إيطاليا تستدعي سفيرها من دمشق للتشاور والاتحاد الأوروبي يبقي سفيره «لمراقبة ما يحدث»

وزير ألماني يدعو الدول العربية لفرض عقوبات ضد نظام الأسد

TT

أكد الاتحاد الأوروبي أن قرار سحب السفراء الأوروبيين من دمشق هو قرار يعود لكل دولة من الدول الأعضاء ولا تتدخل المؤسسات الاتحادية في هذا الصدد، وذلك بعد أن استدعت إيطاليا سفيرها من دمشق ودعت الدول الأوروبية الأخرى إلى اتخاذ خطوة مماثلة، في نداء لم يحصل على تجاوب من لندن وباريس والعواصم الأوروبية الأخرى.

وأعلنت الخارجية الإيطالية، في بيان أمس، أن روما استدعت سفيرها لدى سوريا للتشاور «إزاء القمع الفظيع للسكان المدنيين». وقال البيان: «إن «وزير الخارجية فرانكو فراتيني أصدر تعليمات إزاء القمع الفظيع للسكان المدنيين في سوريا باستدعاء سفيرنا في دمشق أكيلي أميريو للتشاور». وأضاف البيان أن «إيطاليا اقترحت استدعاء سفراء كل دول الاتحاد الأوروبي في دمشق». غير أن المتحدث باسم وزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أكد أنه لن يتم استدعاء سفير الاتحاد في دمشق. وقال المتحدث مايكل مان: «إن سفيرنا سيبقى في دمشق لمراقبة ما يحدث على الأرض».

كما أوقفت إيطاليا برامج التعاون التي كانت سارية مع سوريا، بحسب وزيرة الدولة للشؤون الخارجية، ستيفانيا كراكسي، في كلمة أمام مجلس النواب. وأوضح الخبير في مؤسسة الشؤون الدولية في روما، ناتالينو رونزيتي، أنه بالنسبة إلى إيطاليا «هذا موقف اتُّخذ بغياب بديل للتدخل بطريقة أخرى». وتابع: «إن غياب المبادرات يعود إلى ضرورة الحصول على تفويض من الأمم المتحدة للتحرك ولا أحد يريد التدخل بهذه الطريقة».

من جهتها، أعلنت بلجيكا تخصيص مبالغ مالية لمساعدة النازحين السوريين الذين عبروا الحدود إلى شمال لبنان بحثا عن ظروف حياة أفضل وهربا من أحداث العنف. وخلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر المفوضية الأوروبية ببروكسل، أمس، أكد مايكل مان، المتحدث باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، أن الاتحاد سيبقي حاليا على رئيس بعثته العاملة في دمشق. وأضاف: «لقد سمعت الأنباء التي تناولت قرار روما استدعاء سفيرها من دمشق وهو ليس قرارا عاما، وإنما قرار يدخل في صلاحيات الدول الأعضاء، ونحن لا نتدخل في مثل هذه القرارات، أما عن وجود رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في دمشق فسيبقى يؤدي مهمته، ويتابع الوضع هناك».

وأشار مسؤولو الاتحاد الأوروبي إلى أن الوجود الدبلوماسي الأوروبي في دمشق «مهم»، من أجل متابعة الأوضاع وإيصال الرسائل والمواقف الأوروبية للمسؤولين هناك. ويفضل الاتحاد الأوروبي، حسب مصادره، الاستمرار في سياسته الحالية الرامية إلى تشديد الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام السوري، عبر العقوبات ودعم العمل الجاري في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يدين تصرفات السلطات السورية.

