نائب رئيس الوزراء العراقي: عدم تنفيذ اتفاقية أربيل سيؤدي للتفكير بأسلوب آخر لإدارة العراق

شاويس لـ «الشرق الأوسط»: هناك من يستغل المظاهرات لتقويض العملية الديمقراطية وضربها في الصميم

روز نوري شاويس («الشرق الأوسط»)
TT

هذا الحوار كان مقدرا له أن يتم قبل أسبوع مع نائب رئيس الوزراء العراقي الدكتور روز نوري شاويس، لكن وفاة السيدة حمايل خان، والدة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، حالت دون إتمامه. وشاويس، بحكم تمثيله للرئيس بارزاني في بغداد، هو صانع للقرار السياسي في العراق.

ورغم دوره المحايد في الخلافات العاصفة بين قطبي السياسة العراقية، رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس القائمة العراقية إياد علاوي، وهما طرفا الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، فإن اتفاقية أربيل التي أوجدت الحكومة الحالية تؤهل شاويس للعب دور مهم في معالجة الأزمة من خلال تقريب وجهات نظر الأطراف المتنازعة، لذلك فإن الحديث معه لا بد أن يدلف إلى أدق التفاصيل المتعلقة بالأزمة الحالية. ولم يبخل شاويس على «الشرق الأوسط» بتشخيص أسباب الداء وطرق العلاج أيضا، ولم يتردد بالقول صراحة «إن ضمور الثقة بين مختلف الكتل سيؤدي إلى تعقيد المسائل البسيطة، وإذا لم توجد حلول مناسبة للأزمة الحالية فإن ذلك سيؤدي إلى الفرقة بين الكتل، لا سمح الله، وقد يؤدي إلى التفكير بأسلوب آخر لإدارة الوضع في العراق».. وفي ما يلي نص الحوار:

* الرئيس مسعود بارزاني تقدم بمبادرة فرجت أزمة تشكيل الحكومة العراقية، واليوم هناك أزمة سياسية أشد وطأة أساسها الخلافات حول اتفاقية أربيل.. ما هو أصل المشكلة وما أسبابها؟

- الاتفاقية كانت اتفاقية متكاملة أتت نتيجة جلسات مطولة ومناقشات وافرة ومستمرة، توصلنا بالنتيجة إلى مجموعة اتفاقات حول العديد من القضايا، توجت بموافقة القادة أولا في أربيل ثم في بغداد، وعلى أساس مبادرة بارزاني والاتفاقيات التي توصلنا إليها تم انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئاسة الوزراء، وتشكل مجلس الوزراء.. والهدف الأساسي من تلك المبادرة كان الخروج من الجمود الذي حصل بعد الانتخابات والوصول إلى تشكيل الحكومة العراقية التي أفرزتها الانتخابات النيابية. المبادرة توجت بالنجاح من خلال تشكيل الحكومة العراقية، لكن بالتأكيد كانت هناك نقاط محددة يستوجب حلها أو تحقيقها وقتا أطول من تشكيل الحكومة العراقية، أيضا ظل موضوع الوزارات الأمنية موضوعا غير ناجز حيث كانت هناك نقاشات كثيرة حوله.. حاليا نفذ قسم كبير من أوراق الاتفاق أو وضع على طريق التنفيذ، وبقيت مسائل أخرى مهمة لم تنفذ لإكمال موضوع حكومة الشراكة الوطنية وموضوع المشاركة الفعلية لكل الكتل المكونة للحكومة العراقية. من هذه النقاط أولا موضوع المجلس الوطني للسياسات العليا، وثانيا موضوع الوزارات الأمنية، وثالثا موضوع التوازن الدستوري الذي كان يجب أن يبدأ العمل به في مختلف الوزارات الاتحادية، وأيضا موضوع النظام الداخلي لمجلس الوزراء، هذه المواضيع أزف وقت تنفيذها وإلا فإن تنفيذ الاتفاقية سيبقى ناقصا.

