قيادي في التحالف الوطني يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن دعم مالي عراقي لسوريا

قال إن المالكي وافق على دفع 10 مليارات دولار لدمشق بأوامر إيرانية

TT

كشف مصدر بارز في التحالف الوطني العراقي المؤتلف مع كتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية، عن أن «إيران ضغطت على حلفائها في بغداد من أجل دعم السلطات السورية بمبلغ 10 مليارات دولار»، مشيرا إلى أن «المالكي رضخ لهذا المطلب الإيراني وقام بالفعل بدعم الرئيس السوري بشار الأسد ماديا».

وأضاف المصدر القيادي في التحالف الوطني، الذي يضم أحزابا شيعية مدعومة من قبل إيران، وهي المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وحزب الفضيلة الذي يتزعمه جمال عبد الزهرة (وكالة) وتيار الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري، قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس: «إن السفير الإيراني في بغداد، حسن دنائي فر، نقل رسائل شفوية من مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي، والجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، إلى قادة التحالف الوطني، كل على حدة، تتضمن ضرورة دعم الرئيس السوري ماديا وبمبلغ حدده بـ10 مليارات دولار»، مشيرا إلى أن «الطلب الذي جاء بصيغة أوامر قد وافق عليه المالكي باعتباره رئيسا للحكومة العراقية».

وكشف المصدر أن «بعض أعضاء التحالف الوطني أبدوا اعتراضاتهم على قيمة المبلغ وليس على مبدأ مساعدة الرئيس الأسد، لكن السفير الإيراني أبلغهم بأنه غير مخول بمناقشة الموضوع، وأن مهمته هي نقل صيغة الرسالة الصادرة من جهات دينية وسياسية إيرانية عليا»، منبها إلى «إننا في التحالف الوطني نعاني من الإحراج كون الشعب العراقي يعاني من أزمات اقتصادية حادة بينما نوافق على دفع مبلغ 10 مليارات دولار لإنقاذ الرئيس السوري من محنته بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليه».

وكانت اللجنة الخماسية الإيرانية المكلفة متابعة الملف العراقي، التي يشرف عليها مرشد الثورة الإسلامية خامنئي، قد اتخذت جملة إجراءات من شأنها تسخير الإمكانيات العراقية لدعم النظام السوري، وحسب المصدر القيادي في التحالف الوطني، فإن «السفير الإيراني قد أوجد للتحالف الوطني صيغة مناسبة لدعم النظام السوري، بحيث تدفع الأموال باعتبارها ضمن الاتفاقيات الاقتصادية التي تم إبرامها وتفعيلها بين بغداد ودمشق نهاية الأسبوع الماضي».

وكان وزير الاقتصاد والتجارة السوري، محمد نضال الشعار، قد اختتم الأسبوع الماضي زيارة إلى العراق التقى خلالها المالكي، رئيس الوزراء، كما التقى عددا من الوزراء العراقيين، ونتج عنها توقيع عدد من الاتفاقات الاقتصادية. وكان المالكي قد أكد خلال استقباله الوزير السوري، وطبقا للبيان الصادر عن مكتبه، «حرص الحكومة العراقية على تطوير التعاون التجاري والاقتصادي مع سوريا في المجالات كافة بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين».

من جهته نفى هاشم حاتم، مدير عام العلاقات الاقتصادية الخارجية في وزارة التجارة العراقية، «أن يكون العراق قد قام الآن بالذات بتوقيع المزيد من الاتفاقات مع سوريا في وقت تواجه فيه اضطرابات داخلية». وقال في تصريحات في وقت سابق من الأسبوع الحالي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاقات التي جرى التوقيع عليها الآن بين العراق وسوريا هي معظمها اتفاقات موجودة منذ سبعينات القرن الماضي، وكل ما جرى هو إعادة تفعيل بعضها وتوجيه البعض الآخر نظرا لتغيير السياسة الاقتصادية العراقية من الاقتصاد الموجه، كما كان معمولا به على عهد النظام السابق إلى اقتصاد السوق مثلما هو نهجنا الحالي».

وحسب المصدر القيادي في التحالف الوطني فإن «الحكومة العراقية أبرمت اتفاقيات جديدة وفعلت قديمة مع سوريا، بضمنها 3 اتفاقات في مجالات الصحة والتجارة والاستثمار، ودفعت مبلغ الـ10 مليارات دولار تنفيذا لإرادة إيرانية بحتة».

وحول تفاعل أزمة المالكي مع بقية الكتل المتحالفة معه ضمن التحالف الوطني أكد المصدر أن «المالكي يخشى أن تؤدي خلافاته مع حلفائه إلى تصدع التحالف، وبالتالي سيخسر معركة الاحتفاظ بمنصبه، ولهذا استعان بطهران للضغط على بقية الأطراف الشيعية للتحاور والالتزام بدعمه»، مشيرا إلى أن «سليماني عهد بسفيرهم في بغداد بالقيام بهذه المهمة».

وكشف المصدر أن «السفير الإيراني فر هو أحد الضباط البارزين في فيلق القدس وكان يعمل في حرس الثورة الإسلامية كمسؤول علاقات بين الحرس والأحزاب الشيعية المعارضة التي كانت في إيران وقد التقيته أنا شخصيا مرات عدة وقتذاك، وفي مرحلة التنسيق بين السلطات الإيرانية والمعارضة العراقية الذين يعرفهم فر شخصيا وبينهم المالكي الذي كان قد التقاه في طهران ودمشق وتربطهما علاقات وثيقة»، منبها إلى أن «هذا ما يبرر حرص المالكي على زيارة فر في المستشفى عندما تعرض قبل أسبوعين لحادث بسيط، إذ ليس من البروتوكول في شيء أن يزور رئيس الوزراء سفير دولة جارة، بل هذا من اختصاص دائرة العلاقات في وزارة الخارجية».

كما كشف القيادي في التحالف الوطني عن قيام وفد بزعامة قيادي في حزب الدعوة ومستشار بارز لدى المالكي بزيارة لإيران مؤخرا، مشيرا إلى أن «الوفد عاد من طهران حاملا مقترحات إيرانية لدعم نظام الأسد».

يذكر أن هناك مبالغ كبيرة تعود للحكومة العراقية مودعة في المصارف السورية لم يجري الحديث عنها خلال وجود الوفد التجاري السوري ببغداد مؤخرا، حيث اعتبر المراقبون أن هذه المبالغ ستبقى لدعم السلطات السورية حاليا.

من جهته، نفى خالد الأسدي، عضو مجلس النواب العراقي عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أن «يكون العراق قد دعم النظام السوري بمبلغ عشرة مليارات دولار»، معتبرا «هذا الكلام عاريا عن الصحة». وقال الأسدي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس «إن العراق بحاجة لأي مبلغ لإصلاح أوضاعه، فكيف يتبرع بعشرة مليارات دولار لسوريا، كما أن الحكومة السورية ليست بحاجة إلى أي مساعدات مادية»، مشيرا إلى أن «العراق يرتبط بعلاقات طيبة مع سوريا، فهي بلد جار والشعب السوري أشقاؤنا، ونتمنى لهم أن يتوحدوا وأن تبقى سوريا قوية».