اليمن: صالح يدعو مجددا للحوار.. ونائبه يلتقي دبلوماسيين غربيين

إشهار تكتل عسكري مناهض للنظام في صنعاء

جنود منشقون يؤدون التحية العسكرية أثناء مظاهرة مناهضة لنظام حكم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

دعا الرئيس اليمني في خطاب نشرته وسائل الإعلام الرسمية في اليمن إلى الحوار بين مكونات العملية السياسية للخروج من الأزمة الراهنة في اليمن، وأكد الرئيس اليمني أن «التغيير الذي ينشده الجميع لا يمكن الوصول إليه عن طريق العنف وبث ثقافة الحقد والكراهية وعقلية الانقلابات وحَبْك المؤامرات والدسائس والسعي للتصفيات الجسدية للمنافسين السياسيين»، مشيرا إلى أن هذه الأساليب المتخلفة واللاأخلاقية ستفضي إلى المزيد من المتاهات وتعقيد الأمور وتفاقم الأزمة.

وأوضح الرئيس صالح أن «هذه الأساليب قد ولى زمانها بانتهاء الأنظمة الشمولية وبزوغ فجر الوحدة، التي جاءت بالتعددية السياسية وحرية الصحافة والمحافظة على حقوق الإنسان، وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة بآليات ديمقراطية متعارف عليها في كل الدول الديمقراطية في العالم، وعن طريق صناديق الاقتراع، فالوصول إلى السلطة لن يتم بإشاعة الخوف والفوضى، وقطع الطرقات، وتعطيل مصالح الناس، وزيادة معاناتهم، وحرمانهم من المقومات الأساسية للحياة؛ من الغذاء والماء والكهرباء والوقود، وفي المقدمة افتقارهم للأمن والأمان، وإلحاق الخسائر الفادحة بالمنشآت والمنجزات الكبيرة التي حققها شعبنا بجهوده وعرقه، في ظل الثورة والجمهورية والوحدة المباركة».

وأكد صالح على «ضرورة العمل على دعم ومساندة المساعي الوطنية الجادة والمسؤولة لتحقيق وفاق وطني شامل ترضى عنه وتلتزم به كافة الأطراف السياسية للخروج من المحنة السياسية القائمة، ومعالجة كافة القضايا والمشكلات، وتحقيق التغيير المنشود في النظام السياسي، وتحقيق كل الإصلاحات في بنية مؤسسات الدولة المركزية والمحلية، وإنجاز الحكم المحلي كامل الصلاحيات».

وأشاد صالح «بالجهود الوطنية المخلصة التي يقوم بها الأخ الفريق عبد ربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية، في اتجاه حل الأزمة، والحوار الذي يجريه مع الأطراف السياسية»، وقال: «نتطلع إلى التجاوب مع جهوده الخيرة، لما من شأنه تجنيب المواطن المعاناة وتوفير الخدمات الأساسية، وأن تتفاعل كافة القوى السياسية بشكل جاد ومسؤول مع تلك الجهود، وذلك لرأب الصدع والخروج من الأزمة الراهنة، وأن يضع الجميع المصالح الوطنية العليا أمام أعينهم وفوق ما عداها من المصالح الحزبية والشخصية الضيقة، وتغليب لغة الحكمة والعقل، والترفع فوق الصغائر، من أجل أن يسود الأمن والاستقرار، وتسود الطمأنينة والسلم الأهلي كل ربوع الوطن، وتعود مشاعر الود والإخاء بين كافة أبنائه، فبالمزيد من الحوار والتفاهم والعقلانية سيصل الجميع إلى الوفاق وإلى تحقيق تطلعات.

وفي الشأن ذاته، اجتمع نائب الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بالسفير الأميركي والقائمة بأعمال السفارة البريطانية في لقاءين منفصلين بصنعاء. وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن هادي بحث مع الدبلوماسيين الغربيين المستجدات على الساحة الوطنية بين الأطراف السياسية ونتائج زيارة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، جمال بن عمر، لصنعاء، ونتائج مشاوراته ولقاءاته مع الأطراف.

وكان بن عمر قد غادر صنعاء يوم السبت بعد مباحثات مع مختلف الأطراف اليمنية. ودعا قبل مغادرته إلى حل فوري يفضي للدخول إلى مرحلة انتقالية. وقالت الوكالة إنه جرى أيضا خلال لقاء هادي بجيرالد فايرستاين تبادل الأفكار حول الحلول العاجلة للأزمة السياسية في اليمن، وكيفية الالتقاء من قبل الجميع، وإيجاد القواسم المشتركة لذلك. وتدعم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والاتحاد الأوروبي تنفيذ اتفاق رعته دول الخليج العربية يقضي بتسليم الرئيس علي عبد الله صالح السلطة إلى نائبه، خلال ثلاثين يوما، مقابل منحه وعائلته ضمانة من الملاحقة القضائية.

وكان صالح يتنصل كل مرة عن توقيع الاتفاق في اللحظات الأخيرة. ويتلقى صالح العلاج في أحد مستشفيات السعودية، بعد إصابته في انفجار وقع بدار الرئاسة في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي. كما تحدث هادي عن المعارك بين قوات الجيش وقبائل أبين من جهة، ومسلحين متشددين يعتقد ارتباطهم بتنظيم القاعدة في جنوب اليمن، مضيفا أن (من سماهم بـ«الإرهابيين») تكبدوا خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات. ونسبت وكالة «سبأ» إلى السفير الأميركي تأكيده وقوف الولايات المتحدة إلى جانب اليمن، من أجل حل الأزمة السياسية وبذل كافة السبل الممكنة لذلك، والتعاون المشترك فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب.