* تأخير إنجاز هذه البنود في الاتفاقية يعزوه البعض إلى تراجع أطرافها عن الالتزام بمضامينها.. ما هي الجهة التي تراجعت عن الاتفاقية؟

- بعد تشكيل الحكومة العراقية عقدنا عدة لقاءات لممثلي الكتل الثلاث الكبيرة، التحالف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني، ونجم عن هذه اللقاءات الاتفاق على إرسال النقاط اللازمة التنفيذ من اتفاقية أربيل إلى الجهات المعنية، فما يخص مجلس النواب إلى مجلس النواب، وما يخص مجلس القضاء إلى مجلس القضاء، وما يخص الجانب التنفيذي إلى مجلس الوزراء، وبقيت هناك نقطتان أساسيتان هما مجلس السياسات العليا وموضوع الوزارات الأمنية. في ما يخص الوزارات الأمنية كان رأي ممثلي الكتل أن هذا الموضوع لن يحل إلا بجلوس القادة وتداول هذا الأمر بصراحة ووضع الأسماء المرشحة واختيار من يتفقون عليه لشغل هذه الوزارات، فكان هذا رأي اللجنة الثلاثية واللجنة الأكبر وبقية الاجتماعات التي حصلت كانت متفقة على ذلك، أما ما يخص مجلس السياسات فهناك نص بأن المجلس ينتخب من بين أعضائه أمينا عاما له، وفي غضون المناقشات ومجراها توصلنا إلى اتفاق على أن الأمين العام يتحول إلى رئيس للمجلس، وجرى الاتفاق على مسودة قانون هذا المجلس وكذلك الاتفاق على إرسال هذا القانون إلى البرلمان للمصادقة عليه كما هو متفق عليه، لكن الإخوة في «العراقية» طالبوا بأن يكون انتخاب رئيس المجلس من قبل مجلس النواب، لكن الإخوة في «التحالف الوطني» أصروا على أن الاتفاقية لا تشير إلى هذا الأمر، إنما تنص على أن المجلس ينتخب من بين أعضائه، ونحن تقدمنا بنفس المقترح وأن يصادق مجلس النواب عليه مثل أي مسؤول كبير في الدولة العراقية، وهذا مطلب قانوني ودستوري عندما يرشح أحد السادة إلى منصب مستشار أو قائد فرقة أو سفير أو وكيل وزير فالمفروض أن يحظى بثقة البرلمان ويصادق عليه، والإخوة في «العراقية» قبلوا هذا الاقتراح، لكن الإخوة في التحالف الوطني لم يقبلوا به وبقوا مصرين على رأيهم من الاتفاقية.

* بحكم وجودكم الفاعل في المباحثات بهذا الشأن، هل ترون في الأفق إشارة ما للوصول إلى حل توافقي للنقاط الخلافية؟

- بخصوص التنفيذ الكامل للاتفاقية المباحثات ما زالت جارية، وطرف «العراقية» ينتظر الاستجابة من «التحالف الوطني»، وإذا استمر هذا الإشكال فإن ذلك سيؤدي إلى الفرقة بين الكتل لا سمح الله، كما سيؤدي إلى التفكير بأسلوب آخر لإدارة الوضع في العراق.

* «العراقية» هددت مرارا بالانسحاب من العملية السياسية في حال استمرار الأزمة، وأنتم الكرد تقومون بدور توفيقي سواء بجهود الرئيسين بارزاني أو طالباني، أو من خلال جهودكم اليومية كممثل لرئيس إقليم كردستان.. هل تعتقدون أن القطيعة واقعة لا محالة؟

- الحقيقة أن المنطق والمصلحة العليا للبلد والشعور بالمسؤولية يجب أن تدفع المشاركين في العملية السياسية كافة إلى الخروج من عنق الزجاجة بحلول منطقية وواقعية تخدم العمل المشترك وتحقق مبدأ الشراكة الوطنية في العراق.

* ما هي الأسباب الحقيقية لاستمرار مشكلة الوزارات الأمنية؛ وما الدور الكردي في هذا المجال؟

- باختصار عدم الثقة، ونحن ككرد أو كأحزاب كردستانية خاصة الأخ مسعود بارزاني نحاول أن نبني الثقة ونقوي من ثقة الكتل إحداها بالأخرى، ونأمل أن يتحقق هذا الأمر من خلال تنفيذ ما اتفق عليه.

