مجلس إدارة «بي سكاي بي» يصوت لصالح جيمس مردوخ بالإجماع ويبقيه رئيسا لها

اللجنة البرلمانية قد تستدعيه ثانية للمثول أمامها.. وكاتب سيرة والده يتوقع أياما معدودة لسيطرة العائلة على «نيوز كورب»

جيمس مردوخ (أ.ف.ب)
TT

كيف سينظر جيمس، ابن إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، إلى حظه؟ أخبار مختلطة، سعيدة وأخرى سيئة. إذ قرر مجلس إدارة مؤسسة «بي سكاي بي» التلفزيونية البريطانية، التي يرأسها هو ويملك والده 39 في المائة من أسهمها، دعم بقائه في مركزه، على عكس ما كان متوقعا بسبب فضيحة التنصت، التي قد تنهي في نهاية المطاف سيطرة عائلة مردوخ على «نيوز كوربوريشن» المؤسسة المدرجة على بورصة نيويورك، كما صرح مايكل وولف كاتب سيرة والده الذاتية. وقال مجلس الإدارة بعد اجتماعه أمس «جرى بحث دور الرئيس مليا اليوم وحصل جيمس مردوخ في نهاية الاجتماع على الدعم بإجماع المجلس».

ومن الناحية الثانية وبسبب الإفادة التي قدمها أمام اللجنة البرلمانية قبل ثلاثة أسابيع تقريبا والتي نفى فيها علمه بأن التنصت مورس بشكل واسع داخل صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، وهذا ما ناقضه بيان أصدره قبل أيام بعض التنفيذيين الذين عملوا معه في الصحيفة المذكورة ومؤسسة «نيوز إنترناشيونال» الناشرة لها ولصحف أخرى تملكها عائلة مردوخ، فقد قررت اللجنة البرلمانية استدعاءه للمثول أمامها ثانية لمساءلته حول هذا التناقض. لكن جيمس مردوخ مصر على أنه كان يجهل ما كان يحدث من خروقات قام بها بعض الصحافيين والمحققين الخاصين في الصحيفة، وأنه متشبث بما قاله في إفادته السابقة.

وقالت اللجنة البرلمانية أمس إنها ستكتب إلى جيمس مردوخ لتطلب منه مزيدا من التوضيح حول الموضوع. «سوف نكتب له ليوضح أمورا مختلفا عليها في الإفادة»، قال رئيس اللجنة البرلمانية جون ويتينغديل. وكانت اللجنة قد أحالت الموضوع قبل أيام إلى جهاز الشرطة، الذي أكد ذلك، وقال إنه ينظر في الموضوع. وأضاف جون ويتينغديل أن اللجنة قررت قبل أيام عدم استدعائه مباشرة، لكنها قد تستدعيه في وقت لاحق.

وبعد أن قدم جيمس إفادته، قال محامي الصحيفة ومؤسسة «نيوز إنترناشيونال» توم كرون الذي استقال من منصبه بعد اندلاع الفضيحة، وكذلك كولن مايلر رئيس تحرير الصحيفة والذي أشرف عليها حتى تم إغلاقها بسبب الفضيحة يوم 10 يوليو (تموز) الحالي، إن جيمس لم يكن دقيقا في أقواله، وأصدرا بيانا بهذا الخصوص، خصوصا في ما يخص تسوية مالية مع غوردون تايلر إحدى الشخصيات التي تم التنصت عليها والذي كان يعمل في مؤسسة كرة القدم الإنجليزية. وقال جيمس أمام اللجنة إنه لم يكن يعلم بأن التسوية الضخمة مررت بسبب المعلومات حول التنصت.

وبخصوص لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، فقد حذر رئيس اللجنة اللورد بريان ليفيسون بأنه سيستخدم صلاحياته لإجبار الشهود على تقديم الأدلة «بالسرعة الممكنة». وكشفت صحيفة «ايفنينغ ستاندرد» أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون سيمثل أمامها. وقال القاضي ليفيسون، إن التحقيق سيبدأ بدراسة أخلاقيات الإعلام وقوانين الصحافة، حيث ستعقد أولى الجلسات في سبتمبر (أيلول) وفي أكتوبر (تشرين الأول). وحث القاضي رؤساء التحرير والصحافيين وملاك الهيئات الإعلامية في بريطانيا على «ألا يعمدوا إلى التغطية والقول إن المشكلة محصورة في فئة قليلة من الصحافيين الذين عملوا داخل (نيوز أو ذي وورلد)».

وصرحت مصادر في مقر رئاسة الوزراء قائلة إن ديفيد كاميرون «ليس لديه شيء يخفيه، وإنه سيجيب عن جميع الأسئلة الموجهة إليه بصراحة وشفافية كاملة». وقالت مصادر قريبة من لجنة التحقيق إن رئيس الوزراء سيعامل مثله مثل غيره من الشهود.

وأمر كاميرون في وقت سابق من هذا الشهر بإجراء تحقيق عام كامل في الأزمة التي أدت إلى إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي يملكها قطب الإعلام روبرت مردوخ، بعد 168 عاما من النشر، وأثرت على عدد من رجال الشرطة والسياسيين ورئيس الوزراء نفسه. وقال ليفيسون في بيان إنه «في الجلسة الأولى سيركز التحقيق بشكل خاص على ما أصفه بالعلاقة بين الصحافة وعامة الناس وقضية قانون الصحافة». وأكد أنه يحق له إجبار الشهود على تقديم الأدلة بشأن التنصت على الهواتف. وأضاف «أعتزم ممارسة هذه الصلاحيات بالسرعة الممكنة»، وستقدم الأدلة تحت القسم.

