اختبار رخيص وسريع يكشف عن مرض نقص المناعة يلقى رواجا كبيرا

يعتبر الأول من نوعه في العالم

تظهر نتائج الفحص في غضون 20 دقيقة فقط («واشنطن بوست»)
TT

كشف باحثون، أول من أمس، عن نجاح التجارب الميدانية لجهاز «معمل على رقاقة»، وقدرته على الكشف بدقة عن مرض نقص المناعة المكتسبة والزهري في العينات التي تم فحصها في رواندا.

ظهرت نتائج فحص عينات الدم التي وضعت على أجهزة بلاستيكية رقيقة أشبه ببطاقات الائتمان، في غضون 20 دقيقة فقط، وهو ما يجعل هذا النوع من الاختبارات وسيلة أكثر سرعة وسهولة وأقل تكلفة لاكتشاف الأمراض المعدية التي تنتشر في الدول النامية، بحسب التقرير الذي نشرته مجلة «ناتشر ميدسين».

ويقول دوريس روسي، نائب رئيس شركة «ار تي اي إنترناشيونال» ومقرها ولاية كارولينا الشمالية، المتخصصة في تكنولوجيات الصحة العالمية، لكنها لم تشارك في الدراسة: «هذه خطوة كبيرة. المثير بشأن هذا الجهاز هو أنه غير معقد ويسهل استخدامه ولا يتطلب الكثير من البنية التحتية أو التدريب».

هناك الكثير من اختبارات نقص المناعة القليلة التكلفة، التي تقدم النتائج خلال 30 دقيقة متوافرة منذ وقت بعيد، لكن الكثير منها يعتمد على وسيلة عتيقة مستخدمة منذ عقود وتدعى التدفق الجانبي، حيث تأخذ عينة من الدم أو اللعاب لتوضع على شريحة من الورق، ويظهر شريط ملون، كما هو الحال في اختبارات الحمل، يمكن من خلال اكتشاف ما إذا كان الشخص مصابا بالعدوى.

لكن رغم إثبات بعض اختبارات التدفق الجانبي موثوقيتها في اكتشاف الكثير من الأمراض وأنواع من العدوى، يمكن القيام بهذا الاختبار بدلا من ذلك خارج المعمل وبنفس المميزات وحساسية الاختبار، عوضا عن اعتماد الكثير من الأفراد في الدول النامية على التحاليل المعملية المضيعة للوقت، بحسب روزانا بيلنغ، باحثة التشخيص في كلية لندن لطب المناطق الاستوائية والصحة الشخصية، التي لم تشارك في الدراسة.

أظهرت اختبارات جهاز «معمل على رقاقة» دقة بلغت 100 في المائة في الكشف عن حالات نقص المناعة المكتسبة، وحالة تفاعل إيجابي كاذب واحدة من بين 70 في المائة من العينات الإجمالية بحسب التقرير. ولدى إجراء الاختبار الثنائي الخاص بنقص المناعة المكتسبة والزهري، أثبت الرقاقة دقة كاملة بالنسبة لنقص المناعة و94 في المائة بالنسبة لحالات الزهري، في الوقت الذي ارتفعت فيه حالات التفاعل الإيجابية الكاذبة إلى 4 حالات من بين 67 في المائة من إجمالي العينات التي تم فحصها.

وإجمالا فقد أثبت الاختبار نجاحا في البيئات الصعبة ذات البنية التحتية الضعيفة، بحسب صامويل سيا، أحد مؤلفي الدراسة وأستاذ الهندسة الطبية الحيوية في جامعة كولومبيا، الذي قال: «اعتمدنا على ما اعتبر في الماضي فكرة نظرية وأظهرنا أنه يمكن القيام بها ميدانيا».

