لبنان: التوتر الأمني يعود للحدود الشمالية بعد إطلاق الجيش السوري النار باتجاه بلدة شمالية

غياب اهتمام الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بقضية النازحين ينذر بكارثة إنسانية

TT

تلقي أحداث سوريا بثقلها على مناطق لبنان الشمالية، وخصوصا القرى والبلدات الحدودية، بحيث لا يكاد يمر يوم من دون توترات أمنية وعسكرية. وفي جديد هذه التوترات ما كشفته أمس مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، عن «إطلاق عناصر من الجيش السوري ثلاث قذائف صاروخية باتجاه بلدة حنيدر اللبنانية الواقعة من الجهة الشرقية لمنطقة وادي خالد، أصابت إحداها منزل المواطن اللبناني خالد الأسعد، والثانية خزان المياه العائد للبلدة والثالثة سقطت في أحد الحقول. كما أتبعت هذه القذائف بطلقات نارية من رشاشات حربية متوسطة أصابت طلقاتها أربعة منازل في البلدة عينها من دون أن يؤدي ذلك إلى إصابات في الأرواح». وأشارت المصادر إلى أن «دورية تابعة للواء الثاني في الجيش اللبناني ودورية أخرى من القوة المشتركة المكلفة مراقبة وضبط الحدود، حضرتا إلى بلدة حنيدر على أثر وقوع هذا الحادث، وعاين أفرادهما مكان سقوط القذائف والطلقات النارية التي أتت من الجهة السورية ونظموا محضرا بما حصل».

وأعلن أحد أبناء وادي خالد، أحمد السيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «استهداف بلدة حنيدر من قبل الجيش السوري أثار الذعر لدى سكانها، لأن هذا الحادث ليس الأول بل سبقته عمليات إطلاق نار مماثلة على الأهالي»، مشيرا إلى أن «سكان المنازل المواجهة لمكان تمركز الجيش السوري أخلوها لساعات طويلة قبل أن يعودوا إليها». ولفت إلى أنه «بالتزامن مع إطلاق النار تجاوز جنود سوريون الحدود لنحو المائتي متر داخل الأراضي اللبنانية قبل أن يعودوا إلى مواقعهم».

إلى ذلك، بقيت القرى الحدودية اللبنانية مقصدا للنازحين السوريين الفارين بأطفالهم من هول ما يحصل في الداخل، عشية حلول شهر رمضان المبارك تمكن العشرات من السوريين من أبناء مدينتي حمص والقصير، وبلدات هيت، والبويت، والسماقيات من الوصول إلى بلدات وادي خالد وجبل أكروم اللبنانية، الأمر الذي يزيد من كثافة النازحين في هذه البلدات التي لم تعد بمنازلها ومدارسها تتسع للمئات منهم.

وفي هذا الإطار وصف مدير «المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان» المحامي نبيل الحلبي وضع النازحين السوريين، بأنه «مأساة إنسانية حقيقية مرشحة للتفاقم، في ظل غياب الاهتمام بهم سواء على مستوى الدولة أم على مستوى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة». وأكد الحلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «وضع النازحين في شمال لبنان بات بحاجة إلى تضافر جهود إنسانية كبيرة على مستوى دول وليس على مستوى مؤسسات وجمعيات وهيئات محلية». وقال «طلبنا من منظمة إنمائية تركية أن تساعدنا وتزودنا بخيام لإيواء اللاجئين فيها فوافقت على تقديم ألف خيمة، إلا أن مفوضية اللاجئين أبلغتنا أن الحكومة اللبنانية لا توافق على استقدام هذه الخيام، لأن لا رغبة لديها بجعل لبنان ملاذا للاجئين، وهذا يعود للاعتبارات السياسية التي تتحكم بهذه الحكومة». وقال الحلبي «حاولنا الحصول على مساعدة من الدولة اللبنانية، غير أن وزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة العليا للإغاثة طلبتا لوائح بالأسماء كاملة، لكن النازحين رفضوا إعطاء هذه اللوائح خوفا من تسريبها إلى السلطات السورية، والمؤسف أن حكومتنا (اللبنانية) تعتبر أن أي موقف تتخذه بشأن اللاجئين قد يترجم في (المواقف) السياسية». ونبه الحلبي من «كارثة إنسانية حقيقية قد تحصل بعد شهر رمضان المبارك، لأن المدارس التي تؤوي النازحين حاليا ستعود لاستقبال تلامذتها مع بداية العام الدراسي، وهذا يعني أن مئات العائلات ستصبح بالعراء ولن تجد ما يقيها ويقي أطفالها، فضلا عن أن مئات الأولاد السوريين محرومون من التعليم بسبب هجرتهم القسرية».