محاكمة مبارك ونجليه والعادلي في مقر آخر خطاب ألقاه للشعب قبل 25 يناير

رئيس المحكمة: الجلسات ستكون «متتابعة» وستبث على التلفزيون المصري

قاعة محاضرات بأكاديمية الشرطة ستتحول إلى قاعة محاكمات لمبارك ونجليه يوم الأربعاء المقبل (أ.ف.ب)
TT

تبدأ يوم الأربعاء المقبل أولى جلسات محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعدي الوزير، في التهم المنسوبة إليهم بقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، بالإضافة لقضايا فساد مالي وعمليات تربح غير مشروعة، ويواجه المتهمون حكما قد يصل إلى الإعدام حال إدانتهم، في سابقة هي الأولى من نوعها في مصر، وتجري المحاكمة في مبنى «أكاديمية الشرطة» في القاهرة الجديدة، وهو مقر آخر خطاب ألقاه مبارك للشعب قبل 25 يناير.

وقال المستشار أحمد رفعت، رئيس محكمة جنايات القاهرة التي ستضطلع بمحاكمة مبارك، أمس، إن جلسات المحاكمة ستكون في قاعة المحاضرات (أ) بأكاديمية الشرطة، موضحا أن دخول القاعة لحضور وقائع المحاكمة سيكون للفئات التالية فقط: (المدعون بالحق المدني أو من ينوب عنهم. وهيئة الدفاع عن المتهمين. وأهالي المتهمين من الدرجة الأولى أو الثانية. ورجال الصحافة والإعلام المصري والأجنبي المصرح لهم فقط)، مشيرا إلى أن هيئة المحكمة قررت تحديد العدد المسموح به لهذه الفئات مجتمعة بـ600 شخص فقط.

وعقدت هيئة محاكمة مبارك برئاسة المستشار رفعت، وعضوية المستشارين محمد عاصم بسيوني، وهاني برهام رئيسي محكمة الاستئناف، مؤتمرا صحافيا أمس، أكدت فيه على أن محاكمة مبارك ستجري في جلسات متتابعة ومتعاقبة دون التقيد بالأيام المحددة لتوزيع العمل وهي «يومان»، وذلك حتى صدور الحكم.

وقال رفعت إنه «سيتم السماح لكاميرات التلفزيون المصري فقط دون غيرها ببث وقائع المحاكمة والنطق بالأحكام على الهواء مباشرة، مع منع كاميرات التصوير والفضائيات والهواتف الجوالة داخل القاعة».

وفي 23 يناير (كانون الثاني) 2011، ألقى مبارك كلمة له خلال الاحتفال بعيد الشرطة التاسع والخمسين، من نفس المكان، تعهد خلالها بشن حرب بلا هوادة على الإرهاب، رافضا التدخل الخارجي في شؤون مصر. كما كشف وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي خلال خطاب له أيضا في الأكاديمية نفسها عما قال «إنهم مرتكبو اعتداء على كنيسة القديسين بالإسكندرية الذي أسفر عن نحو 25 قتيلا»، حين اتهم تنظيم جيش الإسلام الفلسطيني المرتبط بتنظيم القاعدة بتنفيذ هذه الاعتداءات.

وأنشئت أكاديمية الشرطة - والتي كانت حتى ثورة 25 يناير تحمل اسم «أكاديمية مبارك للأمن»، قبل أن يتم تغيير اسمها - في منتصف عام 1975، كأول مؤسسة علمية متخصصة تابعة لوزارة الداخلية تتولى عملية إعداد وتأهيل وتدريب ضباط الشرطة والقيام بالدراسات التخصصية العليا وإعداد الأبحاث العلمية والتطبيقية في علوم الشرطة.

وتقع الأكاديمية في القاهرة الجديدة، على طريق القاهرة - السويس الصحراوي، حيث تتسم المنطقة بالاتساع وعدم التكدس السكاني والمروري، مما يسهل عملية تأمين إجراءات المحاكمة ونشر قوات أمنية بشكل مكثف، والسيطرة على أي تظاهرات أو حشود جماهيرية.

