مصدر مقرب من عبد المهدي يكشف لــ«الشرق الأوسط» تفاصيل لقائه بالرئيس الأسد

المسؤول العراقي نقل رسالة من الرئيس طالباني يحث فيها نظيره السوري على إجراء إصلاحات حقيقية

دبابات من الجيش السوري على مدخل مدينة حماه (شبكة شام الاخبارية)
TT

كشف مصدر مقرب من الدكتور عادل عبد المهدي، القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، والنائب الأول المستقيل للرئيس العراقي عن تفاصيل اللقاء الذي تم بين عبد المهدي والرئيس السوري بشار الأسد الأسبوع الماضي.

وقال المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس إن «عبد المهدي التقى الأسد بصفته مبعوثا شخصيا للرئيس العراقي جلال طالباني»، مشيرا إلى أن «الزيارة لم تكن رسمية على الإطلاق كون عبد المهدي لا يحمل صفة رسمية».

وأوضح المصدر أن «عبد المهدي نقل رسالة مكتوبة من الرئيس طالباني إلى الرئيس الأسد يحثه فيها على القيام بإصلاحات سياسية حقيقية والكف عن استخدام الحلول الأمنية والعسكرية ضد أبناء الشعب السوري»، منبها إلى أن «استمرار الأوضاع بنفس الوتيرة سوف يفتح أبواب سوريا للتدخل الخارجي ويزيد من حراجة الأوضاع في المنطقة».

وقال المصدر المقرب من القيادي في المجلس الأعلى بأن «مقترح إرسال مبعوث شخصي غير رسمي كان من أفكار الرئيس العراقي الذي لم يرد إرسال مبعوث رسمي مثلما كانت تحبذ الإدارة الأميركية التي اعتبرت هذه الخطوة إيجابية من أجل عدم تطور الأوضاع في سوريا والمنطقة»، مشيرا إلى أن «الرئيس طالباني يثق كثيرا بنائبه السابق عبد المهدي الذي تربطه علاقات قوية به، كما أن الثاني يرتبط بعلاقات إيجابية مع الرئيس السوري بشار الأسد».

وأشار المصدر إلى أن «عبد المهدي وصل إلى دمشق على متن رحلة خاصة ولم يتم استقباله حسبما تقتضي الأعراف البروتوكولية، كما لم يستقبله السفير العراقي في دمشق وإنما تم استقباله من قبل مسؤولين في القصر الرئاسي السوري الذين توجهوا بضيفهم مباشرة إلى الرئيس الأسد الذي تسلم رسالة الرئيس العراقي طالباني»، منوها بأن «الرئيس السوري قرأ الرسالة وطمأن ضيفه بأن الأمور تجري حسب ما يرام ولا قلق على سوريا وشعبها ولا على أمن المنطقة» مثمنا «مبادرة الرئيس العراقي وزيارة عبد المهدي كونها أول زيارة لسياسي عراقي رفيع المستوى».

وأضاف قائلا «إن الرئيس السوري أبلغ عبد المهدي رسالة شفوية للرئيس العراقي عبر فيها عن سروره بالتفاتته وحرصه على مصير الشعب السوري في هذه الظروف».

وكشف المصدر عن أن «الإدارة الأميركية كانت تحاول ومنذ شهر مايو (أيار) إقناع بعض المسؤولين العراقيين الذين يرتبطون بعلاقات مؤثرة مع الرئيس السوري للتحدث إليه والوصول إلى صيغة لإيقاف الحلول العسكرية ضد المتظاهرين السوريين»، مشيرا إلى أن «السفير الأميركي الأسبق زلماي خليل زاد كان يقوم برحلات مكوكية إلى أربيل والسليمانية لإقناع الرئيس طالباني بزيارة دمشق، وقد تحدث في هذا الموضوع مع مقربين للرئيس العراقي كونه يرتبط بعلاقات جيدة مع الأسد ويستطيع التأثير عليه، حتى إن زلماي صرح في جلسة محدودة بأن الرئيس طالباني سيستحق جائزة نوبل للسلام إن قام بهذه المهمة ونجح فيها، إلا أن المصادر المقربة من الرئيس طالباني قالت بأنه قد يبادر للتدخل في الموضوع ولكن بطريقته الخاصة».

وأضاف قائلا «يبدو أن طريقة الرئيس طالباني الخاصة جاءت عبر مبعوثه الشخصي عادل عبد المهدي الذي يتمتع بعلاقات طيبة مع القادة العرب من جهة، وكونه يسعى دائما للعب دور رجل السلام وإيجاد الحلول للأزمات في المنطقة من جهة ثانية»، كاشفا عن أن «عبد المهدي كان قد مارس دورا مؤثرا خلال أزمة البحرين حيث قام في بداية شهر مايو الماضي بزيارتين إلى تركيا والكويت من أجل تخفيف حدة التوتر في البحرين بعدما تسللت إليه معلومات أو رسائل من أن إيران ستتدخل في البحرين مثلما تدخلت قوات درع الجزيرة، وقد أدت مهمة المسؤول العراقي بالفعل إلى محاصرة الأزمة».

وفي رده عن سؤال فيما إذا تضمنت رسالة الرئيس العراقي أو ملاحظات عبد المهدي للرئيس السوري تسريبات عن حقيقة الموقف الأميركي من الأحداث الجارية في سوريا، أو أن واشنطن أو أوروبا قد تتدخل بقوة في الموضوع، قال المصدر المقرب من عبد المهدي «لا علم لي بذلك لكن ما أستطيع قوله هو أن الإدارة الأميركية لم تكن بعيدة عن هذه المبادرة».

وأشار المصدر إلى أن «عبد المهدي بطبيعته يقف ضد عنف الحكومات الموجه نحو شعوبها، وأن مهمته في دمشق كانت تتناسب مع توجهاته التي أوضحها في صحيفة (العدالة) العراقية التي تصدر عن مكتبه والتي صاغ إحدى افتتاحياتها عن الأوضاع في المنطقة العربية قائلا:

الدرس هو أن يتعظ الحكام مما حصل ويسعوا لتحقيق العدل والحريات ويساهموا مع شعوبهم لتحقيق ديمقراطية تعطي المواطنين حق اختيار حكامها.. فلا زعيم أوحد أو حزب قائد أو أنظمة قمعية».