قام سيا باختبار الجهاز في رواندا حيث يوجد ثلاثة ملايين مصاب بمرض نقص المناعة المكتسبة، بحسب منظمة الصحة العالمية. حاليا يجب على كل مواطني مدينة مثل كيغالي تقديم عينات الدم إلى المستشفى المحلي الذي يرسل العينات بدوره إلى المعمل الوطني من أجل تحليلها. انتظار النتائج قد يتطلب أياما أو أسابيع، لكن الرقاقة التي يمكن استخدامها في المستشفى قادرة على اكتشاف الإصابات بأمراض نقص المناعة والزهري في غضون 20 دقيقة.

وبحسب سيا فإن الرقاقة قادرة على اكتشاف فيروسات بي وسي والفطريات والسيلان والمتدثرة - عدوي عادة ما توجد في توليفة مع نقص المناعة المكتسبة - ولديه عدد محدود من الاختبارات الرخيصة والموثوقة المتوافرة. ويمكن اكتشاف جميع أنواع العدوى على جهاز واحد في نفس الوقت وبكمية قليلة من الدماء، لا تتعدى جزءا من قيمة الوخز بالإبرة.

الرقاقة، التي أطلق عليها فريق البحث «ميتشيب»، أرخص بكثير من اختبارات التدفق الجانبي، ويقدر سيا تكلفة الجهاز بنحو 2 إلى 3 دولارات، في الوقت الذي يتكلف فيه اختبار التدفق الجانبي أكثر من أربعة دولارات ويفتقر إلى القدرة على اكتشاف أكثر من نوع من الأمراض. أضف إلى ذلك أن غالبية اختبارات التدفق الجانبي تتطلب تفسيرا، لكن سيا يطور جهاز قراءة منفصلا - أشبه ببطاقة «إيه تي إم»، الجهاز الذي بحجم بطاقة ائتمان على الرقاقة - يمكن أن يوفر تشخيصا سريعا خلال ثوانٍ.

وكتب غوتفريد هيرنشال، مدير قسم نقص المناعة المكتسبة، في رسالة بريد إلكتروني بأن منظمة الصحة العالمية «ترحب بهذا التطور في تكنولوجيا الاختبار»، مضيفا أن هذه الأجهزة «ستكون مفيدة على نحو خاص في منع انتقال أمراض نقص المناعة المكتسبة والزهري من الأمل إلى الأطفال من خلال العلاجات المبكرة».

ويجري شيفا غودار، الباحث في كلية جواهرلال نهرو الطبية في الهند، هذه الاختبارات على السيدات الحوامل المصابات بمرض نقص المناعة، مشيرا إلى أن الكثير من المرضى يعيشون على بعد ساعة أو ساعتين من المراكز الصحية، حيث يتم جمع عينات الدم، وقد يستغرق الحصول على النتائج يومين.

يشير غودار إلى أن الجهاز الجديد يمكن أن يستخدم من قبل رجال الإسعاف داخل القرية ذاتها، والقيام بهذا الاختبار في الأماكن التي تتراجع فيها الرعاية الصحية وعدم القدرة على نقل عينات الدم. وسوف يقدم ميزة هائلة على ممارسات الاختبارات الحالية.

وقدم سيا اختبار الرقاقة في منافسة تكنولوجية لرعاية الأمومة والطفولة الأسبوع الماضي في واشنطن، أقيمت برعاية وكالة المعونة الأميركية، ومؤسسة «غيتس»، وآخرين، تحت عنوان «أنقذوا أرواحا عند الولادة». وسوف يوزع المؤتمر جوائز بقيمة 14 مليون دولار على مشروعات متعلقة بالأمومة والطفولة. ويعتبر مشروع سيا واحدا من بين 18 مشروعا مرشحا للحصول على عدد غير محدود من المنح بنهاية عام 2011.

يشير سيا إلى أن التمويل ضروري لمزيد من التطوير للجهاز، وعدم رغبة الشركات في توزيع الجهاز قد يعوق الاختبار من الوصول إلى غايته خلال عامين أو ثلاثة على الرغم من الحفاوة التي قوبل بها الجهاز في دوائر الصحة العالمية. وأضاف: «التحدي الذي يواجهنا الآن يتمثل في كيفية الانتقال من الدراسة الأكاديمية إلى توزيع الجهاز في المناطق الفقيرة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»