كما نسبت إلى فيونا جيب القائمة بأعمال السفارة البريطانية قولها إن بريطانيا تتابع ما يجري في اليمن عن كثب وباهتمام بالغ، وإنها مع أمن واستقرار ووحدة اليمن، وحل الأزمة بالطرق السياسية والسلمية. وفي ما يخص الوضع في ساحات الاعتصام، أعلن تكتل يدعى الاتحاد العام للقوات المسلحة والأمن في ساحة التغيير بصنعاء الأحد إشهار الاتحاد التنسيقي العام لأبناء القوات المسلحة والأمن المنضمين إلى الثورة الشعبية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس، علي عبد الله صالح.

وقال رئيس الاتحاد التنسيقي، العميد فيصل المبيني: «إن قوات الجيش والأمن أنشئت لحماية الشعب وأمنه واستقراره، وليس لحماية فرد أو عائلة», مضيفا أنهم سيقومون بدورهم الوطني في حماية المعتصمين في عموم ساحات اليمن. وتابع القول: «إن هذا الاتحاد عبارة عن هيئة ثورية عسكرية تعمل على تنسيق وتوحيد الجهود في صفوف القوات المسلحة والأمن من ضباط وأفراد لحماية الثورة الشعبية السلمية، وتحقيق أهدافها, والتنسيق مع من لم يعلن انضمامه إلى صفوف الثورة».

وإلى جانب العميد المبيني، اختير الرائد عبد التواب السريحي أمينا عاما، والملازم فهد الأشول ناطقا رسميا. وفي موضوع آخر، أفادت مصادر محلية بأن اشتباكات عنيفة اندلعت بين قوات الحرس الجمهوري ومسلحين قبليين، مساء السبت، في مديرية أرحب شمال العاصمة صنعاء، بالتزامن مع قصف مستمر للحرس على تلك القرى.

ونقل موقع المصادر «المصدر أونلاين» إن قوات «اللواء 62 حرس جمهوري»، الواقع في موقع فريجة، قصفت بالمدفعية القرى المتاخمة للواء، بينما خرجت مدرعات من المعسكر لمداهمتها.

وأضاف أن المقاتلين القبليين تصدوا لرتل من الآليات العسكرية، وأعطبوا دبابتين، قبل أن تعود الآليات أدراجها إلى المعسكر. والمعروف أن معسكر فريجة يقع على تلة مقابلة لجبل الصمع، والأخير يحوي مجمع معسكرات تتكون من ثلاثة ألوية عسكرية، هاجمها مسلحو القبائل، الخميس الماضي، في محاولة لإنهاء القصف شبه اليومي الذي تتعرض له القرى منذ أكثر من شهرين.

وتمكن مسلحو القبائل من اقتحام المعسكر والسيطرة على أجزاء منه، غير أنهم انسحبوا تحت وطأة القصف الجوي العنيف الذي شنه الطيران الحربي، مما اضطرهم إلى التراجع.

وفي السياق ذاته، نعى بيان لما يسمى بقيادة أنصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية وقوات الجيش اليمني المؤيد للثورة «ثلاثة من أبناء القوات المسلحة وهم (الشهيد العميد الركن/ أحمد عوض محمد، قائد محور صعدة، والعقيد/ جمال محمد النملي، والمقدم/ حيدرة علي لهطل، الذين استشهدوا أثناء أدائهم للواجب الذي تخاذل عن أدائه بقايا النظام، وأقدموا هم ومجاميع من زملائهم العسكريين، أنصار قيادة الثورة، على أدائه في مواجهة فلول الإرهاب بمحافظة أبين الباسلة مساء الجمعة 29/ 7/ 2011م».

وأضاف البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أنه «باستشهادهم خسر الوطن خسارة جسيمة، برحيل قادة عسكريين محنكين وأبناء بررة من أبناء الوطن وقادة وحدويين من طلائع العسكريين المقتدرين الذين يقتدى بهم، عرف عنهم انضباطهم العسكري وبسالتهم النادرة وشجاعتهم المشهود لهم بها ووحدويتهم الصادقة وحبهم اللامتناهي للوطن وخدمة أبناء الشعب، ودماثة أخلاق نبيلة وشمائل كريمة وسيرة حسنة يشهد لهم بها الجميع».

وحمل البيان «بقايا النظام مسؤولية استشهاد هؤلاء الأبطال الجسورين مع مجموعة من زملائهم الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم رخيصة في سبيل الله والوطن والواجب، وتركهم بقايا النظام لوحدهم يواجهون فلول الإرهاب في محافظة أبين، ورفض مدهم بالعتاد والتعزيز لمواصلة مواجهة فلول الإرهاب، وفك الحصار عن زملائهم في معسكر اللواء (25 ميكا) في زنجبار، وبشجاعة نادرة وبسالة منقطعة النظير تمكن الشهداء ومجموعة من زملائهم من الوصول إلى زنجبار، على الرغم من شدة المواجهة وشحة العتاد العسكري معهم، وعلى الرغم من مناشدتنا لبقايا النظام بدعمهم وزملائهم والإسراع في مدهم بالذخيرة والعتاد، إلا أن بقايا النظام لمعرفتهم أن الشهداء الثلاثة وزملائهم كانوا ممن يؤيدون الثورة الشبابية الشعبية السلمية تغاضوا عن نداءاتنا ومناشداتنا».