سوريا تنزف.. مجزرة في حماه عشية رمضان.. والقتلى أكثر من 100

الجيش السوري اقتحم المدينة من 4 جهات فجرا.. وشبابها واجهوه بصدور عارية.. ودير الزور وحمص ومدن أخرى تتضامن

مظاهرة لنصرة أهل حماه في كناكر - حمص (شام الاخبارية)
TT

في يوم دامٍ يعيد ذكرى مذابح أليمة شهدتها مدينة حماه السورية، في أوائل الثمانينات، عاد الجيش وقوات الأمن السورية لتكرار المأساة، باقتحامهما فجر أمس المدينة التي تشهد توترا متصاعدا، وقتل ما لا يزيد على 100 حسب إحصائيات أولية، إضافة إلى عشرات الجرحى، فيما انتشرت الأجهزة الأمنية في المدينة، لتخرب الممتلكات العامة وتحرق الإطارات، وتعتقل العشرات من سكان المدينة. واقتحم الجيش السوري مدنا أخرى بينها دير الزور، وحمص وإدلب وقتل أكثر من 35 شخصا. وأعلنت عدة مدن تضامنها مع حماه وقطع متظاهرون الطريق الدولي المؤدي من حلب (شمال) إلى دمشق في عدة مناطق وخرج الأهالي للتظاهر في خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب في ريف إدلب. كما حدث إضراب عام في حمص تضامنا مع ما يحدث في حماه.

وأشرقت شمس حماه عشية حلول شهر رمضان على وقع قصف مدفعي عشوائي للمدينة أثناء اقتحام الدبابات من أربعة محاور، وحسب مصادر محلية فإن القصف المدفعي استمر نحو ساعة ونصف الساعة، ليبدأ بعدها إطلاق نار كثيف ومباغت مع اقتحام للأحياء بهدف إزالة الحواجز التي وضعها الأهالي لمنع دخول الجيش والأمن إلى الأحياء منذ نحو شهر. إذ كانت الأنظار تتجه إلى محافظة دير الزور التي تشهد عملية عسكرية وأمنية واسعة منذ يوم الجمعة. وبحسب مصادر حقوقية، فإن أكثر من 100 قتيل خلال ساعات نهار أمس وعشرات الجرحى سقطوا في حماه في أعنف عملية عسكرية شهدتها المدن السورية منذ بداية الأحداث، وأكثرها دموية، حيث لم تصل أرقام القتلى إلى مائة في يوم واحد.

وقال أحد سكان حماه لـ«الشرق الأوسط» إن عشرات القتلى والجرحى سقطوا أثناء دخول الدبابات إلى المدينة. وقال إن القصف وإطلاق النار كان عشوائيا، حيث سمعت في ساعات الصباح الأولى أصوات أسلحة ثقيلة.. وإطلاق رصاص، كما تم نشر قناصة على أسطح المباني الحكومية.

وقال أحد الشهود إن الأهالي الذين يقيمون حواجز على مداخل الأحياء أحرقوا إطارات لمنع تقدم الأمن. وحول المصابين والقتلى قال شهود عيان إن قوات الأمن كانت تطلق النار على المصابين والمسعفين على أبواب المستشفيات، لا سيما مستشفى الحوارني، لمنع نقل المصابين إليه. وأن هناك حالة من الهلع تسود المدينة، وأن الشباب ينزلون إلى الشوارع ويتحدون الآلة الحربية بصدور عارية.

من جانب آخر، قال مصدر رسمي إن قوات حفظ النظام اشتبكت مع «مسلحين بعدما أطلقوا النار باتجاهها عندما حاولت إزالة حواجز بالمدينة»، وإن عنصرين من قوات حفظ النظام «استشهدا برصاص مجموعات مسلحة في حماه». واتهمت السلطات «مجموعات مسلحة» بإحراق مخافر الشرطة والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وأقامت الحواجز والمتاريس وأشعلت الإطارات في مداخل وشوارع المدينة، وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «وحدات من الجيش تعمل على إزالة المتاريس والحواجز التي نصبها المسلحون في مداخل المدينة». إلا أن ناشطا من المدينة قال إن «النظام السوري اتخذ منذ عدة أسابيع قرارا بتوجيه ضربة قاضية لحماه، وإن زيارة السفير الأميركي روبرت فورد إلى حماه أجلت هذه الضربة». وأضاف أن «النظام سارع إلى تسديدها قبل شهر رمضان للحد من المظاهرات المحتمل خروجها بكثافة في حماه خلال شهر رمضان».

