الرئيسية، قائلا: «هذه هي إرادة المصريين، وهذا الجمع خير معبر عن وحدتهم وإرادتهم الحقيقية». وأضاف حجازي أن «مطلب الشعب الرئيسي هو الاحتكام للشريعة الإسلامية»، وأعلن حجازي أن اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة حددت الجمعة المقبل 5 رمضان يوما للإفطار الجماعي وصلاة التراويح بميدان التحرير.

ومن جانبه قال أحمد عبد الجواد، عضو ائتلاف شباب الثورة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المظاهرة شهدت عودة الوفاق الوطني بين كل القوى السياسية». كما ألقى القمص هاني عزيز حنا، واعظ الثورة القبطي، كلمة قال فيها: «نحن أبناء الثقافة الإسلامية، والإسلام الدين الأساسي في قلب وضمير كل مصري، ونحن جميعا نحيا بحب الله والله يحبنا جميعا»، مؤكدا على أن شعب مصر بمسلميه وأقباطه سيظلون يدا واحدة ولن ينجح أحد في التفريق أو دس نار الفتنة بينهما.

وشهدت محافظات مصر مسيرات ومظاهرات للتأكيد على المشاركة في مليونية «وحدة الصف»، ففي الإسكندرية شهد ميدان القائد إبراهيم مشاركة الآلاف في جمعة «وحدة الصف»، وقام الشيخ أحمد المحلاوي بإلقاء خطبة الجمعة التي حث فيها على وحدة الصف ونبذ الفرقة بين المصريين. وقال الدكتور حمدي حسن النائب البرلماني السابق عن جماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركين في مظاهرة أمس توحدت مطالبهم حول رفض ما يسمى بالمبادئ فوق الدستورية التي نوه بها المجلس العسكري، مطالبا بسرعة تطهير كل أجهزة الدولة من الفساد. وفي السويس تظاهر الآلاف وسط المدينة حاملين لافتات تطالب بضرورة القصاص من قتلة الشهداء وتطبيق الشريعة الإسلامية، كما شهدت المساجد دعوات مكثفة من أئمة المساجد للمجلس العسكري بالتوفيق على قراراته، وشددوا على أن الخروج عليه خروج على الشرعية.

وفى محافظات صعيد مصر خرجت القوى السياسية في مظاهرات حاشدة عقب صلاة المغرب، أمس، للتأكيد على المشاركة في المليونية، نظرا لشدة حرارة الجو.