كان الاتحاد الأوروبي قد أصدر سلسلة عقوبات، كان آخرها الاثنين، نصت على تجميد أرصدة الكثير من الشخصيات الأمنية والسياسية السورية، وكذلك منع هؤلاء من الدخول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. كما طالت حزمة العقوبات الرابعة 5 شخصيات أمنية وعسكرية سورية يتم منعها من السفر إلى أوروبا وتجميد أموالها، وهم: وزير الدفاع علي حبيب محمود، والمسؤولون العسكريون والأمنيون محمد مفلح، توفيق يونس، محمد مخلوف وأيمن جابر، ومن بين هؤلاء من يرتبط بصلة قرابة بالرئيس السوري بشار الأسد.

في الإطار نفسه، قالت الخارجية البلجيكية في بروكسل: إن الأسابيع الأخيرة شهدت نزوحا لما يقرب من 2500 شخص من سوريا إلى شمال لبنان هربا من الأحداث التي تشهدها الأراضي السورية حاليا، وإنه في إطار العمل على تقديم مساعدات لهؤلاء، قررت الحكومة البلجيكية تخصيص مبالغ مالية تصرف إلى كل من الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهي منظمات تقدم جهودا كبيرة من أجل ضمان المساعدات الطبية والدوائية ونقل المصابين.

وأضاف بيان للخارجية البلجيكية أن الأشخاص الذين هربوا من سوريا إلى شمال لبنان معظمهم من النساء والأطفال، والبعض منهم لجأ إلى عائلات لبنانية، والبعض الآخر جرت استضافته بإحدى المدارس في تل بير. ونقل البيان عن وزير الدولة البلجيكي أوليفيير شاستيل، المكلف بتنمية التعاون المشترك والمساعدات الإنسانية، قوله: «لا يمكن السكوت على معاناة هؤلاء الأشخاص الذين هربوا من بلادهم بحثا عن وضعية وظروف أفضل للحياة».

وفي برلين، تعالت أصوات تطالب الدول العربية بفرض عقوبات على النظام السوري، في وقت صدرت أيضا تحذيرات من اعتماد الحل العسكري في سوريا. وقال وزير الدولة في الخارجية الألمانية، فيرنر هوير، في تصريحات أمس للقناة الأولى في التلفزيون الألماني (إيه آر دي): «إنني أحذر من الزج بفكرة العملية العسكرية في مقدمة الاقتراحات». وذكر هوير أن الأزمة في سوريا تنطوي على مخاطر توسع النزاع، وأضاف: «لذلك ينبغي أن نكون حذرين جدا جدا». وقال هوير: إن المعارضة السورية أيضا طلبت عدم التحدث عن إجراءات عسكرية حتى لا ينشأ انطباع بأن المقاومة موجهة من الخارج.

من جانبه، طالب وزير التنمية الألماني ديرك نيبل بفرض عقوبات على النظام السوري بسبب ممارساته الوحشية ضد المتظاهرين. وقال نيبل، أمس، في مدينة زاربروكن، شرق ألمانيا: إنه ينبغي أن ينضم أكبر عدد ممكن من الدول لهذا الإجراء. وأضاف: «من المهم جدا بكل تأكيد أن يشارك في فرض العقوبات الدول العربية لتحجيم الديكتاتور (بشار الأسد)». وأكد الوزير الألماني أن «التصدي الوحشي من جانب الأسد ضد شعبه الذي يطالب بحقوقه المدنية الطبيعية غير مقبول»، مشيرا إلى أن بلاده أنهت تعاونها التنموي مع سوريا.

في سياق متصل، طالب حزب الخضر الألماني المعارض بمثول الرئيس السوري بشار الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظامه ضد شعبه. وقالت رئيسة الحزب كلاوديا روت، في برلين أمس: «حان الوقت لأن تتدخل المحكمة الجنائية الدولية لتقديم الأسد وغيره من المسؤولين للمحاكمة».

وأضافت: «المذبحة التي ينفذها النظام السوري ضد شعبه وحشية وإجرامية». وطالبت روت الأسد بوقف العنف ضد شعبه فورا والبدء في تسليم منظم للسلطة. ودعت روت مجلس الأمن إلى إدانة الجرائم الوحشية التي ترتكبها الحكومة السورية.