تداعيات الفضيحة ما زالت مستمرة، وأول من أمس اتضح أن والدة «سارة بين» الطفلة (8 سنوات) التي اغتصبت وقتلت عام 2000 كانت هي الأخرى على قائمة الأسماء التي اخترقت تليفوناتهم واستهدفتهم صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، على الرغم من أنها اعتبرت صديقة للصحيفة بعد أن تبنت الصحيفة وريبيكا بروكس، التي رأست تحريرها آنذاك، القضية وشنت حملة باسمها على الذين يعتدون على الأطفال، وتم بمساعدة الصحيفة تأسيس لجنة خيرية إحياء لذكراها. وقالت المؤسسة الخيرية «فينوكس»، إن والدة الطفلة كانت ضمن الملاحظات التي دونها المحقق الخاص غلين ماكلير الذي عمل لدى الصحيفة وسجن عام 2007 لاختراقه تليفونات أبناء العائلة المالكة.

وكانت الشرطة قد صرحت سابقا بأن اسم «بين» لم يكن ضمن القائمة التي تضم أسماء 4 آلاف شخص، إلا أن الجهاز اعترف أول من أمس بأن اسمها ورد في ملاحظات المحقق الخاص. وبالأمس، نفت بروكس التي كانت مقربة جدا من مردوخ واستقالت أيضا كرئيسة تنفيذية في «نيوز إنترناشيونال» أنها كانت على علم بموضوع اختراق تليفون «بين». وقالت «بين» إنها أصيبت «بصدمة هائلة» بعد أن أبلغتها الشرطة أن رسائلها الصوتية ربما تعرضت للتنصت من جانب الصحيفة. وكانت «نيوز أوف ذي وورلد» قد أمدتها بهاتف جوال على مدار أحد عشر عاما، حسبما قالت رئيسة التحرير السابقة للصحيفة ريبيكا بروكس. وعملت بروكس إلى جانب الأم للمطالبة بتوفير حماية قانونية أكبر للأطفال خلال تولي بروكس رئاسة تحرير الصحيفة في الفترة ما بين 2000 و2003.

وكانت بروكس قد أوقفتها الشرطة البريطانية للاشتباه فيها في إطار الاتهامات بالتنصت على الهواتف. وقالت بروكس في بيان إن المزاعم الأخيرة «شديدة البشاعة» و«مؤلمة بشكل خاص»، لأن سارة بين «صديقة عزيزة». وصرح متحدث باسم «نيوز إنترناشيونال»: «تأخذ (نيوز إنترناشيونال) هذا الأمر على محمل الجدية المطلقة وتعرب، شأنها شأن الجميع، عن بالغ قلقها».

ونفى بيرس مورغان، محرر الـ«ديلي ميرور» السابق والذي يقدم برنامجا على شبكة «سي إن إن» (الذي كان يقدمه لاري كينغ) أنه كان متورطا في فضيحة التنصت عندما كان محررا للصحيفة. وكان بعض العاملين لدى «ديلي ميل» قد اعترفوا بأن عملية التنصت مورست من قبل الجرائد الشعبية الأخرى بما في ذلك صحيفتهم. وهذه الادعاءات قد تؤثر على عمله الجديد مع الشبكة الأميركية، خصوصا بعد أن وجهت انتقادا له في الصحافة الأميركية.

وواجه وزراء في الحكومة الائتلافية في بريطانيا مزيدا من التدقيق هذا الأسبوع، عندما نشرت تفاصيل لقاءاتهم مع المسؤولين التنفيذيين لمجموعة «نيوز كورب»، وذلك بعدما تعرضوا لانتقادات لقربهم أكثر من اللازم من المجموعة.

وكانت الفضيحة قد اندلعت في وقت سابق هذا الشهر بعد أن تبين أن «نيوز أوف ذي وورلد» تتنصت على الرسائل الصوتية لميلي داولر الفتاة البالغة من العمر 13 عاما التي اختفت قبل تعرضها للقتل والعثور لاحقا على جثتها. وتسببت الفضيحة في استقالات طالت اثنين من كبار مسؤولي الشرطة البريطانية ووصل خضمها إلى رئيس الوزراء كاميرون الذي كان قد عين رئيس تحرير سابقا للصحيفة في منصب مستشاره الإعلامي، وهددت استقرار الإمبراطورية الإعلامية العالمية لمردوخ.

وفي وقت سابق هذا الشهر، أجبرت مؤسسة «نيوز كوربوريشن»، والتي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، لها على التخلي عن مسعاها للسيطرة على نسبة 61 في المائة من الأسهم التي لا تملكها من «بي سكاي بي» بسبب فضيحة التنصت. لكن أصبحت هناك شكوك حول إحكام قبضة عائلة مردوخ على المؤسسة.

وقال كاتب السيرة الذاتية مايكل وولف في تصريحات تناقلتها وكالات الأنباء «أعتقد أن عائلة مردوخ لن تبتعد فقط عن الإدارة اليومية للمؤسسة، إذ لن تكون لديهم أي وظائف رسمية في الشركة»، وذلك في تصريحات لوكالة «تلفزيون رويترز»، مضيفا أن أيام وجود روبرت مردوخ وابنه جيمس في «نيوز كوربوريشن» أصبحت معدودة، وأنه يتوقع «أنهما سيتنحيان خلال شهرين».