* بعد مرور سنة على تشكيل الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي ظهرت احتجاجات ومظاهرات عديدة في الفترة الأخيرة؛ ما موقفكم من تلك الاحتجاجات وكيف تقيمون أداء المالكي خلال هذه الفترة؟

- هذا سؤال مباشر يتعلق بتقييم شخص دولة رئيس الوزراء في عمله، أنا في الحقيقة لم أشاهد أي جانب سلبي في ما يخص تنفيذ الواجبات الحكومية، أو في اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، أو الالتزام بهذه القرارات.. العمل جار وفقا للنسق المعهود، ووفقا لما تعودنا على القيام به من واجبات في مجلس الوزراء.. بالتأكيد حق التظاهر أو وجود معارضة أو مطالبات جماهيرية حق مكفول دستوريا للشعب العراقي وفقا لقواعد الديمقراطية وطبقا لنصوص القانون، لكن يتعين علينا التمييز بين هذه التوجهات الإيجابية وبين من يريدون استغلال بعض جوانب القصور في ميدان الخدمات والأمن بغية الوصول إلى مقاصد أخرى تهدف إلى تقويض العملية الديمقراطية في العراق وضربها في الصميم.

* الملاحظ أنكم تتخذون موقفا محايدا في العديد من الخلافات التي تعصف بالقوى السياسية خاصة بين «العراقية» و«دولة القانون»، لكن هناك من يعتقد أنكم الكرد أقرب إلى «دولة القانون» والتحالف الشيعي لأسباب تفسرونها أنتم بأنها مرتبطة بعمق العلاقات النضالية، لكن اليوم أنتم طرف في عملية سياسية ديمقراطية تقوم على أساس التوافقات والتحالفات، فإلى أي الفريقين تنحازون أكثر؟

- نحن كأحزاب كردستانية ناضلنا ضد النظام البائد وكافحنا لعقود من أجل تحقيق الأهداف الديمقراطية والتحرر.. وفي سبيل ذلك قدمنا الكثير من التضحيات.. وفي مسيرة هذا النضال الطويل والمليء بالعبر والمآسي كنا نجد حولنا إخوتنا المناضلين العرب يحملون الهموم نفسها ويكافحون من أجل الأهداف نفسها.. وقسم كبير من هؤلاء الإخوة كانوا إما من الديمقراطيين العراقيين المعروفين تاريخيا أو من الإخوة الشيعة ومن أحزاب سياسية كالمجلس الأعلى والدعوة الذين عانوا الظلم والاضطهاد من الأنظمة المتعاقبة على حكم العراق.. ومن الطبيعي أن تكون علاقاتنا معهم وطيدة، وأن نكون قريبين من بعضنا بعضا.. ولا يخفى على أي مشاهد أيضا المصالح المشتركة المتراكمة بيننا.. هذا من جانب، لكن من جانب آخر وبحكم نتائج الانتخابات والعلاقات الودية مع بقية الأطراف الأخرى والعلاقات النضالية مع بعضها بعضا أصبح للأحزاب الكردية وضع خاص.. فالأحزاب الكردية لم تكن طرفا في الصراعات السياسية بين الكتلتين الكبيرتين اللتين فازتا في الانتخابات، فقد أصبح من الممكن أن يلعب الكرد دور الوسيط.. وهو دور الحكم.. مما يحتم على الطرف الكردي أن يكون إلى حد ما محايدا بين الطرفين. على أنه من المهم أن نشير إلى أن الطرف الكردي يجد أنه من المحتم عليه التدخل بالإشارة أو التنبيه إلى أن هناك ما هو غير صحيح أو غير دستوري، مما يمس مصالح البلاد أو يعوق الحركة الديمقراطية فيها أو ينعكس سلبا على المشروع الديمقراطي التحرري الكردي ملتزما بمعايير الحياد الإيجابي المحكوم بالمسؤولية الوطنية.

