الفلسطينيون يبدأون شهر رمضان بلا رواتب

السلطة تتقشف وتنتظر التحويلات.. والنقابات تعلن الحرب وتدخل إضرابا مفتوحا

TT

يبدأ اليوم نحو 180 ألف موظف في الأراضي الفلسطينية، يومهم الأول في رمضان، من دون تلقيهم رواتبهم المستحقة عن الشهر الماضي، والاكتفاء بنصف راتب عن الشهر الذي سبقه فقط، وهو ما أثار حالة من الغضب غير مسبوقة، أعلنت معها النقابات الفلسطينية فض الشراكة مع الحكومة، ووقف الحوار، وبدء إضراب شامل غدا.

وقال رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية، بسام زكارنة، في بيان صدر أمس، إن «مجلس النقابة يعلن وقف الشراكة مع الحكومة (...) لن ندخل في شراكة مع حكومة لا تفي بمواعيدها». وأضاف «الخيار الوحيد أمام المجلس هو الإضراب المفتوح ابتداء من الثلاثاء». ومن المفترض أن يجتمع مجلس النقابة اليوم لإقرار هذا الإضراب. وقال زكارنة إنه لا تراجع عن هذه الخطوة إلا بدفع الرواتب ولا شيء غير ذلك.

وهاجم زكارنة الحكومة الفلسطينية بشدة، قائلا «إن هذه الأزمة (صرف الرواتب) مفتعلة، والحكومة تنتهج سياسة التعتيم لإحباط الموظف والمواطن». واتهم زكارنة الحكومة بتعمد عدم صرف الرواتب، وقال «إن الأموال موجودة وتستطيع الحكومة صرف الرواتب متى تشاء». وأضاف «الحكومة تعتمد سياسة التضليل، خاصة في الأمور المالية، وهذا غير مقبول من قبل الموظفين».

وأثّر عدم صرف الرواتب على الحركة الشرائية في أسواق الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بدت ضعيفة قبل رمضان، وأثرت بشكل عام على الاقتصاد الفلسطيني حسب وزير الاقتصاد.

وقال زكارنة إن «الموظفين يمرون من أمام المحال التجارية التي تعرض مستلزمات رمضان، من دون أن يستطيعوا شراء احتياجاتهم، وليس لديهم المال، ولا أجرة المواصلات للوصول للعمل، وبعضهم لم يتمكن من تسجيل أبنائه في الجامعات».

واستمرت الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة، رغم طلب فياض من الدول العربية تسديد ما عليها من التزامات، في الاجتماع الاستثنائي للجامعة الذي عقد الأسبوع الماضي في مصر، بطلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمناقشة الأزمة.

وكان فياض طلب من الدول العربية ما قيمته 300 مليون دولار بشكل عاجل «لتجاوز عنق الزجاجة». وتبلغ المساعدات العربية المتفق عليها للفلسطينيين 330 مليون دولار كل ستة أشهر. ويقول فياض إن إجمالي ما تلقته السلطة الفلسطينية من مساعدات لعام 2011 بلغ 331 مليون دولار، منها 79 مليون دولار من الدول العربية، وهذا المبلغ الأخير لا يشمل الدعم الذي قدمته السعودية مؤخرا، وهو 30 مليون دولار.

ودعا مجلس الجامعة العربية الدول الأعضاء التي لم تف بالتزاماتها المالية المتعلقة بدعم السلطة الفلسطينية، إلى سرعة سداد المبالغ المستحقة عليها «حتى تتمكن السلطة من سداد رواتب الموظفين والوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني».

ولم تقدم الحكومة أي مواعيد لصرف رواتب الموظفين، غير أن وزير الاقتصاد، حسن أبو لبدة، قال إن هناك جهودا تبذل من أجل دفع راتب كامل لموظفي القطاع الحكومي قبل نهاية الأسبوع الحالي.

وتنتظر السلطة تلقيها عائدات المقاصة الفلسطينية التي يجبيها الجانب الإسرائيلي ويحولها للسلطة مع بداية كل شهر، ويزيد المبلغ على 100 مليون دولار. وتحتاج السلطة كل شهر إلى 150 مليون دولار تقريبا لدفع رواتب الموظفين. واضطرت الأزمة المالية السلطة إلى إعلان حالة تقشف. وأمس، أمر الرئيس الفلسطيني باقتصار الاحتفالات بحلول شهر رمضان على الشعائر الدينية. وقال أبو مازن في بيان «نحن نعيش في ظل ظروف مالية صعبة، مما يفرض علينا جميعا التحلي بأعلى درجات المسؤولية حيال أبناء شعبنا، ودفع فاقة العوز والحاجة عنهم». وأضاف «قررنا عدم إقامة حفلات الإفطار المعتادة بهذه المناسبة، باستثناء أسر وذوي الشهداء والأسرى والمعتقلين، ورصد وتوجيه أي جهود أو أموال باتجاه المحتاجين من شعبنا». وتابع «كما نهيب بمؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني هي الأخرى، الالتزام بإجراءات التقشف، وتوجيه دعمها وأعمالها الخيرية نحو دعم صمود شعبنا، وإعانته على مواجهة مصاعبه الاقتصادية، من خلال التبرع المباشر للمستحقين من فئاته الفقيرة والمعوزة، وقصر دعوات الإفطار وغيرها من مظاهر الاحتفاء بحلول الشهر المبارك على هذه الفئات فقط».

وفي السياق، طالب وزير الاقتصاد التجار بالاكتفاء بهامش ربح قليل خلال شهر رمضان المبارك، ومراعاة الأزمة المالية. وقامت وزارة الاقتصاد بتحديد أسعار 31 سلعة غذائية أساسية خلال الشهر.