خلافات حادة داخل التحالف الوطني بعد فشل مقترح سحب الثقة من مفوضية الانتخابات

حكومة كردستان: نتعامل مع المفوضية باعتبارها تستمد شرعيتها من ثقة الشعب العراقي

TT

تتجه الأنظار إلى الجلسة التي يعقدها اليوم البرلمان العراقي، والتي تتضمن استضافة رئيس الوزراء، نوري المالكي، مع احتمال حضور زعيم القائمة العراقية إياد علاوي الجلسة، مثلما حضر جلسة أول من أمس التي شهدت التصويت على سحب الثقة من مفوضية الانتخابات. وألقى فشل ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، في سحب الثقة عن المفوضية، بظلاله، ليس على ماضي العلاقة المتوترة بين العراقية ودولة القانون فحسب، بل على مستقبل العلاقة التحالفية بين مكونات التحالف الوطني (ائتلاف دولة القانون من جهة والمجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وحزب الفضيلة وتيار الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري من جهة أخرى).

وكانت قضية الترشيق الوزاري والبرنامج الحكومي قد شكلت أحد أبرز محاور الخلافات بين الكتل السياسية العراقية، لا سيما عقب المهلة التي كان منحها المالكي لحكومته وأمدها 100 يوم للمباشرة بالإصلاحات، والمباشرة بوضع البرنامج الحكومي موضع التطبيق. لكنه وطبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» القيادي بالقائمة العراقية ومقرر البرلمان محمد الخالدي فإن «أعضاء البرلمان كانوا قد تسلموا مؤخرا البرنامج الحكومي المكون من 400 صفحة، كما أنهم تسلموا مؤخرا أيضا خطة رئيس الوزراء للترشيق الوزاري، التي تم إقرارها من قبل مجلس الوزراء مؤخرا أيضا، والتي تتضمن إلغاء وزارات الدولة».

وأضاف الخالدي أن «المالكي سيقدم برنامجه الحكومي أمام البرلمان، وكذلك خطته للترشيق الوزاري، وسيفتح بعدها باب المناقشات من قبل أعضاء البرلمان، حيث تم تحديد آليات واضحة لهذا الموضوع من خلال منح كل كتلة عددا معينا من الأسئلة التي سوف توجه لرئيس الوزراء، من خلال جلسة يتوقع أن تستغرق عدة ساعات». وتأتي استضافة المالكي في البرلمان، التي تأخرت لفترة طويلة، في ظل استمرار الأزمة السياسية التي تعانيها البلاد بسبب عدم توصل قادة البلاد إلى حل للنقاط الخلافية العالقة بين العراقية ودولة القانون، فإن عدم سحب الثقة من مفوضية الانتخابات خلال جلسة البرلمان أول من أمس فجرت أزمة من نوع آخر، لكن داخل مكونات التحالف الوطني هذه المرة. وكانت دولة القانون قد اتهمت الكتل والقوى السياسية التي لم تصوت لصالح عملية سحب الثقة بأنها انضمت للمدافعين عن الفساد، وهو ما استنكره الائتلاف الوطني الموحد والمتحالف مع دولة القانون عبر «التحالف الوطني».

وقال عباس العامري، القيادي في الائتلاف الوطني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «دولة القانون اعتادت خلال الفترات الماضية أن يكون القرار داخل التحالف الوطني قرارها، وهذا أمر غير صحيح، ولا يمكن أن يؤسس لعلاقة سليمة بين مكونات التحالف الوطني»، مشيرا إلى أنه «آن الأوان لأن يكون للائتلاف الوطني قراره المستقل، وعلى الإخوة في دولة القانون أن يدركوا ذلك إذا ما أرادوا استمرار علاقات التحالف داخل التحالف الوطني».

