الأسد الأب سحق انتفاضة «الإخوان المسلمين» في الثمانينات... والابن يسير على خطاه في مدينة حماه

كركوتي لـ«الشرق الأوسط»: الهجمة الوحشية للنظام تؤكد خشيته من الثورة الشعبية الآخذة في التصاعد

تشييع خالد بارودة في حماه
TT

واصلت الدبابات السورية أمس قصف وسط مدينة حماه (تبعد نحو 210 كيلومترات شمال دمشق)، مما أسفر عن مقتل أربعة مدنيين، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» عن شاهدي عيان أمس. ويأتي ذلك بعد يوم من إعلان جماعات حقوقية سورية أن قوات الأمن قتلت 80 شخصا في المدينة، في أحد أدمى الأيام في الانتفاضة الشعبية المندلعة في سوريا منذ خمسة شهور ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد.

وفيما اعتبرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «الجيش دخل حماه لتطهيرها من جماعات مسلحة كانت ترهب المواطنين»، فقد أعادت مشاهد الدمار والجثث وروائح الدم والدخان المنبعثة في أنحاء المدينة تذكير السوريين والعالم بمشاهد من المجزرة التي تعرضت لها حماه في مطلع الثمانينات على يد الرئيس الراحل حافظ الأسد، على خلفية سعي جماعة «الإخوان المسلمين» إلى الإطاحة بحكمه.

ولاقت وحشية النظام السوري في حماه مواقف مستنكرة وإصرارا على مواصلة التحركات حتى تحقيق الأهداف المرجوة منها. وفي هذا السياق، اعتبر عضو المكتب التنفيذي للمؤتمر السوري للإنقاذ (أنطاليا) محمد كركوتي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهجمة الوحشية الجديدة التي تقوم بها قوات من الجيش والفرق الخاصة والمرتزقة في سوريا ضد الشعب السوري ستعمل على تقليص جديد لبقاء السفاح بشار الأسد في السلطة». وقال: «تؤكد هذه الهجمة مجددا خشية السلطة (التي فقدت حتى توصيف النظام)، من الثورة الشعبية السلمية العارمة، التي تعم سوريا، والآخذة بالتصاعد كلما تصاعدت وحشية وقمع السلطة».

وشدد كركوتي على أن «اقتحام الدبابات بدون إنذار لمدن حماه والبوكمال ودير الزور وغيرها، وقيام القوات البربرية المساندة لها بعمليات قتل عشوائية نالت من الأطفال قبل الرجال، يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات، ليس فقط لحماية المدنيين العزل في سوريا، بل أيضا لحماية القيم الإنسانية، التي يزدريها سفاح سوريا منذ اليوم الأول للثورة».

وجدد كركوتي التأكيد على أنه «لا مكان لسلطة الأسد وعصابته في سوريا، وهو لم يكتسب شرعية أصلا لكي يفقدها»، مشددا على «ضرورة حماية هذه الثورة المجيدة، التي انطلقت من أجل حرية سلبت منذ قرابة خمسة عقود من الزمن». وطالب باسم «المؤتمر السوري للتغيير» بمحاكمة بشار الأسد وأعوانه على الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب السوري»، ولفت إلى أن «أي حوار مع هذه السلطة البربرية، ليس سوى محاولة لقتل إرادة شعب بأكمله»، مناشدا «الدول العربية الوقوف إلى جانب هذا الشعب، الذي يسعى إلى دولة ديمقراطية مدنية، تكفل الحقوق والواجبات لكل لفرد فيها، وفق مفهوم التعددية».

وأعرب كركوتي عن اعتقاده بأن «ما مارسه المجتمع الدولي من ضغط على هذه السلطة، لا يرقى إلى مستوى المجازر التي ترتكبها، ومن واجب المجتمع الدولي الآن، أكثر من أي وقت مضى، أن يستكمل عزل الأسد، مع التأكيد على رفض التدخل الخارجي في سوريا».

وتعود معاناة مدينة حماه، (وهي رابع أكبر مدينة سوريا وتقطنها أغلبية سنية قوامها 700 ألف نسمة) مع نظام الأسد الأب إلى عام 1982، مع سعي جماعة «الإخوان المسلمين» أواخر السبعينات إلى الإطاحة بالرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد وحكومته عن طريق اغتيالات سياسية وحرب عصابات. وبعد نصبها في فبراير (شباط) عام 1982 كمينا لقوات حكومية كانت تبحث عن معارضين في حماه، هاجمت قوات حكومية سورية المدينة وأزالت أحياء قديمة فيها في محاولة لسحق الانتفاضة المسلحة لجماعة الإخوان المسلمين التي احتمت في المدينة.

واستمرت العملية ثلاثة أسابيع، تراوح عدد القتلى خلالها بين عشرة آلاف وأكثر من 30 ألفا من إجمالي عدد السكان الذي بلغ حينها 350 ألفا. واعتقلت السلطات السورية بعد ذلك الكثير من أعضاء الجماعات الإسلامية المحلية.