* وعدت حكومة المالكي بالعمل من أجل حل المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، لكن على أرض الواقع ليس هناك ما يشير إلى إحراز أي تقدم بهذا الصدد، كما أصدر رئيس الوزراء قرارا بتغيير أعضاء لجنة المادة 140.. ما تأثيرات هذا القرار على عمل اللجنة؟

- هناك اتفاق حول هذه المسألة بين مختلف الكتل وعلى الأخص بين «التحالف الكردستاني» و«التحالف الوطني».. الاتفاق على الورقة المشهورة والمعروفة بالتسعة عشر بندا، ينص على تحقيق هذه البنود وما أضيف إليها من الإخوة في «التحالف الوطني». الاتفاق موجود، وضرورة حل المشاكل العالقة أمر معترف به من قبل كل الأطراف.. لكن العديد من هذه النقاط لا يزال ينتظر الحل.. وفي الحقيقة فإن الحلول تتأتى من خلال العمل المتواصل والمثابرة والحرص على تحقيقها، ومن المهم أن نشير هنا إلى أنه يفترض بالطرف المقابل أن يتوفر على الاستعدادات الكفيلة بإنجاح عملية تنفيذ الاتفاقات كما ينبغي، وبنفس القدر على الطرف المطالب أن يتابع العمل وينسق الجهود للوصول إلى تحقيق مطالبه.. أما عن تغيير أعضاء اللجنة فإننا نرى أنه من الطبيعي أن يتم ذلك بحكم تغيير مجلس الوزراء كنتيجة للانتخابات الأخيرة وتشكيل الحكومة في ضوء مبادرة بارزاني؛ على أننا نرى أن اللجنة الحالية هي في نفس مستوى اللجنة السابقة من حيث توليفة الأعضاء فيها، وهي تتنوع لتشمل وزراء وممثلين عن حكومة إقليم كردستان ومحافظة كركوك ومكوناتها الثلاثة الأساسية وممثلين عن مختلف الجهات الأمنية العراقية، وما نأمله أن تسير اللجنة الأساسية واللجان الفرعية على وتيرة عمل اللجنة السابقة وصولا إلى تحقيق متطلبات المادة 140.

* صدرت في الفترة الأخيرة العديد من التصريحات حول تشكيل إقليم سني عراقي جديد؛ أنتم الكرد كنتم الوحيدين الذين رحبوا بهذه الفكرة؛ هل تعتقدون أن تشكيل أقاليم أخرى سيدعم العملية السياسية؛ أم سيضعفها كما يرى آخرون؟

- الموضوع ليس الترحيب بإقليم سني أو إقليم شيعي أو إقليم كردي.. الموضوع أولا هو أن العراق وفق الدستور هو دولة اتحادية ديمقراطية تعددية.. طبعا الدستور يضمن تشكيل الأقاليم، والأقاليم تكون على أساس مصالح السكان في منطقة من المناطق.. أعني المصالح المشتركة، والأفضلية التي يمنحها لهم موضوع تشكيل الأقاليم.. لذا فالكرد ينظرون إلى تشكيل أقاليم بشكل عام على أنه وضع مقبول دستوريا وشيء ينسجم أولا مع الدستور ومع شكل الدولة، وثانيا وحسب وجهة نظرنا تشكيل الأقاليم يؤدي إلى تشكيل حكومة أو دولة اتحادية متناسقة لأن لدينا أقاليم ولدينا محافظات ولدينا أشياء أخرى، فعملية التنسيق والإدارة في هذه الأشكال المختلفة وعلى هذه المستويات المختلفة هي عملية معقدة إذا قارناها بوجود بلد متشكل على أساس أقاليم متناسقة كما هو الحال في البلدان الفيدرالية الأخرى، فنحن نؤمن بأن الفيدرالية هي الطريق الصحيح للعراق، وتؤمن القدر الكافي من الحرية في تطوير مناطق العراق، وهي في الوقت نفسه تحفظ وحدة العراق حيث إنه عندما يكون المكون راضيا في بلده فإنه سيتمسك به.

