نائب يحذر من إعلان نتنياهو الحرب هربا من الأزمة الاقتصادية

في أعقاب مظاهرات شارك فيها 150 ألف إسرائيلي

مسيرة احتجاجية وسط تل أبيب ضد غلاء المعيشة (أ.ب)
TT

في أعقاب النجاح الهائل لشباب «فيس بوك» في إسرائيل، وتمكنهم من تجنيد نحو 150 ألف متظاهر ضد حكومة بنيامين نتنياهو وسياستها الاقتصادية الاجتماعية، حذر عضو الكنيست عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، دوف حنين، من أن يلجأ اليمين المتطرف الحاكم، إلى شن الحرب هربا من هذه الأزمة.

وقال حنين إن وسيلة الهرب من الأزمات الاقتصادية إلى الحرب معروفة جيدا في تاريخ السياسات في العالم. وقد اتبعت في إسرائيل غير مرة، لكن النموذج الصارخ لها هو الحرب العدوانية الإسرائيلية على الدول العربية في سنة 1967، التي قادت إلى احتلال سيناء المصرية والجولان السوري والضفة الغربية وقطاع غزة الفلسطينيين.

وكانت حملة الاحتجاج على السياسة الاقتصادية الاجتماعية قد قفزت، الليلة قبل الماضية، إلى مرحلة عالية جدا، حيث شارك في المظاهرة في تل أبيب، نحو 120 ألف مواطن ومواطنة، وفي المظاهرات التي أقيمت في الوقت نفسه في عشر بلدات، نحو 50 ألفا (القدس 10 آلاف وحيفا 10 آلاف وبئر السبع 3000 والناصرة 2000 وقريات شمونة 2000 وموديعين وكفار سابا ورعنانا وغيرها 3000). وقد فاق هذا الحضور كل التوقعات، حيث إن المنظمين الذين نجحوا في تجنيد 20 ألفا في الأسبوع الماضي قدروا أن يتضاعف العدد في هذا الأسبوع إلى 40 ألفا.

وقد حرص قادة المتظاهرين على توضيح أهدافهم بدقة، في ضوء الانتقادات التي وجهت لهم بأن كفاحهم ارتجالي. فأكدوا أن ما يهمهم ليس فقط قضية أسعار السكن، بل مجمل السياسة الاقتصادية الاجتماعية: «نريد إعادة بناء الطبقة الوسطى في المجتمع: تخفيض كبير في الضرائب، وفي أسعار الماء والكهرباء والوقود. نريد تعليما مجانيا، وخدمات صحية مجانية، ومساعدات حكومية لشراء بيت السكن الأول للعائلات الشابة»، قالت هذا الكلام إحدى المبادرات إلى هذه الثورة في خطابها أمام المتظاهرين في تل أبيب، دفنة ليف. وأضافت، إن حملة الاحتجاج هذه، لن تتوقف إلا إذا تحققت هذه المطالب. وأكدت: «نحن لا نكتفي بسقوط الحكومة، نريد تغييرا جوهريا في سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، التي ولدت هذه الفوارق الهائلة في مستوى معيشة السكان وخدمت شرائح محددة من المواطنين».

وقال المغني أفيف غيفن، الذي قاد مظاهرة القدس، وخطب في المتظاهرين: «حكومات إسرائيل قسمت إسرائيل إلى شعبين، شعب تخدمه، وشعب تمص دمه. الشعب الذي تخدمه هم المستوطنون واليهود المتدينون. عندما يتململون تغدق عليهم المليارات، كل ذلك على حساب الطبقات الفقيرة والمتوسطة. وإذا كنا نريد حلا جذريا، فعلينا أن نطالب بالسلام وإزالة الاستيطان ووضع حد لهذه التفرقة».

في ظل هذه الأجواء، عقدت الحكومة الإسرائيلية جلستها العادية، وسط بلبلة واضحة. فقد عاد نتنياهو يغازل المتظاهرين في تصريحات قال فيها، إن مطالبهم عادلة، وأعلن عن إقامة لجنة وزارية تجتمع مع قادة المتظاهرين لسماع مطالبهم وإدارة حوار معهم. وقرر تخفيض الضريبة عن أسعار الوقود، ليخفف من وطأة القرار برفع أسعار الوقود. لكن حتى الوزراء، لم يقتنعوا بهذه القرارات. وقال نائب رئيس الحكومة، وزير التطوير الإقليمي، سلفان شالوم، إن «هناك عدم فهم لطبيعة المرحلة. المطلوب تغيير جذري لمجمل السياسة. وإذا لم ننتهز الفرصة ونتجاوب من الآن، فإننا سندفع ثمن هذا غاليا».

ورفعت مجددا مطالب بإقالة وزير المالية، يوفال شتاينتس، علما بأن المدير العام لوزارة المالية، حاييم شني، قدم استقالته قبل بدء الجلسة، بسبب خلافات حادة نشبت بينه وبين الوزير شتاينتس. وجاء في رسالة الاستقالة، أنه قرر إنهاء مهام منصبه بسبب الخلافات في قضايا جوهرية منذ مدة طويلة، وبسبب طريقة الإدارة الحالية للوزارة.

وقال في رسالته، إن أحداث الأيام الأخيرة تزيد من حجم المشكلات التي وصفها، وتعزز رأيه بشأن عدم إمكانية القيام بمهام منصبه وفق ما يراه مناسبا. وهذه الاستقالة تأتي في أعقاب استقالة رئيس دائرة الميزانيات في الوزارة، أودي نيسان، والقائم بأعماله، روتم بيليج.

ومن علامات البلبلة، أن نتنياهو خرج من الجلسة مع وزير المالية شتاينتس، وراحا يتباحثان طيلة ساعة ونصف الساعة، تولى خلالها وزير المعارف، جدعون ساعر، إدارة الجلسة. ولم يعد نتنياهو ووزير ماليته إلى الجلسة، فاضطر ساعر إلى إغلاقها. وهذا أمر لم يحصل في تاريخ إسرائيل إلا خلال الحروب.

وقد نشرت، أمس، أنباء تقول إن حزب «شاس»، الذي يمثل المتدينين الشرقيين اليهود، وهم بغالبيتهم من الطبقات الفقيرة، يدرس إمكانية الانسحاب من الحكومة حتى لا يبدو شريكا في إجراءات لا يرضى عنها المتظاهرون. وفي الوقت نفسه، ناشد عدد من الوزراء حزب «كاديما» المعارض برئاسة تسيبي ليفني، أن ينضم إلى الائتلاف الحكومي لإقرار سياسة جديدة تنقذ إسرائيل من هذه الأزمة. وهو الأمر الذي رفضته ليفني قائلة، إن الهبة الشعبية تستهدف «التخلص من سياسة الرأسمالية الخنزيرية، ونتنياهو هو أبو وأم هذه السياسة ولا يمكن لحكومة تضمه أن تخرج بالاستنتاجات الصحيحة للخروج من الأزمة».

ومن جهته، حذر ايلي غرافر، أحد قادة المظاهرات، من حلول شكلية متسرعة، وقال: «على الحكومة أن تقرر فورا تخفيض ضريبة الوقود بنسبة 30 في المائة، وعلى المعارضة أن تؤيد هذا، حتى نبدأ في التفكير بحوار جدي».