اليمن: مئات الآلاف يتظاهرون للمطالبة برحيل «بقية أركان النظام»

أنصار الرئيس صالح يحيون ما سميت «جمعة الإخلاص» في صنعاء

متظاهرون يمنيون يرددون هتافات ضد الحكومة اليمنية خلال مظاهرة، في صنعاء أمس، تطالب برحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)
TT

خرجت أمس، مظاهرات جديدة في المحافظات والمدن اليمنية بين معارضة للنظام ومؤيدة له، في وقت استمرت التطورات الأمنية على مختلف الصعد، كما تستمر معاناة المواطنين اليمنيين جراء انعدام المشتقات النفطية من الأسواق.

واحتشد مئات الآلاف من اليمنيين في معظم المحافظات للمطالبة بحسم ثوري وبرحيل «بقية أركان النظام» من السلطة، حيث لبى المتظاهرون دعوة شباب الثورة للتظاهر في ما أطلق عليها «جمعة الصبر والرباط»، وكانت أبرز الحشود في شارع الستين بمدينة صنعاء وفي مدينة تعز.

ومع تعثر المساعي السياسية التي تبذلها الأطراف الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد آخر من الدول بصورة فردية أو جماعية، تحاول المعارضة اليمنية إعادة الزخم إلى الثورة الشبابية بالدعوة لحشود ضخمة لإثبات وجود مؤيدين كثر لها.

وتتضارب الأنباء بشأن موافقة أطراف الأزمة اليمنية على اتفاقات معينة بشأن نقل السلطة، لكن تصريحات بعض المسؤولين اليمنيين تنسف مثل هذه الأنباء، وآخر هذه التصريحات ما جاء على لسان الدكتور أبو بكر القربي، وزير الخارجية اليمنية، الذي أكد أن الرئيس صالح لن يتخلى عن السلطة إلا عبر صناديق الاقتراع.

ويبدو أن هناك نوعا من الإصرار لدى المحتجين على رحيل بقية أركان نظام الرئيس صالح عن الحكم، حيث يمسك نجله العميد أحمد علي عبد الله صالح بالحرس الجمهوري والقوات الخاصة، بينما يسمك نجل شقيقه، العقيد طارق محمد عبد الله صالح بالحرس الرئاسي الخاص، وشقيق الأخير عمار بالأمن القومي (المخابرات)، في حين يمسك العقيد يحيى محمد عبد الله صالح بقوات الأمن المركزي، كما يمسك اللواء محمد صالح الأحمر، شقيق صالح بالقوات الجوية، ويبسط عدد من أنجال أشقائه وأقربائه وأنسابه، السيطرة على عدد من المؤسسات الأمنية والعسكرية والإيرادية العامة.

وفي صنعاء وتحديدا بميدان السبعين، أحيا أنصار صالح ما سميت «جمعة الإخلاص »، حيث تجمع الآلاف هناك وهم يهتفون بالإخلاص للرئيس علي عبد الله صالح والوطن، كما وصفوا، في حين يعتقد المراقبون أن نسبة المؤيدين لصالح محدودة وتتضاءل كل أسبوع، بسبب اعتماد تلك الحشود على الدعم المالي الذي يقدم لها للمشاركة في المظاهرات المؤيدة.

ووفقا للمصادر الحكومية، فقد «أكدت الحشود رفضها أي محاولات للانقلاب على الشرعية الدستورية أو أي مشاريع تآمرية للانزلاق بالوطن نحو الفتن والشقاق والتشرذم».

وتتواصل المواجهات بين قوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح ورجال القبائل المؤيدين للثورة في أرحب ونهم بشمال صنعاء، وفي تعز بجنوب البلاد، وسقط خلال هذه المواجهات عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.

واتهم مصدر أمني بمحافظة تعز من وصفها بـ«الميليشيات التابعة لأحزاب اللقاء المشترك» بقيادة صادق علي سرحان المخلافي، وهو ضابط كبير انضم للثورة مؤخرا، بالقيام بنصب كمين لسيارة نقل الوجبات الغذائية لرجال الأمن في جول المسبح بمدينة تعز.

وأضاف المصدر أن «هذه الميليشيات المسلحة باشرت الجنود بإطلاق النار، مما أدى إلى استشهاد جندي وإصابة ثلاثة آخرين ومدنيين، إصابة بعضهم خطرة».

على صعيد آخر، خرجت مظاهرة نسوية حاشدة في مدينة الحديدة للتنديد بما سمي اعتداءات قوات الحرس الجمهوري وقوات الأمن على مناطق قبلية مؤيدة للثورة، كما نددت المظاهرة بحادث الاعتداء الذي استهدف ناشطات، قبل يومين، أمام السفارة الأميركية بصنعاء.

وكانت الداخلية اليمنية نفت «استخدام رجال الأمن العنف ضد المتظاهرات اللاتي تجمعن أمام مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء»، وعبر مصدر أمني يمني عن استغرابه لبيان بثته السفارة الأميركية، عقب الحادث، وحملت فيه المسؤولية لرجال الأمن اليمنيين المكلفين حراسة السفارة في الاعتداء على المتظاهرات.

وقال المصدر إن ما حدث هو «قيام أجهزة الأمن بمنع المتظاهرات اللاتي تجمعن أمام مبنى السفارة الأميركية في صنعاء دونما أي تصريح أو بلاغ مسبق حول طبيعة المظاهرة أو منظميها أو انتماءاتهن - من اختراق الحاجز الأمني للسفارة».

واعتبر ما اتخذه رجال الأمن بحق المتظاهرات إجراء «يأتي حرصا على أمن وسلامة السفارة من أي مندسين، خاصة أن استهداف السفارة والمصالح الأميركية في اليمن من قبل الإرهابيين يمثل أحد أكبر أهدافهم، في ظل توسع عمليات تنظيم القاعدة الذي تشهده عدد من المحافظات، وكان آخرها مقتل الخبير البريطاني في حادث تفجير سيارته في محافظة عدن».

وأضاف المصدر الأمني اليمني أن «حرص الجمهورية اليمنية على سلامة الإجراءات الأمنية في حماية الهيئات الدبلوماسية ومقراتها يأتي بالاتفاق معها، خاصة أن الأزمة الحالية التي تشهدها اليمن قد تستغل من قبل البعض لتنفيذ أنشطة إرهابية تحت مسميات مختلفة، ومنها محاولات التظاهر والاعتصام أمام مباني السفارات دون الحصول على ترخيص مسبق من قبل وزارة الداخلية أو السلطات الأمنية».

وتتواصل هذه الأزمة في اليمن منذ قرابة 6 أشهر دون أفق لنهايتها، في الوقت الذي يعيش اليمنيون أوضاعا أمنية ومعيشية غاية في الصعوبة، حيث تنعدم من الأسواق المشتقات النفطية وانعكاس ذلك على الوضع المعيشي عامة للمواطنين بسبب موجة الغلاء وانعدام المواد التموينية وبيعها بأضعاف أسعارها في «السوق السوداء».