ازدياد الجدل والغموض حول تأمين محاكمة مبارك ومكانها

أنباء عن عقدها في «أكاديمية الشرطة» بالقاهرة الجديدة بدلا من أرض المعارض

حسني مبارك
TT

مع اقتراب الثالث من أغسطس (آب) المقبل، وهو الموعد المحدد لمحاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من معاونيه في قضية قتل المتظاهرين، يزداد الجدل حول هوية المكان الذي سيشهد عقد المحاكمة.. وبعد إعلان وزارة العدل أن تلك المحاكمة ستتم في أرض المعارض، عاد الغموض ليلف بالمقر مجددا وبخاصة في ظل تشكك بعض المراقبين في إمكانية عقدها بأرض المعارض لأسباب أمنية. وكان المستشار عبد العزيز الجندي، وزير العدل المصري، قد أعلن أن محاكمة مبارك ستعقد في أرض المعارض بمدينة نصر (شرق القاهرة)، وتبارت الصحف المصرية في نشر استعدادات أرض المعارض لتجهيز مقر المحاكمة بصالة الاستثمار ومنها أن قفصا حديديا بمواصفات خاصة يتم تصميمه لمبارك. ثم أفادت مصادر أمنية مطلعة بوزارة الداخلية المصرية أمس أن هناك أنباء تتردد أن محاكمة مبارك وبقية المتهمين في قضية قتل المتظاهرين قد تتم في أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، وأوضحت المصادر الأمنية لـ«الشرق الأوسط» أن قرار نقل المحاكمة إلى أكاديمية الشرطة يرجع بسبب ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات التأمينية لضمان عدم حدوث أي حالات تعد على المتهمين، خاصة أن الأكاديمية تقع بعيدا عن قلب القاهرة وخارج التجمعات السكانية المزدحمة، وهي تمتد على مساحة أكثر من 100 فدان ومؤمنة بشكل كامل. ويعتقد مراقبون أن الإعلان عن مكان محاكمة مبارك قبل وقت قصير جدا من عقدها ما هو إلا محاولة للتمويه على المكان الحقيقي للمحاكمة التي تشغل الرأي العام المصري بين رافض ومرحب، وذلك بغرض فرض مزيد من الاحتياطات الأمنية لتأمين المتهمين بشكل أكبر.. إلا أن آخرين يرون أن ثمة ارتباكا واضحا تتعرض له الجهات المسؤولة في مصر فيما يتعلق بتلك المحاكمة. ويعتقد اللواء محمد قدري سعيد، مستشار الشؤون العسكرية والتكنولوجية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تأمين محاكمة مبارك أمر صعب ومعقد، حيث قال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حالة كبيرة من الارتباك، وأعتقد أنه تجري دراسة عدة سيناريوهات لتأمين المحاكمة». واستبعد قدري أن يكون اختيار أرض المعارض مجرد تمويه عن المكان الحقيقي الذي ستجري فيه المحاكمة، حيث قال: «من الصعب التصديق بفكرة التمويه، فالمحاكمة ستستمر لفترة طويلة، ولو حدث التمويه مرة لن يحدث كل مرة، وبالتالي فلا قيمة للتمويه». ويتصور قدري أن يتم نقل مبارك والمتهمين بطائرات عسكرية لصعوبة نقلهم على الأرض من الناحية الأمنية، ولكنه تابع قائلا: «يبدو لي أنه سيتم حبس المتهمين في أرض المعارض طيلة فترة المحاكمة، فعملية نقلهم يوميا ستكون عبئا ثقيلا جدا على الأمن المصري».. وبالنسبة لمبارك قال قدري: «أعتقد سيتم توفير مكان مناسب لاحتجازه بالقرب من أرض المعارض». ولا يرى قدري بدا من وجود عدد كبير من الحضور في جلسة المحاكمة، مفسرا ذلك بالإعلان عن وجود شاشات تنقل المحاكمة.. كما أضاف «من الصعب أمنيا فتح الباب على مصراعيه لحضور الناس، ستكون هناك كشوف معدة مسبقا للحضور».

واستبعد قدري فرضية وجود شغب أو اعتداءات قائلا: «أعتقد أن ذلك أمر مستبعد، كما أن الأمن لن يسمح بذلك برأيي».

من جهته، أوضح المستشار محمود الخضيري، النائب السابق لرئيس محكمة النقض المصرية، أن اختيار مكان المحاكمة يرجع أساسا لوزير العدل بالتشاور مع رئيس المحكمة، لكنه استدرك قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون للأمن دور في تحديد المكان لأسباب تتعلق بالتأمين وسلامة القضاة والمتهمين». وأرجع الخضيري السبب في تأخير إعلان مكان انعقاد المحاكمة لصعوبة وجود مكان مناسب، حيث قال: «قاعات المحاكم التقليدية في القاهرة ضيقة وغير متسعة لمثل ذلك العدد من الحضور». وحول حضور مبارك لجلسات المحاكمة، أكد الخضيري أن حضور مبارك للمحاكمة وجوبي.. ولكنه أضاف: «يمكن للمتهم تقدير عذر طبي يعفيه من حضور محاكمته، ولكن يجب على المحكمة حينها الموافقة».

المثير أن اختيار أرض المعارض مقرا للمحاكمة أثار حفيظة القائمين عليها فانطلقت تصريحاتهم تنفي علاقتهم بالمحاكمة، حيث أكد أسامة صالح، رئيس هيئة الاستثمار والمناطق الحرة، إن القاعة التي سيتم فيها إجراء المحاكمة لا تتبع هيئة الاستثمار، وهي تابعة لأرض المعارض بمدينة نصر. كما أعرب صالح عن أمله في ألا يتم الربط بين تلك المحاكمة وبين قطاع الاستثمار في مصر بصفة عامة وهيئة الاستثمار بصفه خاصة.

من جهة أخرى، نفى شريف سالم رئيس هيئة المعارض ما تردد بشأن رفض الهيئة إجراء المحاكمة في القاعة التابعة للهيئة. وقال سالم: «الهيئة تقوم بتأجير قاعاتها وفقا للشروط المتفق عليها وقامت وزارة العدل بالفعل بطلب تأجير القاعة التي ستجري فيها المحاكمة يوم الأربعاء المقبل».

وتابع سالم أن الجهات الأمنية أصبحت هي المسؤولة اعتبارا من الآن عن تأمين المكان، ولم يعد لهيئة المعارض أي سلطة عليها، حيث تم تأجيره لوزارة العدل طوال فترة المحاكمة.

جدير بالذكر أن أرض هيئة المعارض تضم أكثر من 15 صالة عرض من بينها صالة شهيرة شهدت العديد من المحاكمات منذ عام 1981 واستغلتها وزارة العدل كقاعة محاكمات حتى عام 1995 حيث استردتها الهيئة مرة أخرى، أما القاعة التي ستشهد محاكمة مبارك فهي عبارة عن القاعة التي كانت مخصصة لعرض منتجات شركات الاستثمار وهي مقامة على مساحة 2500 متر مربع.