وبدأت أمس شركة «المقاولون العرب» في إعداد القاعة (أ) بأكاديمية الشرطة، والتي تقع بالمبنى الرئيسي بالأكاديمية الذي يضم مكتب اللواء دكتور عماد حسين، رئيس الأكاديمية، وكبار قيادات الأكاديمية، والتي تم تخصيصها لمحاكمة مبارك وكبار معاونيه.

ويخوض مهندسو وعمال شركة المقاولون العرب منذ أيام سباقا مع الزمن للانتهاء من تجهيز القاعة قبل الوقت المحدد للمحاكمة، ويعملون على تركيب القفص الحديدي الذي سيضم المتهمين لوضعه داخل القاعة، والذي يبلغ عرضه نحو 8 أمتار في طول 3 أمتار وبارتفاع 3 أمتار أيضا.

وتستوعب القاعة أكثر من ألف شخص، وتتكون من منصة كبيرة، أمامها مدرج ضخم ينقسم إلى ثلاثة أقسام طولية وقسمين عرضيين. وللقاعة 6 أبواب، منها بابان على يمين وعلى يسار المنصة، وآخران بمنتصف المدرج على اليمين وعلى اليسار، وبابان كبيران أعلى المدرج، كما أن جميع حوائط القاعة مجلدة بالخشب، وتحتوي على العديد من السماعات.

وللقاعة ثلاثة أبواب، باب رئيسي سيخصص لدخول الجماهير والمحامين، والباب الجانبي تم إجراء تعديلات عليه لدخول الرئيس السابق والمتهمين، والباب الأخير لدخول هيئة المحكمة، كما تم تخصيص منصة الدارسين وتعديل هيئتها لتصبح منصة لهيئة المحكمة.

وتزدحم الساحة المواجهة للقاعة بأوناش وسيارات وعمال الشركة الذين يعملون بأقصى سرعة ممكنة، رغم حرارة الشمس الحارقة وبشكل كبير على مدار اليوم، في تقليد غير مسبوق. ووفقا لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، فإنه استعدادا للمحاكمة المرتقبة قامت أكاديمية الشرطة برفع صورة وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي من لوحة الشرف الخاصة بوزراء الداخلية الموضوعة بالمبنى الرئيسي للأكاديمية، والتي كانت تتوسط صورتي وزير الداخلية السابق، اللواء محمود وجدي واللواء منصور عيسوي وزير الداخلية الحالي.

وتجري اجتماعات مستمرة بين قيادات الأكاديمية والقطاعات المعنية بوزارة الداخلية للتنسيق مع القوات المسلحة في وضع الخطة الأمنية اللازمة لتأمين محاكمة الرئيس السابق ونجليه والعادلي ومساعديه الستة، حيث تم الانتهاء من وضع اللمسات النهائية على تلك الخطة، تمهيدا لعرضها على اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية.

وقال اللواء أحمد جمال الدين مساعد وزير الداخلية للأمن العام إن لجنة ثلاثية من وزارة الداخلية ووزارة العدل والقوات المسلحة قامت بمعاينة الأكاديمية وشاهدت القاعة التي سيتم فيها نظر القضية لتحديد الإنشاءات التي ستتم إضافتها سواء من تجهيز قفص للاتهام يتسع للمتهمين أو غرفة مداولة للقضاة، مشيرا إلى أن هناك خطة تأمين لمقر انعقاد المحكمة ستتم بالتنسيق بين وزارة الداخلية والقوات المسلحة لتأمين المتهمين والقضاة خلال جلسة المحاكمة وأنه سيتم تحديد طريقة التأمين ومتطلبات الحراسة فور انتهاء اللجنة.

وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، إن الأجهزة الأمنية خصصت مهبطا للطائرات داخل إحدى مناطق الأكاديمية لنقل الرئيس السابق في حالة حضوره لجلسة المحاكمة، لكن لا يتوقع أن يحضر مبارك أولى جلسات محاكمته في القاهرة لدواع أمنية وصحية وفقا للعديد من المراقبين، الذين توقعوا أن يقدم محاميه فريد الديب تقريرا طبيا إلى هيئة المحكمة يؤكد تردي حالته الصحية.