الشرطة البريطانية تعتقل شخصا آخر في إطار التحقيقات في فضيحة التنصت

اعتقال مدير التحرير السابق للصحيفة الذي عمل 29 عاما فيها يرفع عدد المعتقلين إلى 11

TT

ارتفع عدد الموقوفين في بريطانيا جراء فضيحة التنصت (هاك غيت) إلى 11 شخصا أمس، مع اعتقال مدير التحرير السابق لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، التي كانت تملكها «نيوز إنترناشيونال». وأعلنت الشرطة أن رجلا في السبعين من عمره اعتقل في لندن في إطار التحقيق حول فضيحة التنصت التي مارستها الصحيفة، وتوقفت عن الصدور بسببها في 10 يوليو (تموز) الماضي بعد 168 سنة من النشر.

وقالت شرطة سكوتلانديارد إنها «اعتقلت رجلا يشتبه في أنه متورط في عملية التنصت والفساد» من دون كشف اسمه. لكن شبكتي «سكاي نيوز»، التي يملك روبرت مردوخ، رئيس «نيوز كوربوريشن» 39 في المائة من أسهمها، و«بي بي سي»، ذكرتا أن الموقوف هو ستيوارت كاتنر مدير التحرير السابق في الصحيفة، الذي استقال من منصبه في 2009 بعد خدمة استمرت 29 سنة قضاها في خدمة الصحيفة، منها 22 سنة كمدير تحرير. وأضافت الشرطة أن الشخص (71 عاما) حضر بنفسه إلى محطة الشرطة، أي أنه اعتقل بناء على «موعد سابق» مع جهاز الشرطة.

وأضافت الشرطة أمس أنه ما زال يخضع لاستجواب رجال الشرطة ورهن الاعتقال في تهم تخص التنصت وكذلك الفساد، وتتضمن رشاوى قدمت إلى بعض رجال الشرطة المتهمين بالتعاون مع المحققين الخاصين للصحيفة والتنفيذيين فيها لقاء تزويدهم بمعلومات. وكانت الشرطة قد اعتقلت واستجوبت 10 أشخاص في إطار التحقيقات الجارية. وجميع من اعتقلوا تم إطلاق سراحهم بكفالة.

وكانت عمليات التنصت التي قام بها تحريون خاصون طالت أربعة آلاف شخص من شخصيات سياسية وأفراد في العائلة المالكة ومشاهير وضحايا اعتداءات السابع من يوليو 2005 في لندن، وتلميذة في الـ13 قتلت في 2002، والتي بسبب قضيتها التي كشفتها صحيفة «الغارديان» قبل أسابيع فتح الملف ثانية وبدأت الشرطة في التحقيقات فيها، كما تم تشكيل لجنة من قبل الحكومة بصلاحيات مطلقة في عملية التحقيق على المستوى الوطني.

وكانت الفضيحة قد أدت إلى استقالة عدد من المقربين من قطب الإعلام روبرت مردوخ ومسؤولين في الشرطة البريطانية ومعاون لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. واضطر روبرت مردوخ وابنه جيمس رئيس «بي سكاي بي» للمثول أمام لجنة برلمانية في 19 يوليو الماضي لتقديم إجابات حول مدى علمهما بعمليات التنصت، وهذا ما نفاه الاثنان خلال الجلسة. إلا أن حقائق أخرى ظهرت على السطح بعد الجلسة أمام اللجنة بينت أن هناك تناقضات في الإجابات التي قدمها جيمس مردوخ، وتبين أن عمليات التنصت كانت أوسع مما كان معروفا، وأن بعض التنفيذيين في الصحيفة اضطروا لتسوية خلاف مع بعض الضحايا لتفادي فضح المزيد وإظهار الكثير من المعلومات، وهذا ما جاء في بيان وزعه رئيس تحرير الصحيفة السابق ومحاميها، كولين مايلر وتوم كرون، بينا فيه أن ما قاله جيمس مردوخ لم يكن دقيقا. وبعد إصدار البيان أحالت اللجنة البرلمانية الموضوع إلى جهاز الشرطة، الذي قد يحقق في الموضوع، كما صرحت، كما طلبت من جيمس مردوخ تقديم توضيح للتناقضات بين ما قاله أمامها وما جاء في بيان، وأعطته مهلة ليتسنى من عمل ذلك.

