معارضون سوريون: أحداث حماه «تحد مضاد» بين الشعب ونظام بشار

مأمون الحمصي: ما حذرت منه على صفحات «الشرق الأوسط» حدث بالأمس

محتجون في نيقوسيا بقبرص يحملون صورة لأركان النظام السوري معلقة على مقصلة خلال احتجاجات أمس بالعاصمة القبرصية (أ.ف.ب)
TT

اتفقت آراء عدد من المعارضين السوريين في الداخل والخارج على أن ما شهدته مدينة حماه السورية بالأمس هو محاولة من جانب نظام الرئيس بشار الأسد لإحباط احتمالات المشاركة الواسعة في الانتفاضة السورية، بعد دعوات التظاهر في المدن السورية عقب صلاة التراويح بشكل يومي خلال شهر رمضان.

من جانبه، فسر المعارض البارز، ياسين حاج صالح الاستخدام المفرط للقوة من قبل النظام السوري في حماه بأنه محاولة كبيرة وغاشمة لإحباط احتمالات المشاركة الواسعة في الانتفاضة السورية قبل رمضان. وقال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف «الرسالة واضحة هدفها الترويع والإرهاب، النظام يريد ترويع أكبر عدد ممكن من السوريين ومنعهم من المشاركة في المظاهرات في رمضان»، مضيفا «الرسالة استهدفت بؤر الاحتجاجات الواسعة في الفترة الأخيرة مثل حماة ودير الزور والمعظمية، ولكنها رسالة لعموم الشعب السوري».

ويرى حاج صالح أن النظام السوري ليس لديه الآن سوى الحل الحموي (في إشارة إلى مذبحة حماه 1982) لتعدد بؤر الاحتجاجات الواسعة كذا نوعية مطالب الشعب السوري التي وصفها بأنها ليس عليها أي طابع آيديولوجي، مستبعدا أن يصل الأمر في حماه للوضع الذي حدث في عام 1982، حيث فند ذلك قائلا: «من الصعب جدا أن تتكرر المجزرة التي حدثت من قبل، فالتغطية الإعلامية تصنع الفارق برأيي».

وأوضح حاج صالح أن الرسالة أيضا مفادها واضح للسوريين بأن النظام لا حدود له في القتل، قائلا: «النظام قالها عبر صواريخه اليوم، لا توجد هناك حدود نتوقف عندها في القتل، ولا نتهيب سقوط أكبر عدد ممكن من الشهداء».

وندد حاج صالح بدور المجتمع الدولي الذي يقف صامتا إزاء ما يحدث وهو ما فسره قائلا «القوى الدولية تخشى التغيير في سورية، لأنها لا يمكن حصر متغيراته، فهي تفضل استمرار النظام ولو على جماجم الشعب السوري».

ولا يتوقع حاج صالح أن تؤثر استمرار المذابح على صمود الانتفاضة لفترة أطول قائلا: «لن يفيد النظام أن يقتل هذا العدد الكبير من المدنيين، فالقضية السورية قضية عادلة ولن يتنازل عنها الشعب السوري»، معتبرا أن جل ما يحدث بحماه الآن هو تحد مضاد بين الشعب والنظام السوري. وكشف صالح عن تزايد عدد المفقودين الذين لا يدرك أهاليهم مكانهم إلى حد الثلاثة آلاف معتقل، بالإضافة إلى المعتقلين الذين قال إن عددهم وصل إلى 13 ألف معتقل.

أما النائب السابق في البرلمان السوري ومنسق تجمع أبناء الجالية السورية بالقاهرة محمد مأمون الحمصي، فقال: «حذرت منذ أيام على صفحات (الشرق الأوسط) أن المرحلة المقبلة في عمر الثورة هي الأخطر، وبالفعل حدث أمس ما حذرت منه، فهناك مقدمات مهدت لذلك، على رأسها زيادة الدعم الإيراني للنظام السوري وتخصيص المرشد الإيراني علي خامنئي مبلغ ستة مليارات دولار لدعم نظام بشار الأسد، إلى جانب وجود أشكال جديدة من الإرهاب يمارسها النظام ضد الشعب الأعزل، وزيادة حدة الحملات العسكرية على المدن السورية».

ويؤكد الحمصي أن الخطر لا يزال قائما، لأن تحركات الجيش والاستخبارات تؤكد أن هناك نية مبيتة، فقبل أن يبدأ شهر رمضان الكريم يريد النظام أن يبيد الثورة السورية.

ويتساءل الحمصي: «كيف يمكن أن يقضي الشعب السوري شهر رمضان وسط تلك الأحداث والظروف والدماء المراقة، في وحشية لم يشهدها التاريخ سوى في جرائم النازية والفاشية؟».

وقال النائب السابق، إن «صمت العالم أعطى ضوءا أخضر لبشار ورجاله للاستمرار في جرائمهم الوحشية، وإن هذا الصمت سواء أكان من دول أو أحزاب أو قوى أو شخصيات تجاه ما يحدث من مجازر، لن يعني سوى أنه غطاء للممارسات والمجازر التي ترتكب في سوريا إن لم يكن مشاركة غير مباشرة في الجريمة». ويوضح المنسق العام للقوى الوطنية السورية، ثائر الناشف، لـ«الشرق الأوسط» أن ما جرى فجر أمس فاجأ الجميع وروع الأهالي في المدن السورية، فالنظام السوري غدر بأهالي حماه بعدما رفعوا الحواجز والسواتر الترابية التي أقاموها لمنع احتياج المدينة قبل شهر، وسبب إزالتها أن أهالي المدينة تلقوا تطمينات بعدم الاجتياح في شهر رمضان من خلال رسائل مزورة أرسلها النظام لبعض الأهالي، فقام الأهالي بإزالة هذه الحواجز للتواصل مع ريف حماه، خاصة مع حلول شهر رمضان الذي يفرض عليهم التحرك لأنهم كانوا في سجن كبير بعد أن منعتهم الحواجز من الخروج.

وأوضح الناشف أن إزالة الحواجز ليست السبب الوحيد لاختيار توقيت الهجوم على المدينة، فالتوقيت جاء قبيل حلول شهر الصيام الذي يحمل الكثير من الحماس ولما له من قيم ومعان روحية، وبالتالي خشي النظام من اجتذاب فئات جديدة للثورة ضده في هذا الشهر، مضيفا أن المظاهرات اليومية بعد التراويح التي دعا لها شباب الثورة طوال الشهر المبارك ستجعله محاصرا من هذا الزخم الذي ستخرج به.

ويؤكد منسق القوى الوطنية السورية أن ما خشي منه النظام من اجتذاب فئات جديدة حدث بالفعل أمس، فوحشية الاجتياح ونتيجة العملية العسكرية على حماه وغيرها من المدن كشفت وجه النظام أمام كثير من المواطنين كانوا على الحياد، غير مؤيدين للثورة أو النظام، حيث بدأت أعداد كبيرة من السوريين الذين كانوا يصدقون الإصلاح وما يروجه النظام أن هناك مؤامرة على سوريا، تغير موقفها وباتوا منذ الأمس جزءا من الثورة ضد بشار ورجال نظامه، مضيفا: «هذا التغير في المواقف لمسته بشكل شخصي من خلال عشرات المكالمات الهاتفية التي تلقيتها من داخل سوريا بالأمس، كما أن هذا التغير لم يكن على مستوى المواطن السوري فقط، بل على مستوى الجيش أيضا، فهناك انشقاقات واسعة في صفوف الجيش بعد أن غيروا مواقفهم نتيجة قصف الأحرار».