اليمن: أكثر من 40 قتيلا في قتال بين «القاعدة» والجيش مدعوما برجال القبائل

مبعوث الأمم المتحدة يغادر صنعاء دون التوصل لاتفاق.. والقبائل تتعهد بحماية المعتصمين

مسلحون مناوئون لنظام حكم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أثناء الإعلان عن تحالف قبلي معارض للنظام في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

في تطور سريع للأحداث الأمنية على الساحة اليمنية أعلنت مصادر محلية وعسكرية أمس السبت أن 42 شخصا على الأقل قتلوا قرب مدينة زنجبار بجنوب اليمن التي أصبح الجزء الأكبر منها تحت سيطرة عناصر «القاعدة». وقالت المصادر إن 11 شخصا بينهم ضباط كبار قتلوا في اشتباكات ضارية بين الجيش والإسلاميين المتطرفين في قرية تبعد 15 كيلومترا جنوب زنجبار عاصمة محافظة أبين. وقال مسؤول عسكري في القرية لوكالة الصحافة الفرنسية «هاجم عناصر (القاعدة) المتمركزون في القرية وحدات الجيش مستخدمين أسلحة رشاشة الجمعة، مما أسفر عن مقتل ضابطين وأربعة جنود وجرح تسعة آخرين».

وأكد عاملون طبيون في مستشفى عسكري في عدن، كبرى مدن جنوب اليمن، هذه الحصيلة، بينما قال مسؤول محلي في القرية إن خمسة من عناصر تنظيم القاعدة قتلوا وأصيب أربعة آخرون بجروح في هذه المعارك. كما أسفرت غارة جوية واشتباكات مع مسلحين، الجمعة، عن مقتل 29 من أفراد القبائل وإصابة العشرات منهم شرق زنجبار، بحسب المصادر القبلية التي أشارت إلى وجود عدد كبير من المفقودين. وقال مسؤول أمني بارز في المنطقة إن 12 من أبناء القبائل قتلوا وأصيب 20 في الاشتباكات مع المتشددين. وقال عبد الله ناصر الجداني إن «نحو 200 من أبناء القبائل جاءوا من قرية شقرا الساحلية باتجاه زنجبار حينما اشتبكوا مع عناصر (القاعدة)» على مشارف المدينة. وقالت المصادر القبلية إن المتشددين أجبروا أبناء القبائل على اللجوء إلى مبنى حكومي كانوا قد استولوا عليه ما حدا بالجيش للقيام بغارة جوية. وقال الجداني إن ثلاثة من أبناء القبائل قتلوا «عن طريق الخطأ» في الضربة الجوية بينما قتل مسلحو «القاعدة» تسعة آخرين بالرصاص. غير أن مصادر قبلية قالت في وقت لاحق أمس السبت إنه تم انتشال 17 جثة من بين أنقاض المبنى الذي استهدفته ثلاث ضربات جوية، متهمين الجيش بتنفيذ «مجزرة» راح ضحيتها 29 من أبناء القبائل. غير أن الجداني أصر على أن الضربات الجوية استهدفت «مقاتلي (القاعدة) وليس المدنيين». وأكد مصدر طبي في مستشفى في بلدة جعار المجاورة التي يسيطر عليها الإسلاميون أن المعارك أسفرت عن سقوط قتيلين من «القاعدة» وجرح 14 آخرين في الاشتباكات والضربات الجوية. وفي 29 مايو (أيار) الماضي سيطر مئات المسلحين التابعين لـ«أنصار الشريعة» وهي مجموعة يشتبه بعلاقتها بتنظيم القاعدة على زنجبار بينما شرد آلاف السكان نتيجة القتال.

وقال قائد اللواء 25 ميكا في حوار مع «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة قدمت دعما لوجيستيا للواء 25 ميكا بالجيش اليمني، الذي حاصره المتشددون الإسلاميون في زنجبار. وكان القادة العسكريون الأميركيون قد أعربوا مرارا عن قلقهم من أن يستفيد الإسلاميون من الفراغ المستمر في السلطة في اليمن لتوسيع نطاق عملياتهم. فمنذ يناير (كانون الثاني) تطالب مظاهرات حاشدة بسقوط الرئيس المخضرم علي عبد الله صالح الموجود في مستشفى في السعودية منذ مطلع يونيو (حزيران) حيث يعالج من إصابات لحقت به في انفجار قنبلة في قصره.

وفي موضوع ذي علاقة، تعهد أمس الشيخ صادق الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد أمام العشرات من كبار مشايخ اليمن ورجالها بأن الرئيس صالح لن يحكم اليمن بعد اليوم، وقال في كلمة له بمناسبة إشهار وثيقة التحالف والنصرة قائلا «لن يحكمنا علي صالح وأولاده ما حيينا. كما دعا الشيخ صادق الأحمر في كلمته إلى نصرة قبيلة أرحب» معتبرا ذلك «نصرة لثورة». وكانت ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء قد شهدت انطلاق أكبر تجمع قبلي معارض للرئيس صالح ولنظامه تحت اسم «تكتل قبائل اليمن» وقد حضره كبار مشايخ اليمن وفي مقدمتهم الشيخ صادق عبد الله الأحمر شيخ مشايخ حاشد إضافة إلى عدد من كبار مشايخ بكيل ومذحج وفي اللقاء أعلن عن وثيقة تحت اسم «وثيقة التحالف والنصرة» لحماية الثورة. وفي اللقاء الحاشد أكدت قبائل اليمن على التزامها بحماية الاعتصامات، معتبرة أن أي عدوان على أنصار الثورة عدوان على قبائل اليمن. وأكدت القبائل اليمنية في وثيقة النصرة على أن الرد على أي عدوان واجب عيني على أبناء القبائل بالأموال والأنفس. وناشدت في ذات الوقت كل دول الجوار والمجتمع الدولي الوقوف إلى جانب الشعب وحقه وفي تقرير مصيره. ودعت وثيقة التحالف والنصرة بقية القبائل اليمنية إلى الانضمام للتحالف بهدف حماية الثورة الشعبية والوصول إلى بناء الدولة المدنية.

إلى ذلك، غادر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، جمال بن عمر، صنعاء صباح السبت، بعد زيارة لليمن استغرقت عدة أيام، التقى خلالها أطراف العملية السياسية في السلطة والمعارضة بهدف التوصل إلى حل للأزمة السياسية الراهنة. وكان بن عمر عقد مساء الجمعة مؤتمرا صحافيا أكد فيه أن الأمم المتحدة تشجع جميع الأطراف اليمنية على التوصل بأنفسهم إلى صيغة لحل الأزمة اليمنية، والخروج من الطريق المسدود. وحذر بن عمر من دخول اليمن نحو الصوملة، وشدد على ضرورة انتقال عاجل وفوري للسلطة، وفقا للمبادرة الخليجية، بما يلبي تطلعات الشعب اليمني. وكانت لقاءات قد تمت بين مسؤولين في السلطة والمعارضة وبحضور بن عمر للبحث في كيفية تنفيذ المبادرة الخليجية مع بعض المرونة فيما يخص المواعيد والفترات الزمنية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية في إطار التهيئة لانتخابات مبكرة في اليمن.