* تضاربت التصريحات حول الترشيق الحكومي؛ ما هي المعايير التي تم اعتمادها في هذا الجانب؟

- إذا كان الترشيق ضروريا فيجب أن يجري أيضا وفق الاتفاقات التي تشكلت على أساسها الحكومة العراقية.. نحن لسنا ضد الترشيق إن كان ذلك ضروريا.. لكننا لسنا مع تغيير النسب التي تشكلت على أساسها الحكومة والوزارات لأن هذا يضيف تعقيدا آخر إلى تعقيداتنا الموجودة ويقلل من الثقة الموجودة أيضا.

* هناك حديث يدور حول وجود دور أميركي في تأزيم الوضع وتعقيد الخلافات السياسية، هل هناك نصيب من الصحة في مثل هذا الحديث؟

- أنا لا أتصور أن يكون هذا صحيحا، ولا أتصور أن تأزيم العلاقات السياسية أساسه الخارج، إنما أساسه أطراف أخرى، الطرف الأساسي المعني هم العراقيون أنفسهم، السياسيون العراقيون والأحزاب والقوى العراقية إذا لم تكن مستعدة للخلافات وإذا لم تفسح المجال لذلك، فلا يستطيع أي طرف أجنبي أن يؤثر على تماسك هذه القوى وتفاهمها والتنسيق بينها. إذن نحن السبب أولا، ثم يأتي الآخرون.. ويجب ألا نفتش عن السبب في الخارج، إنما ننظر إلى داخلنا ذلك أفضل وأصح.

* حول الانسحاب الأميركي من العراق، هناك وجهات نظر مختلفة رغم أن الجميع يكاد يتفق على ضرورة التمديد، لماذا تتردد القوى السياسية عن التصريح بتلك الضرورة؟

- بحسب قناعتي فإن أكثرية القوى السياسية العراقية تعي عدم استكمال استعداد القوات الأمنية العراقية.. أعني كل القوى الأمنية العراقية إن كانت من الجيش أو الشرطة أو قوى الأمن والاستخبارات. هناك جوانب لم تستكمل بعد، وهناك جوانب يحتاج استكمالها إلى وقت طويل، هناك جوانب بسيطة، وأخرى تحتاج إلى عقود، مثلا مسألة التجهيز والتسليح والمعرفة التكنولوجية. وحسب قناعتي أيضا فإن أكثرية القوى ترى ضرورة الاستفادة من الاتفاقية مع الولايات المتحدة الأميركية، ومن اتفاقية التعاون المشترك بين الطرفين، من أجل استكمال هذه النواقص في القوى الأمنية العراقية بطريقة تضمن أولا السيادة الكاملة لدولة العراق، وتضمن في الوقت نفسه توفير المستلزمات الضرورية لوجود المدربين والمساعدين والفنيين الذين تتطلب جهوزية القوات العراقية استمرار وجودهم.

* التيار الصدري لا يخفي معارضته الشديدة لأي تمديد لبقاء القوات الأميركية، بل إنه هدد بردود فعل عنيفة تجاه ذلك.. هل تعتقدون أن هذا التيار جاد في مقاتلة أميركا خاصة أنه لجأ إلى هذه التجربة سابقا وأخفق في تحقيق أهدافه؟

- كل تيار وكل قوة سياسية لها الحق في اتخاذ الموقف الذي تقتنع به، وأن تدافع عن هذا الموقف حسب الدستور العراقي ووفق القانون النافذ، أما في ما يخص رد فعل التيار الصدري فالإخوة في التيار الصدري حاليا هم شركاء في حكومة الشراكة الوطنية، وهم جزء فعال من منظومة الدولة العراقية، سواء كان ذلك ضمن البرلمان أو ضمن مجلس الوزراء أو ضمن مؤسسات الدولة الأخرى، وأنا مطمئن إلى أنهم سيتخذون الطريق الصحيح الذي ينسجم مع مصالح الشعب العراقي.