وخلال جلسة استماع أمام لجنة برلمانية في يوليو، أكدت ريبيكا بروكس التي أرغمت على الاستقالة من منصب المديرة التنفيذية لـ«نيوز إنترناشيونال» الفرع البريطاني لـ«نيوز كوربوريشن»، أنه كان على مجلس إدارة الصحيفة الموافقة على دفع التحريين الخاصين. وبروكس التي كانت تتمتع بعلاقة خاصة مع روبرت مردوخ حتى استقالتها قبل أسابيع كانت هي الأخرى ضمن المعتقلين العشرة، وكذلك آندي كولسون، الذي عمل رئيس تحرير الصحيفة مثل بروكس وكذلك مديرا إعلاميا لديفيد كاميرون في مقر رئاسة الوزراء بعد استقالته من الصحيفة.

من جهة أخرى، حذرت مجموعة «نيوز إنترناشيونال» التي يملكها مردوخ، أمس الثلاثاء، من أن قراصنة معلوماتيين سرقوا معلومات شخصية لقراء من صحيفة «ذي صن» البريطانية في الهجوم على موقع الصحيفة الإلكتروني الشهر الماضي. وأبلغت الصحيفة الأوسع انتشارا في بريطانيا مساء الاثنين القراء عبر البريد الإلكتروني بأن حواسبهم قد تكون تعرضت للقرصنة. وكانت الشرطة البريطانية قد وسعت تحقيقها الأسبوع الماضي ليشمل ليس فقط اختراق التلفونات وإنما أيضا أجهزة الكومبيوترات الشخصية.

الفضيحة أساءت إلى المؤسسة البريطانية بشكل عام، الحكومة والمعارضة، إضافة إلى الأجهزة الأمنية، التي تبين أنها تلقت أموالا من الصحيفة. وتبين أن السياسيين يجتمعون باستمرار مع المتنفذين في الصحف الشعبية خصوصا الصحف التي تملكها مؤسسة مردوخ.

وكانت الحكومة البريطانية قد اعترفت بأن وزير الخزانة البريطاني جورج أوسبورن التقى 16 مرة بمديرين تنفيذيين من مجموعة «نيوز إنترناشيونال»، وهي المجموعة الإعلامية التي تتمحور حولها فضيحة التنصت على الهواتف. ووافقت الحكومة على نشر تفاصيل كل الاجتماعات الوزارية مع مسؤولين إعلاميين بارزين في أعقاب الفضيحة التي تسببت في عدد من الاستقالات. وشملت اجتماعات وزير الخزانة لقاءين مع روبرت مردوخ وخمسة اجتماعات مع ابنه جيمس، وريبيكا بروكس. وكشف كاميرون في وقت سابق هذا الشهر الماضي أنه التقى مديرين تنفيذيين في «نيوز كورب» 26 مرة منذ توليه المنصب في أواخر مايو (أيار) من العام الماضي. وسلطت القضية الضوء على العلاقات المشبوهة بين الإعلام والشرطة والسياسيين. واضطر مردوخ إلى التخلي عن عرض للاستحواذ الكامل على قناة «بي سكاي بي» التلفزيونية الفضائية وهي قناة خاصة رائجة بها 10 ملايين مشترك.

ومن جانب آخر، عاد إلى المحكمة الممثل الكوميدي البريطاني الذي أدين بإلقاء طبق به رغوة صابون على روبرت مردوخ أثناء عملية الاستجواب أمام اللجنة البرلمانية في 19 مايو الماضي. ويوم الجمعة الماضي، أقر جوناثان ماي بولز، المعروف باسم جوني ماربل، بأنه مذنب في مهاجمته لمردوخ. وألقى الممثل (26 عاما)، وهو من وندسور غرب لندن، بالرغوة على وجه روبرت مردوخ. وهبت ويندي دينغ، الزوجة الثالثة لمردوخ (80 عاما)، من مكانها على الفور، وصفعت المهاجم على وجهه. وعلقت جلسة البرلمان لمدة 15 دقيقة وتم إخلاء القاعة. وعاد مردوخ للجلسة لاستكمال الإدلاء بأقواله من دون سترته التي لوثتها الرغوة.