وقالت مصادر محلية تعليقا على مشاهداتها يوم أمس لتصرفات الأمن والجيش «واضح جدا أنهم كانوا يقومون بأعمال انتقامية ردا على التظاهر وردا على أهالي حماه الذين شتموا الرئيس والمحافظ خلال جلسة أرادها المحافظ للقاء مع بعض الفعاليات في المدينة». وفي التفاصيل قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «المحافظ أنس ناعم وخلال أحد اللقاءات مع الأهالي كان يردد بين جملة وأخرى أن الرئيس قال له كذا وقال له كذا ما استفز أحد الحضور لينهض ويكيل الشتائم للمحافظ وللرئيس». وتتابع المصادر «غالبية أهالي حماه كانوا على يقين أن النظام لن يسكت عن الإهانات والتهم التي يكيلها أهالي حماه للنظام ورأسه في كل المظاهرات».

من جهة ثانية، ذكر رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي أن «100 مدني قتلوا في حماه برصاص قوات الأمن التي رافقت الجيش لدى اقتحامه المدينة». وأضاف ريحاوي أن «خمسة أشخاص قتلوا برصاص الأمن في عدة أحياء من حمص خرج أهلها للتظاهر نصرة لمدينة حماه». كما أشار ريحاوي إلى «مقتل 3 أشخاص في ريف إدلب بينهم شخص من بنش وشخص من سرمين وآخر في سراقب»، عندما خرج أهلها للتظاهر احتجاجا على ما يجري في حماه.

من جهته أكد رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان «مقتل 19 شخصا في دير الزور (شرق) و6 أشخاص في الحراك (جنوب) وشخص في البوكمال (شرق)». كما انتشرت القناصة فوق الأسطح في مدينة دير الزور بحسب رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان الذي أوضح أن «أغلب الإصابات كانت في الرأس والعنق».

من جهته أعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن «شخصين قتلا في بلدة صوران (ريف حماه) وجرح العشرات عندما أطلق رجال الأمن النار على الأهالي الذين خرجوا للتظاهر إثر سماعهم الأنباء عن حماه».

وتحاول السلطات السورية إخضاع حماه التي اقتحمها الجيش من مداخلها الأربعة بعد أن شهدت أضخم المظاهرات ضد النظام السوري. وأكد مدير المرصد أن «أكثر من 500 ألف شخص شاركوا الجمعة في المظاهرة التي جرت في ساحة العاصي وسط مدينة حماه (وسط)»، مشيرا إلى أن «الشيخ الذي أم الصلاة في الساحة دعا إلى رحيل النظام الذي يحكم سوريا منذ 41 عاما وإلى نبذ الطائفية والتمسك بالوحدة الوطنية».

وقد أقيل محافظ حماه السابق أحمد خالد عبد العزيز في الثاني من يوليو (تموز) الماضي، بمرسوم رئاسي غداة مظاهرة شارك فيها أكثر من 500 ألف شخص دعوا إلى إسقاط النظام. ومنذ 1982 باتت حماه رمزا، في أعقاب القمع العنيف لتمرد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة ضد الرئيس الراحل حافظ الأسد والد الرئيس بشار الأسد والذي أسفر عن 20 ألف قتيل.

وذكر مدير المرصد أن «تم قطع الطريق الدولي المؤدي من حلب (شمال) إلى دمشق في عدة مناطق وخرج الأهالي للتظاهر في خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب في ريف إدلب». وأضاف مدير المرصد أنه «سمع صوت إطلاق الرصاص في محيط أحياء البياضة ودير بعلبة والخالدية في حمص»، مشيرا إلى أن «الاتصالات قطعت عن هذه الأحياء». كما أشار إلى «حصار كامل للمنطقة وإضراب تام في السوق تضامنا مع ما يحدث في حماه».