وحول الأسباب التي دعتهم إلى عدم الموافقة على سحب الثقة من المفوضية، قال العامري: «لقد أصدرنا بيانا أوضحنا فيه موقفنا من هذه العملية، حيث اعتبرنا أن سحب الثقة عن المفوضية في هذه الفترة غير صحيح، وأن من شأنه أن يحرمنا استحقاقات مقبلة، حيث إننا مقبلون على انتخابات الأقضية والنواحي، كما أن اعتراضنا على عدم سحب الثقة عن المفوضية لا يعود إلى كفاءتها وعدم وجود ملاحظات عليها، ولكن لأننا لا نريد الدخول في فراغ يصعب الخروج منه». وحول ما إذا كان هذا الخلاف سينعكس على طبيعة العلاقة داخل مكونات التحالف الوطني، قال العامري «نتمنى أن لا تنعكس الخلافات في وجهات النظر إلى اختلافات بين مكونات التحالف، ولكنها بداية لمرحلة جديدة على صعيد أن يكون لنا كائتلاف وطني صوت مستقل كما لدولة القانون صوت مستقل في الكثير من القضايا». وكان الائتلاف الوطني قد عقد اجتماعا أمس للرد على اتهامات دولة القانون للكتل التي لم تصوت لصالح عملية سحب الثقة عن المفوضية. وقال في بيان إن «اتهام البعض للبرلمان لا ينسجم مع المعايير الديمقراطية ويخالف الدستور والقوانين النافذة، كما يشير إلى أن البعض يحاولون أن يفرضوا إرادتهم بالقوة سواء بالترغيب أو الترهيب».

إلى ذلك، أعلنت حكومة إقليم كردستان تمسكها بمفوضية الانتخابات، وأكدت أنها تتعامل مع هذه المفوضية باعتبارها مؤسسة تستمد شرعيتها من ثقة الشعب العراقي، لكن أحزاب المعارضة الكردية (حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) في البرلمان العراقي صوتت لصالح سحب الثقة من المفوضية، واتهمتها بالفساد.

وقال وكيل وزارة الداخلية بحكومة الإقليم، جلال كريم، أن حكومة الإقليم ستتعامل مع المفوضية على اعتبارها مؤسسة تستمد شرعيتها من الشعب، من خلال تجديد الثقة بها من قبل مجلس النواب العراقي. وكان كريم يرد بذلك على تصريحات نسبت إلى خالد الأسدي القيادي بائتلاف دولة القانون الذي دعا حكومة إقليم كردستان إلى عدم إجراء انتخابات مجالس المحافظات الكردستانية تحت رعاية ورقابة هذه المفوضية. وقال كريم إن «حكومة الإقليم لا تعتمد على آراء ومواقف الكتل السياسية، فهم أحرار فيما يصرحون به، ولكنها ستتعامل مع المفوضية كمؤسسة استمدت شرعيتها من مجلس النواب العراقي، وإن مسألة إجراء انتخابات مجالس المحافظات تقررت من قبل حكومة الإقليم وهي وحدها قادرة على إلغاء ذلك القرار أو تأجيل الانتخابات». وفي اتصال مع عضو مجلس المفوضين بمفوضية الانتخابات العليا الحاكم سردار عبد الكريم أكد لـ« الشرق الأوسط» أن المفوضية ستبدأ، في الأسبوع المقبل، في اتصالاتها مع قيادات إقليم كردستان لتنظيم تلك الانتخابات بعد إطلاق السلفة الممنوحة للمفوضية للبدء بمهامها»، مشيرا إلى أن هناك مطالب من بعض الأطراف في الإقليم بإجراء بعض التعديلات على قانون انتخابات مجالس المحافظات، وبما أن البرلمان الكردستاني في عطلته الصيفية حاليا، فإننا في المفوضية سنتفاوض مع قادة الإقليم حول هذه المسألة وقد نحتاج إلى وقت إضافي ريثما يتم التعديل، ولكن ذلك لن يعوق مهمتنا الأساسية التي سنبدأ بها من الأسبوع المقبل لتهيئة مستلزمات تنظيم تلك الانتخابات».