* في حال إصرار بعض القوى على سحب القوات الأميركية، هل تتوقعون تهديدات إقليمية، خصوصا أن إيران، في وجود أميركا، كانت وما زالت تهدد أمن الحدود العراقية عبر أراضي إقليم كردستان؟

- أولا انسحاب القوات الأميركية سوف يتم نهاية هذا العام وفق الاتفاقية، وإن وجدت هيئات أو أفراد أو حتى منظومات أميركية معينة في العراق فإن ذلك سيكون من أجل التدريب ومن أجل المساعدة الفنية.. أي لن يكون للقوات الأميركية المقاتلة تمركز في العراق كما نراها الآن.. هذا يجب أن يفهم أولا.. ثانيا إن تماسك القوى العراقية ووحدتها ووحدة موقفها هو العامل الحاسم الذي يؤثر على كل دول الجوار.. فعندما ترى دول الجوار أن العراق منقسم في داخله وممزق يعيش صراعات حزبية وسياسية لها أول وليس لها آخر، فمن المؤكد أن هذه الدول سيكون لها تأثير على هذه القوى أو تلك بما يضمن مصالح تلك الدول ويحقق مطالبها.

* هل صحيح أن أميركا تضغط على الجانب الكردي لتمديد بقاء القوات الأميركية في العراق؟

- لا.. ليست هنالك أي ضغوط، والكرد معروفون كشعب مستقل في رأيه ومستقل في علاقاته ويستطيع أن ينفذ وأن يحدد سياسة واقعية تنسجم مع مصالحه ومصالح الشعب العراقي، هذا ما جبلت عليه الأحزاب الكردستانية.. فإذا راقبنا مسيرة العراق الجديد من عام 2003 إلى الآن نرى أن الأحزاب الكردستانية هي عامل أساسي يعمل من أجل الوحدة الوطنية ومن أجل تحقيق الشراكة والتوافق بين مختلف مكونات الشعب العراقي، والقوى الكردستانية دافعت وستدافع عن المصالح العليا للشعب العراقي كأي قوى سياسية مسؤولة أخرى.

* القصف الإيراني لمناطق إقليم كردستان تجدد في الآونة الأخيرة ووصل في بعض الأحيان إلى حد اختراق الحدود، لكن موقف الحكومة العراقية كان باهتا.. ما أسباب عجز الحكومة عن وقف الاعتداءات الإيرانية على الحدود؟

- أولا موقف الحكومة العراقية كان ضمن الموقف المعروف دوليا، أولا هو الاحتجاج والتبليغ واستعمال الوسائط الدبلوماسية الممكنة وإيصال الصوت العراقي والاعتراض العراقي إلى أعلى المستويات في إيران، هذا حصل من قبل الحكومة العراقية، لكن الموضوع لماذا تعتبر الحكومة العراقية عاجزة من قبل بعض القوى أمام مثل هذه التدخلات؟.. فإذا كان هناك عجز أو نقص ما في الموقف العراقي فالسبب يعود أيضا إلى الانشقاقات والانقسام الداخلي والتمزق الداخلي.

* يقال إن القصف الإيراني يحظى بموافقة الحكومة العراقية.. هل هذا صحيح؟

- هذا غير صحيح إطلاقا.

* لماذا التأخير في رسم الحدود بين العراق والكويت والسعودية وإيران؟

- لأن المسألة معقدة وطويلة وفيها مصالح متداخلة تستوجب وقتا أطول وتأنيا ومباحثات.. هذه المشكلات في الحقيقة هي ليست وليدة اليوم، ولو كنا واقعيين فهي مشكلات كانت موجودة منذ قرون، ومن الجائز أن تبقى لعقود أخرى من الزمن.. لكن بالتأكيد الحكومة العراقية جادة في العمل من أجل إنهاء هذه الإشكالات وترسيم الحدود، وهناك لجان تعمل على مختلف المستويات ونتائجها إيجابية لحد الآن حسب علمي.

* الكتلة الكردستانية في البرلمان العراقي غير موحدة حتى في بعض القضايا القومية، رغم أن جميع الأطراف اعتبرتها قاسما مشتركا، أنتم تحاولون دائما تقريب الفرقاء العراقيين، أليس الأولى بكم ترتيب بيتكم الداخلي أولا؟

- بالتأكيد الأولى بنا ترتيب البيت الداخلي، وهذا ما نحن مستعدون لعمله، وسوف ننجح في ذلك بإذن الله.. صحيح أن الكتلة الكردستانية في البرلمان العراقي كتلة مكونة من مختلف الأحزاب ولها مختلف الآراء، إلا أن هناك خيطا قويا لا يزال يجمع كل هذه التوجهات الكردية في البرلمان العراقي.

* هناك حديث دائم حول تقييم أداء الكتلة الكردية داخل البرلمان العراقي مع إشارات ضعيفة حول أداء الوزراء الكرد في الحكومة الحالية، أنتم كجزء من هذه الحكومة ما تقييمكم لأداء الوزراء الكرد حتى الآن؟

- أولا الفترة قصيرة ولا تتسع للحكم على مستوى أداء الوزارة والوزير.. في الحقيقة لدينا وزارات كالخارجية تعمل بجد ونشاط، والصحة وهي جيدة كما جاء في تقييم أدائها، أما وزارة التجارة فأداؤها لا بأس به ونأمل منها الأفضل مستقبلا.. ومثل ذلك في وزارة المهجرين ووزارة المجتمع المدني.. يلي ذلك الوزراء الكرد الذين يحملون صفة وزير الدولة فهم يقومون بالواجبات الموكلة إليهم بنشاط ومثابرة ويخضعون لتقييم مستمر وحث على أداء أفضل. أريد هنا أن أشير إلى مسألة مهمة، وهي أن التقييم عادة يبدأ الحديث عنه بعد انقضاء نصف المدة من عمر الحكومة.. أما ونحن نتحرك في الأشهر الأولى من تشكيل الحكومة العراقية الحالية لذا فإنه يمكن وصف الأداء الحالي والنظر إليه على أنه مرحلة استكشاف وتعلم، على أن تأتي الانطلاقة في ما بعد.

* تحالف الحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني يفسر من بعض أطراف المعارضة على أنه يلحق الضرر بهم خصوصا أثناء توزيع المناصب في بغداد أو أربيل؟

- أي تحالف يجب ألا يلحق الضرر بأحد.. بل يجب أن يكون نواة لتقارب بقية القوى. وبطبيعة الحال إذا كانت نتائج الانتخابات تعطي أفضلية لحزب على حزب آخر فهذه الأفضلية ستظهر في ما بعد، في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء وفي مختلف المستويات الأخرى.. هذا شيء طبيعي.. أما التحجج بأن التحالف مضر وبأنه احتكار للمناصب فهذا رأي الناخب الكردي الذي أعطى ثقته وأعطى صوته لهذه الأحزاب كما أعطى ثقته للأحزاب المسماة بالمعارضة، فكل حسب الأصوات التي حصل عليها.. يجب أن نتقيد جميعا بشروط وقواعد الديمقراطية.

* الاتفاقية الاستراتيجية بينكم تثير بعض التساؤلات في قواعد الحزبين؛ ما مصير ذلك الاتفاق؟

- التحالف بين الحزبين هو تحالف استراتيجي، فنحن نأمل قيام تحالف استراتيجي بين مختلف القوى الكردستانية.. لكن في رأيي يتوجب تفسير صفة الاستراتيجي تفسيرا صحيحا، إذ إنها لا تعني غض الطرف أو عدم إعادة النظر في تفاصيل وجزئيات ما يترتب على التحالف بين القوى السياسية أو ما يتعلق منها بالخطط المستقبلية والابتعاد عن الجمود عند مرحلة معينة من عمل التحالف، إذ إن ذلك مدعاة للتقهقر ونحن في غنى عن أي مسبب للتراجع ولا يمكن أن نسمح بذلك.

* بعض أحزاب المعارضة في كردستان تشعر بالغبن جراء احتكار الحزبين الرئيسيين لمناصب الدولة، وتفسر أسباب انفصال التغيير عن الاتحاد بهذا الاتجاه؟

- أولا في ما يخص التحالف أتذكر أنني أجبت عن هذا السؤال.. وأسباب تكون تنظيم التغيير وابتعاده عن الاتحاد الوطني هذه مسألة تخص الحزبين الكرديين، وهناك تحليلات متعددة وآراء متعددة حول هذا الموضوع ولا تنحصر فقط في المناصب السياسية.